الجمعة 9 مايو 2025

عرب وعالم

"فورين بوليسي": مخاطر تصاعد الصراع بين الهند وباكستان وتحوله لصراع نووي قائمة

  • 8-5-2025 | 12:45

الهند وباكستان

طباعة
  • دار الهلال

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الهجوم المسلح في الشطر الهندي من كشمير، الذي أودى بحياة 26 سائحا الشهر الماضي، كان أول حادث إرهابي كبير في المنطقة منذ فبراير 2019، عندما استهدف تفجير انتحاري قافلة للشرطة الهندية في منطقة بولواما الواقعة في الشطر نفسه من إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان.

وتعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بعد وقت قصير من الهجوم، بملاحقة المسلحين وداعميهم حتى "أقاصي الأرض".

وفي ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء بالتوقيت المحلي، أطلقت الهند وابلا من الصواريخ على الشطر الباكستاني من كشمير وإقليم البنجاب المجاور، فيما لجأت باكستان إلى نيران المدفعية ضد مواقع هندية على طول خط السيطرة، وهو الحدود الدولية الفعلية في كشمير المتنازع عليها.

وترى المجلة الأمريكية أن باكستان بلا أدنى شك سترد على هذه الضربة الصاروخية الهندية الأولية، مدفوعة بعدة عوامل، يتمثل أبرزها في أنه لا يمكن للجيش الباكستاني، الذي طالما هيمن على المشهد السياسي في البلاد، أن يدع هجوما على أراضيه من خصمه الرئيسي يمر دون رد. كما أنه على الرغم من وجود حكومة منتخبة في باكستان، إلا أن قائد الجيش الباكستاني عاصم منير يُعرف كقائد عسكري بمواقفه العدائية تجاه الهند.

وتساءلت "فورين بوليسي" عما إذا سيؤدي رد باكستان المحتمل إلى انزلاق الدولتين في دوامة تصعيدية تنتهي باستخدام الأسلحة النووية؟ 
وأوضحت المجلة أنه لطالما طارد هذا القلق الخبراء الاستراتيجيين في الخارج، على الرغم من أن المسؤولين الهنود والباكستانيين ظلوا متفائلين بشأن تجنب هذه المخاطر. وأرجعت المجلة هذا التفاؤل حيال عدم تصعيد الموقف نحو استخدام السلاح النووي، إلى أن أيا من الدولتين لا ترغب في أن تصنفا كأول منتهك لحظر الأسلحة النووية المفروض بعد حادث هيروشيما (إلقاء الولايات المتحدة قنبلة ذرية على اليابان)، علاوة على أن استخدام الأسلحة النووية سيؤدي إلى دمار هائل في كلا البلدين .

وتؤكد المجلة أنه بالرغم من هذه التحاليل التي تبدو منطقية، إلا أن هناك ما يدعو إلى الخوف من دوامة الصراع وتصعيده، خاصة وأن العقيدة النووية الباكستانية تتجنب صراحة مبدأ "سياسة عدم المبادرة بالاستخدام". لذا، إذا واجهت إسلام آباد ما تعتبره تهديدا وجوديا، فإنها تحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية. كما أن باكستان تستخدم أسلحة نووية تكتيكية قصيرة المدى، يتم نشرها مسبقا، ويفترض أنها تهدف إلى صد أي توغل هندي تقليدي كبير .

وعلى الجانب الآخر، ورغم تمسك الهند طويلا بعقيدة عدم المبادرة باستخدام السلاح النووي، إلا أنها خففت من موقفها بشكل غير رسمي في السنوات الأخيرة، حيث يرى بعض المراقبين أن الهند تسعى إلى امتلاك قدرات فعلية لشن الضربة الأولى.

وحول موقف واشنطن من الأزمة، أشارت "فورين بوليسي" إلى أن الولايات المتحدة لعبت دورا رئيسيا في احتواء ونزع فتيل الأزمات الهندية الباكستانية السابقة، بما في ذلك تلك التي وقعت بعد تجاوز البلدين العتبة النووية عام 1998، إلا أن واشنطن هذه المرة تركز على مجموعة من قضايا السياسة الداخلية والخارجية الأخرى؛ وقد لا تكون مستعدة أو قادرة على تخصيص الوقت والموارد لمنع المزيد من التصعيد .

وبينت المجلة أنه منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير الماضي، لم يكن للولايات المتحدة سفيرا في نيودلهي، ولم يتم تعيين أي مساعد لوزير الخارجية لشؤون جنوب ووسط آسيا. ونتيجةً لذلك، وقع على عاتق وزير الخارجية ماركو روبيو - الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن القومي المؤقت - محاولة حث الطرفين على ممارسة ضبط النفس. ويبقى التساؤل حول ما إذا كانت دعوة روبيو ستلقى استجابة في كلا العاصمتين.

وبالنسبة لمحاولات عواصم أخرى نزع فتيل الأزمة، لفتت المجلة الأمريكية إلى أنه في خطوة غير مسبوقة، زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي باكستان لتهدئة التوترات، إلا أن محاولته ستثبت على الأرجح أنها غير فعالة. فرغم علاقات إيران الراسخة بكل من الهند وباكستان، إلا أنها تفتقر إلى النفوذ الدبلوماسي أو السياسي اللازم لتكون وسيطا فعالا.

وعليه، وفي ظل الأوضاع الراهنة، إذا ثبت أن الإجراءات الانتقامية الباكستانية متهورة وألحقت أضرارا جسيمة بالهند، سواء أكانت عسكرية أم مدنية، فقد ينشأ تصعيد حاد، حيث ستشعر الهند، التي تواجه ضغوطا شعبية، أنه لا خيار أمامها سوى مواصلة الانتقام. وقد تؤدي الردود المتبادلة إلى ما يسميه خبراء الأمن تصعيدا غير مقصود - وهو شبح طارد أوروبا الغربية طويلا في مواجهتها للتهديد السوفيتي، ويلوح الآن في منطقة جنوب آسيا.

الاكثر قراءة