يترقب المستثمرون نتائج المحادثات الأمريكية الصينية، التي استأنفت اليوم بشأن الرسوم الجمركية، في محاولة لتخفيف النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، الذي أثار حالة من القلق في الأسواق المالية العالمية؛ ورغم التفاؤل الذي عبر عنه بعض المستثمرين فإن العديد منهم لا يتوقعون تحقيق اختراق كبير في هذه المحادثات في الوقت الحالي.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - عبر وسائل التواصل الاجتماعي - إنه تم إحراز "تقدم كبير" في المحادثات، مشيراً إلى إمكانية "إعادة ضبط شامل" كأحد الاحتمالات أثناء الجلسة الثانية والأخيرة من المحادثات في جنيف؛ وفق ما نقلته صحيفة (ذا إيكونوميست تايمز ).
ولم تصدر الصين تعليقًا مباشرًا على هذه المحادثات، لكن وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" اتخذت موقفًا حازمًا، قائلة إن الصين "سترفض بشدة أي اقتراح يتنازل عن المبادئ الأساسية أو يقوض العدالة العالمية".
ورغم التفاؤل الذي أبداه ترامب اليوم، لم يقدم تفاصيل إضافية حول ما تم التوصل إليه، كما لم تقدم الإدارة الأمريكية أي تفاصيل دقيقة خلال أو بعد اليوم الأول من المحادثات. وأكد مسئولان أن المحادثات استؤنفت صباح اليوم في جنيف.
ومن المتوقع أن تسهم هذه المحادثات في تهدئة الأسواق العالمية التي تأثرت بتوترات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي تسببت في توقف بعض السفن في الموانئ وعدم تحميل البضائع الصينية حتى الحصول على تعليمات بشأن الرسوم الجمركية.
وذكرت وكالة "شينخوا": "يجب ألا تكون المحادثات ذريعة للاستمرار في فرض الضغوط أو الابتزاز، وسترفض الصين بشدة أي اقتراح يضر بالمبادئ الأساسية أو يقوض العدالة العالمية".
وتشير التقارير إلى أن العديد من القوافل من السيارات السوداء كانت تدخل وتخرج من إقامة السفير السويسري لدى الأمم المتحدة في جنيف، حيث استضافت المحادثات التي تهدف إلى تهدئة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وخلال الشهر الماضي، رفع ترامب الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين إلى 145%، وردت الصين بفرض رسوم بنسبة 125% على الواردات الأمريكية؛ مما أدى إلى تعليق التجارة بين البلدين بشكل فعلي، مما يعطل التجارة التي تجاوزت 660 مليار دولار العام الماضي.
وقبل بدء المحادثات، اقترح ترامب - يوم الجمعة الماضية - أن الولايات المتحدة قد تخفض الرسوم الجمركية على الصين، قائلاً - في منشور على "تروث سوشيال" - "الرسوم الجمركية بنسبة 80% تبدو مناسبة! الأمر متروك لسكوت!" في إشارة إلى سكوت بيسينت، كبير المفاوضين ووزير الخزانة الأمريكي.
وتعد هذه المحادثات هي الأولى التي يلتقي فيها الجانبان وجهًا لوجه لمناقشة القضايا، ورغم أن التوقعات بتحقيق اختراق كبير تبدو ضئيلة، فإن أي تخفيض بسيط في الرسوم الجمركية، خصوصًا إذا تم اتخاذه من الجانبين في نفس الوقت، سيساعد في استعادة بعض الثقة.
وقال جيك وارنر، مدير برنامج شرق آسيا في معهد كوينسي لسياسات الدولة المسئولة: "المفاوضات لبدء تهدئة الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين أمر بالغ الأهمية، ومن الإشارة الإيجابية أن كلا الجانبين تمكنا من تجاوز الخلافات حول من يجب أن يتصل أولاً."
وقد كانت الحرب التجارية مع الصين هي الأكثر حدة، حيث فرض ترامب رسومًا على الصين تشمل 20% من الرسوم بهدف الضغط على بكين لوقف تدفق مادة الفنتانيل الأفيونية إلى الولايات المتحدة، كما تشمل الـ 125% المتبقية نزاعًا يعود إلى ولاية ترامب الأولى، مما يعني أن إجمالي الرسوم على بعض السلع الصينية يمكن أن يتجاوز 145%.
كما أن العجز التجاري للصين، الذي بلغ 263 مليار دولار العام الماضي، كان هدفًا رئيسيًا لانتقادات ترامب.
وانطلقت المفاوضات التجارية بين وزارة الخزانة الأمريكية وكبار المسؤولين الصينيين في سويسرا، أمس السبت، بهدف تهدئة النزاع الذي يهدد بقطع التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم ويؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.
ووفقا للتقارير الإعلامية، بدأ وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت، والممثل التجاري الأمريكي جيمي جرير، اجتماعات في جنيف مع وفد صيني يقوده نائب رئيس الوزراء هي ليفينج، بحسب ما نقلته وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية.
وقال مصدر دبلوماسي - لوكالة "أسوشيتيد برس" - إن الجانبين اجتمعا لمدة ساعتين تقريبا قبل مغادرتهما لحضور غداء تم ترتيبه مسبقا.
ويخطط بيسينت وجرير للاجتماع أيضا مع الرئيس السويسري كارين كيلر-سوتير، لمناقشة رسوم ترامب التي فرضها ضد سويسرا، حيث علق ترامب الشهر الماضي خطط لفرض رسوم بنسبة 31% على السلع السويسرية، والتي تعد أكثر من الرسوم بنسبة 20% التي فرضها على صادرات الاتحاد الأوروبي، والتي خفضها حاليا إلى 10% لكن قد ترتفع مجددا.
ووفقا لـ"أسوشيتيد برس"، تتبع الحكومة السويسرية نهجا حذرا، لكنها حذرت من تأثير ذلك على الصناعات السويسرية الحيوية مثل الساعات، وكبسولات القهوة، والجبن، والشوكولاتة.
وقالت الحكومة السويسرية - الأسبوع الماضي - "زيادة التوترات التجارية ليست في مصلحة سويسرا.. من شأن التدابير المضادة ضد زيادات الرسوم الجمركية الأمريكية أن تترتب عليها تكاليف للاقتصاد السويسري، لا سيما من خلال جعل الواردات من الولايات المتحدة أكثر تكلفة"، مضيفة أن الفرع التنفيذي "لا يخطط في الوقت الحالي لفرض تدابير مضادة".
وأشارت الحكومة السويسرية إلى أن صادراتها إلى الولايات المتحدة امس، خضعت لرسوم جمركية إضافية بنسبة 10%، ومن المقرر أن تزداد الرسوم إلى 21% اعتبارا من الأربعاء المقبل.
وتعد الولايات المتحدة هي ثاني أكبر شريك تجاري لسويسرا بعد الاتحاد الأوروبي، وبحسب الحكومة السويسرية فإن تجارتها مع التجارة الولايات المتحدة قد تضاعفت أربع مرات خلال العقدين الماضيين، مشيرة إلى أنها ألغت جميع الرسوم الجمركية الصناعية في مطلع العام الماضي، ما يعني أن 99% من جميع السلع الأمريكية يمكن استيرادها إلى سويسرا بدون رسوم جمركية.