الخميس 24 يوليو 2025

تحقيقات

السفير محمد حجازي: 80% من مساعدات غزة مصرية.. والحرب الإسرائيلية ضد إيران قرار أمريكي (حوار)

  • 12-6-2025 | 16:14

السفير محمد حجازي

طباعة
  • أماني محمد

لا تزال خطورة التهجير القسري قائمة

تحرك مؤسسي لفرض عقوبات على إسرائيل

الموقف الدولي شهد تحولًا ملحوظًا باتجاه دعم أكبر للحق الفلسطيني

خطوة مهمة تمثل إسنادًا دبلوماسيًا قويًا للقضية الفلسطينية

المسار الأمريكي–الإيراني مؤهلاً للتوصل إلى اتفاق جديد

في ظل استمرار العدوان على غزة، وتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، يبرز الدور المصري بوصفه حجر الزاوية في جهود الوساطة السياسية والدبلوماسية والإنسانية، ويقدم السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، تحليلًا شاملًا للدور المصري في دعم القضية الفلسطينية، ومواقف المجتمع الدولي، والتحديات التي تواجه جهود التهدئة ووقف إطلاق النار.

ويؤكد السفير حجازي، في حوار لبوابة "دار الهلال"، أن الدور المصري في إنهاء العدوان على غزة، ثابت ويمثل سندًا رئيسيًا للقضية الفلسطينية في الوقت الراهن، موضحًا أن الموقف المصري منذ بدء العدوان على مدار أكثر من 20 شهرًا يهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار بالتنسيق مع الأطراف الدولية بهدف بدء مرحلة الإعمار.

 

ما تعليقك على بيان وزارة الخارجية بشأن تنظيم زيارة الوفود الأجنبية للمنطقة الحدودية مع غزة؟

جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية مرحبًا بجميع المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، ومؤكدًا موقفها الثابت في رفض التجويع والحصار، مشيرًا إلى الجهود التي تبذلها مصر لإنهاء العدوان على غزة، حيث إن 80% من المساعدات الإنسانية المقدمة إلى قطاع غزة مصدرها مصر، كما أن القاهرة تضطلع بدور محوري ومؤثر في الوساطة، سعيًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وفيما يتعلق بزيارات الوفود الأجنبية، فهناك ضوابط وإجراءات تنظيمية تحكم مثل هذه الزيارات، تتطلب الحصول على موافقات مسبقة، وعلى رأسها تقديم الجهة المنظمة لطلب رسمي عبر السفارات الأجنبية، أو تقديم السفارات والمؤسسات الدولية لطلب رسمي لوزارة الخارجية بهذا الشأن، سبق لمصر أن نسّقت زيارات لعدد من الشخصيات الدولية، من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ورؤساء وزراء بلجيكا وإسبانيا، وعدد من ممثلي المنظمات الحقوقية والإنسانية.

وهناك ضوابط لضمان أمن الوفود الزائرة، ولا يمكن التجاوب مع أي توجه دون مراعاة الإطار المحدد للضوابط والآليات وكذلك الالتزام بالقواعد الحاكمة للدخول بالتأشيرات والتصاريح المسبقة.

وجود ما يسمي بـ"قافلة الصمود" دون الحصول على التصاريح والتأشيرات اللازمة  يفتح المجال لاندساس عناصر ذات توجهات أيديولوجية أو إرهابية تستغل الأمر لغير أهدافه، ولا يمكن السماح بأي تحرك دون ضوابط واضحة.

الموقف المصري واضح بضرورة الالتزام بالضوابط التنظيمية، والتي تشمل تقديم طلب رسمي من الجهات المعنية، والحصول على التأشيرات، والتنسيق المسبق مع وزارة الخارجية، مع تزويدها بأسماء المشاركين، لضمان التعامل مع الأمر وفق الأطر الأمنية والتنظيمية المناسبة.

