أضحت مسألة تخصيب طهران لليورانيوم بؤرة الخلاف في مفاوضاتها الجارية مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، ففي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى منع إيران من تخصيبه على أرضها، ترد الأخيرة مؤكدة أن هذا الأمر حق غير قابل للتفاوض، مما يثير الكثير من الشكوك حول إمكانية إبرام اتفاق في هذا الإطار.
وتريد الولايات المتحدة، أن تلغي حق طهران في تخصيب اليورانيوم على أرضها، وتطرح عوضًا عن ذلك إمكانية استيراده من الخارج، في حين تؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي، ولا غرض لها في توظيفه لأغراض عسكرية، ومن منطلق هذا، تتمسك بحق تخصيب اليورانيوم على أرضها، لكنها لا تمانع التخلي عن مخزوناتها عالية التخصيب.
ويأتي ذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة سبق أن أبدت استعدادها لقبول تخصيب طهران لليورانيوم بشكل منخفض المستوى، في إطار الاتفاق المحتمل توقيعه بين البلدين.
وتبدو الولايات المتحدة قلقة من أن تسمح لطهران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم، مما يمكنها من إنتاج سلاح نووي، وهو ما يعتبره الأمريكيون مسألة خطيرة للغاية.
تخصيب اليورانيوم
عُقدت الجولة الرابعة والأخيرة من المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني بين واشنطن وطهران، يوم الأحد الماضي، في العاصمة العمانية مسقط، في ظل تأكيد أمريكي بعدم قبول مسألة بقاء إيران تخصب اليورانيوم ضمن أي اتفاق محتمل يتم توقيعه.
هذه المحادثات، قال عنها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إنها "صعبة ولكنها مفيدة، لفهم مواقف الطرفين بصورة أفضل وإيجاد سبل معقولة وواقعية لحل القضايا الخلافية".
ومن جانب الولايات المتحدة، أكد الرئيس دونالد ترامب، أن بلاده قريبة من التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، مشددًا في ذات الوقت على أنه لا يمكنها امتلاك سلاحًا نوويًا.
وحول ما قاله ترامب، صرح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الجمعة، بأن الرئيس ترامب أعطى إيران فرصة لتصبح دولة مزدهرة ومسالمة، معربًا عن أمله في أن تنتهز هذه الفرصة، غير أنه أكد أن العرض الأمريكي لإيران لن يستمر إلى الأبد.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي، أنه سيتعيّن على بلاده، في مرحلة ما، اتخاذ قرارات بشأن فرض مزيد من الضغط الأقصى على إيران، إلى جانب خيارات أخرى.
في غضون ذلك، أكد موقع "أكسيوس" الأمريكي، أن دارة الرئيس دونالد ترامب سلّمت للمرة الأولى عرضًا رسميًا مكتوبًا إلى الجانب الإيراني، عبر المبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وذلك خلال الجولة الرابعة من المفاوضات التي عقدت الأحد الماضي، حسب ما أورده عن مسؤول أمريكي لم يُفصح عن اسمه ومصدرين مطلعين على سير المحادثات.
وحسب "أكسيوس"، فإن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تسلّم العرض خلال المفاوضات في العاصمة العُمانية مسقط، ونقله إلى طهران للتشاور مع كبار المسؤولين الإيرانيين.
بيد أن "عراقجي" أكد أن بلاده لم تتلق أي مقترح مكتوب أو نص من الولايات المتحدة، ومع ذلك، من الممكن أن ينقل الجانب العُماني لاحقًا شيئًا إلينا.
هل تتنازل طهران عن تخصيب اليورانيوم؟
مرارًا وتكرارًا، أكدت طهران، أن حقها في تخصيب اليورانيوم هو أمر غير قابل للتفاوض، مؤكدة أنها توظفه لأغراض سلمية، وليس عسكرية، أضف إلى ذلك أن مصادر إيرانية اعتبرت أن طرح الولايات المتحدة هذا الموضوع يعكس رغبة منها في عدم التفاوض.
وفي مقابل ذلك، عرضت طهران إمكانية التخلي عن مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب، والالتزام بالمستويات الأدنى اللازمة للاستخدام المدني، والسماح بإشراف مفتشين دوليين على العمليات، وفقًا لما صرح به علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي.
كما أنها لا تمانع فرض قيود مؤقتة على عملية التخصيب، ولكن مسألة التخلي عن حقها في التخصيب تظل مرفوضة جملة وتفصيلًا.
وللمفارقة، فإن طهران كان يجمعها بالفعل اتفاق نووي مع واشنطن، إلا أن الرئيس دونالد ترامب انسحب منه في فترة ولايته الأولى، وأعاد في ذات الوقت العمل بالعقوبات المفروضة على طهران.
وعلى أثر ذلك، أوقفت طهران تدريجيًا التزاماتها في الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات، بما فيها تخصيب اليورانيوم عالي المستوى مرة أخرى بنسب مختلفة تصل إلى 60 بالمائة، مقتربة من نسبة 90 بالمائة المطلوبة للأسلحة النووية.