الأحد 4 مايو 2025

عرب وعالم

"بلومبرج": جيروم باول يتحدّى ترامب ويُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير

  • 4-5-2025 | 15:29

ترامب

طباعة
  • دار الهلال

ذكرت وكالة (بلومبرج) الأمريكية اليوم /الأحد/، أن السياسة النقدية الأمريكية تعيش لحظة حرجة، إذ يجتمع مسئولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يومي /الثلاثاء/ و/الأربعاء/ المقبلين في واشنطن وسط ضغوط متضاربة؛ حيث يسعى البنك المركزي الأمريكي إلى إبقاء أسعار الفائدة ثابتة لضبط التضخم، بينما لا يتوقف الرئيس دونالد ترامب وبعض مستشاريه عن مطالبته بخفض الفائدة لدعم النمو.

وفي هذا المأزق، قد يكون رئيس البنك المركزي الأمريكي جيروم باول قد وجد بعض العزاء في بيانات حكومية صدرت يوم الجمعة الماضي أظهرت زيادة قوية في عدد الوظائف، بلغت 177 ألف وظيفة خلال أبريل، مما يعزز الثقة في متانة سوق العمل، وهو ما يتيح للبنك تبرير الإبقاء على سياسته النقدية دون تغيير. 

وفي الوقت نفسه، أظهر المؤشر المفضل للفيدرالي لتتبع التضخم استمرار تراجع الضغوط السعرية تدريجيًا، وهو ما قد يُعتبر خبرًا جيدًا للبنك لولا المخاوف من أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على الواردات قد تعيد إشعال التضخم، مما يعقد المشهد مجددًا.

وعلى صعيد البيانات الأمريكية، سيكون الأسبوع الجديد خفيفًا نسبيًا، إذ تصدر غدا /الإثنين/، قراءة مؤشر معهد إدارة التوريد لقطاع الخدمات عن أبريل، فيما سيتحول التركيز لاحقًا إلى بيانات طلبات إعانة البطالة لرصد أي إشارات على زيادة وتيرة تسريح العمالة.

ولا تقتصر هذه الحالة من الضبابية على الولايات المتحدة، بل باتت السمة السائدة لعمل البنوك المركزية الكبرى حول العالم؛ ففي ظل استمرار الإدارة الامريكية في التفاوض بشأن اتفاقيات تجارية جديدة، يصبح من شبه المستحيل توقع المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي، مما يزيد من صعوبة وضع سياسات نقدية واضحة.

وفي أوروبا، استمر البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة استباقًا لموجات تضخم ضعيفة ونمو متباطئ نتيجة الرسوم الأمريكية، إلا أن بيانات حديثة أظهرت أن التضخم في منطقة اليورو ظل مستقرًا، بل إن بعض المؤشرات الأساسية سجلت ارتفاعًا غير متوقع.أما في كندا، فقد لجأ بنك كندا المركزي في أبريل إلى التخلي عن تقليده المعتاد بنشر سيناريو أساسي واحد للتوقعات الاقتصادية، مفضلًا بدلاً من ذلك إصدار سيناريوهين متباينين يعتمدان كليًا على مصير النزاع الجمركي مع الولايات المتحدة.

ومن المنتظر أن يعقد رئيس الوزراء الكندي المنتخب حديثًا، مارك كارني، اجتماعًا مع ترامب خلال الأسبوع الجاري، في الوقت الذي يبدأ فيه أيضًا تشكيل حكومته.

وعلى المستوى الدولي، تُعقد عدة اجتماعات للسياسة النقدية خلال الأسبوع، مع توقعات بخفض الفائدة في كل من المملكة المتحدة وبولندا، مقابل رفع للفائدة في البرازيل، واستقرار في السويد والنرويج.

وفي آسيا، ستصدر بيانات حول نشاط المصانع والخدمات في عدد من الدول، من بينها الصين واليابان وسنغافورة والهند، ما سيمنح لمحة مبكرة عن التأثيرات المتزايدة للحرب التجارية الأمريكية. 

أما الصين، فتصدر بعد غد الثلاثاء تقرير كايشين لنشاط المصانع لشهر أبريل، في وقت بدأت فيه المؤشرات الاقتصادية عبر آسيا تسجل تدهورًا مفاجئًا بسبب تصعيد الحرب التجارية.

وفي سياق منفصل، سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على كيفن وورش ليعود لدائرة الضوء كالمرشح الأبرز لقيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ولاية ترامب الثانية.

ففي مشهد ذي دلالة اقتصادية وسياسية عميقة، وخلال مراسم توقيع اتفاق تجاري في البيت الأبيض يناير 2020، خصّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق كيفن وورش، بإشادة علنية أظهرت حجم الثقة التي يحظى بها في الأوساط الجمهورية؛ قائلا مخاطبًا وورش: "كنت سأكون سعيدًا بك، كنت سأستفيد منك قليلًا هنا، لماذا لم تكن أكثر إصرارًا عندما أردت تلك الوظيفة".

وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية - في تقريرها اليوم /الأحد/ نشرته عبر موقعها الإلكتروني - أن تلك الإشارة لم تمر مرور الكرام، إذ أعادت تسليط الضوء على وورش كأحد الأسماء الأبرز المطروحة لقيادة البنك المركزي الامريكى خصوصًا مع اقتراب انتهاء ولاية جيروم باول الذي ظل ترامب ينتقده علنًا منذ سنوات، رغم كونه اختياره الأصلي لرئاسة البنك المركزي في 2017.