 

ما تقييمك للجهود والدور المصري لإنهاء العدوان على غزة المستمر منذ أكثر من 20 شهرًا ومرتكزات الموقف المصري في هذا الصدد؟

منذ بداية الأزمة في غزة وحتى اليوم، تظل مصر ثابتة على مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية منذ نشأتها، فهي سند رئيسي وداعم مؤثر لها، فمنذ أحداث السابع من أكتوبر 2023، شكّلت مصر مصدرًا لما يقارب 80% من المساعدات الإنسانية التي دخلت قطاع غزة، كما تبذل جهودًا دبلوماسية وإقليمية ودولية مكثفة بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ولا تزال القاهرة تجري حوارات مستمرة مع جميع الأطراف المعنية.

ولطالما كانت مصر سندًا للقضية الفلسطينية دبلوماسيًا وسياسيًا، وتبنّت مؤخرًا من خلال القمة العربية الطارئة، في مارس الماضي، خطة شاملة لإعادة إعمار غزة تتكون من ثلاث مراحل، تم اعتمادها على المستوى العربي والإسلامي، حيث تعمل مصر على تنفيذ هذه الخطة بالتعاون مع الأطراف الدولية، بالتواصل مع الولايات المتحدة وقطر لوقف إطلاق النار، بما يمهّد لعقد مؤتمر دولي في القاهرة بالتنسيق مع الأمم المتحدة لإعادة الإعمار.

كما تواصل مصر جهودها بالتعاون مع اللجنة الوزارية العربية السُباعية والمملكة العربية السعودية وفرنسا لعقد مؤتمر في 17 يونيو الجاري، بشأن حل الدولتين.

 

كيف ساهم هذا الدور في توضيح الحقائق للمجتمع الدولي وتغيير موقفه من العدوان على غزة طوال تلك الأشهر؟

أسهم الموقف المصري المسابر والجاد والذي يتحرك بوعي وفعالية، في تغيير العديد من المواقف الدولية، واحتواء ردود الفعل السلبية التي بدت بعد 7 أكتوبر 2023، وخاصة من خلال مؤتمر السلام الذي استضافته القاهرة في 21 أكتوبر 2023، ومنذ ذلك الحين تواصل مصر جهودها الدبلوماسية والزيارات المتبادلة لكافة العواصم، وصولا إلى المشهد الحالي الذي تحولت فيه مواقف العديد من البلدان إلى مساندة الوضع في غزة، وجهود مصر للتوصل لوقف إطلاق النار.

 

ما هي أبرز العقبات التي تواجه جهود الوساطة المصرية القطرية الأمريكية بشأن وقف إطلاق النار في غزة؟

هناك جهود لا تزال تبذل لمحاولة رأب الصدع بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث تسعى إسرائيل عبر العمليات العسكرية إلى ما وصفته بـ"القضاء على حركة حماس"، وتريد التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار يسمح لها بالإفراج عن عدد من الرهائن، مع الإبقاء على الحصار المفروض على الحركة. لكن هذا التصور لم يعد قائمًا، إذ إن المسعى الحالي للوساطة والتهدئة يتمحور حول الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وبينما تسعى إسرائيل لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، لمعاودة الحرب على القطاع بعد الإفراج عن العدد الأكبر من محتجزيها، لكن حركة حماس تدرك أن الإفراج عن الرهائن تدرك أن هذا يجب أن يكون مع وقف دائم لإطلاق النار تترافق معه ضمانات لعدم عودة إسرائيل من استئناف عدوانها على القطاع.

إسرائيل لا تؤمن بوقف دائم لإطلاق النار وتحاول فرض حلول جزئية، تشمل الإفراج عن الرهائن ونزع سلاح حماس وإقصاءها من المشهد السياسي.

 

هل ذلك قابل للتحقق؟

لا، فالتصور المصري ورؤية أطراف عديدة، تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وإطلاق عملية إعادة إعمار للقطاع بإشراف لجنة الإسناد المجتمعي من تكنوقراط من الفلسطينيين منبثقة عن السلطة الوطنية وتابعة لها من الناحية السياسية والقانونية، لتأكيد وحدة الجغرافيا الفلسطينية والأرض الواقعة تحت الاحتلال مع انضواء حركة حماس كحركة سياسية ضمن نطاق منظمة التحرير الفلسطينية.

