الأحد 29 يونيو 2025

عرب وعالم

حكومة بريطانيا تواجه ضغوطاً لتخفيف قيود بحر الشمال وسط تحذيرات من فقدان الوظائف وتراجع العوائد

  • 8-6-2025 | 14:52

بريطانيا

طباعة
  • دار الهلال

 تواجه حكومة حزب العمال البريطاني ضغوطاً متزايدة من داخل أروقة الصناعة ومن نقابات العمال للتراجع عن تعهدها بوقف منح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، وسط مخاوف اقتصادية متصاعدة تتعلق بفقدان الوظائف وتراجع العائدات الضريبية وذلك في تحول لافت قد يعيد رسم سياسات الطاقة في المملكة المتحدة .


ففي مدينة أبردين، مركز صناعة الطاقة البريطانية، يسعى حزب "ريفورم يو كاي" بقيادة نايجل فاراج إلى استثمار السخط الشعبي في أوساط العاملين بقطاع النفط والغاز ؛ بحسب ما نقلته صحيفة (الجارديان) البريطانية. 


وقد أعلن الحزب عن انشقاقات متزايدة في صفوف المحافظين لصالحه، متعهداً بجعل إلغاء الحظر المفروض على التراخيص الجديدة أولوية في حال وصوله إلى الحكم عام 2029؛ وترافق هذا الضغط المتصاعد مع مؤشرات من مستثمرين في القطاع تشير إلى أن الحكومة قد تمنح الضوء الأخضر لمشاريع جديدة اعتباراً من الخريف المقبل، شريطة أن تكون مرتبطة بالبنية التحتية الحالية وألا تمتد إلى "مناطق خضراء" غير مستغلة سابقاً . 


ويرى مراقبون أن هذا التوجه قد يشكل تراجعاً عملياً عن التعهد الانتخابي الذي قطعته الحكومة البريطانية بعدم منح تراخيص استكشاف جديدة.


وبحسب تقديرات قطاع الطاقة أن بحر الشمال يسهم بأكثر من 25 مليار جنيه إسترليني سنوياً في الاقتصاد البريطاني، ما يجعله أحد أعمدة الإيرادات الوطنية، متفوقاً على صناعات مثل الصلب والسيارات. 


وفي ظل اعتماد أكثر من 200 ألف وظيفة على هذا القطاع، حذّرت نقابات كبرى مثل "يونايت" و"GMB" من أن تجاهل هذا الواقع قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية واجتماعية، لا سيما في اسكتلندا وشمال شرق إنجلترا.


ورغم التزام وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بخطط التحول المناخي ورفضه الصريح لحقول مثل "روزبانك" و"جاكدو"، تشير مصادر حكومية إلى وجود "مرونة تفسيرية" في نص التعهد الانتخابي، قد تسمح بالمضي في تطوير مشاريع قائمة، أو توسيع الحفر داخل التراخيص الحالية دون أن يُعتبر ذلك خرقاً للبرنامج الانتخابي.


وتعزز هذه المقاربة رغبة وزارة الخزانة البريطانية في الحفاظ على استقرار العوائد الضريبية وتقليص الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر، التي تحمل بصمة كربونية أعلى من إنتاج بحر الشمال. 


وقد أظهر تقرير سابق للجنة تغير المناخ أن الأثر البيئي لصادرات الوقود الأحفوري البريطانية ليس محسومًا سلبيًا، ما يفتح الباب أمام حجج لصالح إنتاج محلي محدود ضمن المسار نحو صفر انبعاثات؛ لكن هذه المراوحة تضع الحكومة في موقف حرج بين ضغوط المناخ والمصالح الاقتصادية. 


ففي الوقت الذي تتمسك الجهات البيئية بإغلاق الباب نهائياً أمام المشاريع الجديدة، تدفع النقابات باتجاه "انتقال عادل" يضمن خلق وظائف بديلة واحتفاظ بريطانيا بقدراتها الصناعية.


ومع قرب صدور نتائج المشاورات الحكومية بشأن مستقبل بحر الشمال في الخريف، يُتوقع أن يحسم حزب العمال موقفه من هذا الملف الحاسم الذي يمزج بين السياسات المناخية والضرورات الاقتصادية. 


وفي حال اتجهت الحكومة البريطانية فعلاً نحو التخفيف من حدة القيود، فقد يفتح ذلك الباب أمام صدام داخلي في الحزب، لا سيما مع تمسك ميليباند بموقفه، وسط تكهنات بإمكان استقالته إذا ما تم التراجع عن التعهدات البيئية الأساسية.

الاكثر قراءة