ومع بقاء حوالي عام على انتهاء ولاية باول، يُنظر إلى وورش مرة أخرى كمرشح بارز لرئاسة بنك الفيدرالي، حيث شغل وورش مقعد في مجلس بنك الفيدرالي بين 2006 و2011، دخل التاريخ كأصغر محافظ في عمر 35 عامًا.

وفي أروقة وول ستريت، يُعتبر وورش من الأسماء القوية لخلافة باول، خصوصًا أنه لطالما انتقد سياساته، حيث طرح اسمه العام الماضي كمرشح توافقي محتمل لقيادة وزارة الخزانة وسط صراع داخلي بين شخصيات مالية أخرى مثل سكوت بيسنت وهوارد لوتنيك. 

وكشف بيسنت، الذي تولى لاحقًا وزارة الخزانة الأمريكية، لوكالة بلومبرج الامريكية أن البيت الأبيض سيبدأ مقابلات لاختيار رئيس بنك الفيدرالي لاحقًا هذا الخريف.

لكن تعيين وورش لن يمر من دون أسئلة صعبة، لا سيما حول مواقفه المتشددة منذ سنوات تجاه التضخم وانتقاده للتوسع الكبير في ميزانية الفيدرالي. 

ويرى وورش أن اعتماد بنك الفيدرالي المفرط على أسعار الفائدة المنخفضة وعمليات شراء الأصول خلق خلطًا خطيرًا بين السياسة النقدية والمالية، مما شجع الحكومة على إنفاق غير مستدام؛ ما قد تصطدم هذه الرؤية برغبة البيت الأبيض في دفع عجلة النمو عبر سياسات نقدية أكثر مرونة.

ومع ذلك، يعتبره بعض مراقبي بنك الفيدرالي خيارًا أكثر واقعية مقارنة بأسماء طرحت خلال ولاية ترامب الأولى، مثل جودي شيلتون أو هيرمان كاين، اللذين لم يتمكنا حتى من دخول مجلس بنك الفيدرالي بسبب المعارضة الجمهورية؛ من بين الأسماء الأخرى المطروحة أيضًا: كيفن هاسيت، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، وسكوت بيسنت، حاليًا وزير الخزانة، وكذلك كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الفيدرالي الحالي.

ووفقا لتقرير (واشنطن بوست)، فإن وورش يواجه تحديًا فقد مضى نحو 15 عامًا منذ أن كان في موقع حكومي رسمي. 

وأشار محللون اقتصاديون إلى أن الرؤساء الثلاثة السابقين لبنك الفيدرالي— باول، يلين وبرنانكي — جاءوا جميعًا من مناصب عليا داخل البنك المركزي، بينما بقي وورش خارجه ناقدًا لا صانع قرار.

من جهته، قال ترامب إنه لا ينوي إقالة باول، رغم انتقاداته المتكررة لرفضه خفض الفائدة لتعويض آثار السياسات التجارية المثيرة للجدل، ومن غير الواضح متى يمكن لترامب استبدال باول فعليًا، إذ تنتهي ولايته كرئيس للفيدرالي في مايو 2026، بينما يبقى عضوًا في المجلس حتى يناير 2028.

وكانت بدايات وورش المهنية عام 1995 كمصرفي اندماجات واستحواذات في بنك مورجان ستانلي، قبل أن ينتقل في 2002 إلى إدارة بوش الابن كمستشار اقتصادي، ثم يُعين في بنك الفيدرالي عام 2006 حيث لعب دور حلقة الوصل مع وول ستريت خلال أزمة 2008، قبل استقالته في 2011.

وفي خطاب ألقاه الأسبوع الماضي على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، وجّه وورش انتقادات حادة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، معتبرًا أن أخطاءه المنهجية ساهمت في انفلات التضخم بعد الجائحة؛ كما اعتبر أن انخراط الفيدرالي في قضايا سياسية مثل المناخ أضعف استقلاليته عن السلطة التنفيذية.

وقال وورش "جراح الفيدرالي الحالية هي إلى حد كبير من صنع يديه»، معتبرًا أن المجلس بحاجة إلى رقابة قوية ومحاسبة عند وقوع الأخطاء.

وأضاف أن الفيدرالي رغم صواب قراره بشراء السندات لانتشال الاقتصاد من أزمة 2008، أخطأ حين واصل هذه السياسات سنوات طويلة بعدها، مشيرا إلى أن استمرار هذه السياسة سهّل على الكونجرس تمرير عجز مالي أكبر بفضل الدعم غير المباشر من الفيدرالي.

اليوم، وورش هو محاضر في كلية ستانفورد للأعمال، وباحث في معهد هوفر المحافظ، وشريك تجاري للمستثمر الشهير ستانلي دراكنميلر؛ ويعد زواجه من جين لودر، وريثة إمبراطورية مستحضرات التجميل «إستي لودر»، عزز حضوره في أوساط الحزب الجمهوري، لا سيما أن والد زوجته، الملياردير رونالد لودر، يعد من أبرز حلفاء ترامب؛ وهو نفسه من طرح على الرئيس السابق فكرة شراء جرينلاند خلال ولايته الأولى.

الاكثر قراءة