 

ما رؤيتك لسيناريوهات في الفترة المقبلة في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي العسكري؟

هناك جهودًا حثيثة نأمل أن تثمر عن اتفاق قريب ووقف دائم لإطلاق النار. حيث إن المشهد الداخلي في إسرائيل شديد التعقيد وله تأثيره على الحكومة التي تواجه ضغوطًا متزايدة قد تهدد بحل الكنيست، إلى جانب ضغوط دولية مستمرة في الوقت نفسه.

كذلك فإن التصعيد الإيراني المحتمل يعقّد المشهد، في ظل استمرار التوتر بين طهران وواشنطن وتهديد إيران بضربة مباشرة من خلال إسرائيل، ما يؤثر على مجمل التوازنات في المنطقة، حيث لم تستنفد إسرائيل صلتها بالمشهد الإيراني بعد ولا يزال لها تأثيرًا على الولايات المتحدة الأمريكية في مفاوضاتها مع إيران بشأن برنامجها النووي.

 

كيف يحاول الاحتلال فرض مخططاته للتهجير القسري بسلاح التجويع والحصار للشعب الفلسطيني في غزة؟

لا تزال خطورة  التهجير القسري قائمة، ولا يمكن إغفال أن المشهد المحيط بالمنطقة الحدودية غير آمن وخطير، وممارسة التجويع بحق الشعب الفلسطيني وإطلاق النار على متلقي المساعدات هو أمر شديد الخطورة.

ورغم صلابة الموقف المصري وصمود الشعب الفلسطيني وتمسكه المستميت بأراضيه، إلا أن المخطط الصهيوني اليميني المتطرف لا يزال يُحاول فرض واقعه.

 

ما أهمية المؤتمر الدولي المرتقب عقده خلال أيام بشأن حل الدولتين؟

المؤتمر فرصة مهمة لدعم حل الدولتين وتحقيق إسناد دبلوماسي. وينبغي أن يصاحبه تحرك مؤسسي لفرض عقوبات على إسرائيل، لأن إقامة حل الدولتين تتطلب إفشال مخطط الاستيطان والتهجير القسري والاحتلال.

المجتمع الدولي فعل ذلك سابقًا ضد نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، حيث قهرت المقاطعة هذا النظام وأدت إلى سقوطه وإفشاله، يجب أن تُوظف العقوبات الحالية من بعض الدول وحتى الجامعات والمؤسسات والأفراد والبنوك والبلديات وعمال نقابات البحر في مارسيليا والعديد من المدن الكندية والأمريكية بعدم التعامل مع الصادرات العسكرية الإسرائيلية وشحنها، كذلك أوقف الاتحاد الأوروبي اتفاق تجاري حجمه 41 مليار يورو مع إسرائيلي، لتوظيف هذه العقوبات أو المقاطعة سواء كانت ثقافية أو أكاديمية أو تجارية أو عسكرية إلى تحرك دولي مؤسسي، ومن خلال الأمم المتحدة، فقد يؤدي ذلك إلى فرض نظام عقوبات رسمي على إسرائيل.

 

هل يمتلك المجتمع الدولي هذه الإرادة لمعاقبة إسرائيل؟

الموقف الدولي شهد تحولًا ملحوظًا باتجاه دعم أكبر للحق الفلسطيني وإدراك لحجم الجريمة التي تمارسها إسرائيل، إلا أن محكمة العدل الدولية لم تُصدر بعد حكمًا حاسمًا في قضية الإبادة الجماعية، وهو ما يستوجب الضغط على هاتين المؤسستين العدليتين للإفصاح عن حقيقة ما يجري في غزة، باعتباره جريمة إبادة جماعية، وأنه ليس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحده و مجرم الحرب، بل كل من ساهم في ارتكاب هذه الجريمة وحرض عليها وسلحها، هو مجرم حرب، فإذا كان التهديد قد يؤثر على دول أو أفراد فلا يجب أن تتأثر به الجهات القضائية العدلية الدولية لأن القاضي منزه عن الخضوع عن الابتزاز.

 

ما رأيك في اعتزام بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

خطوة مهمة تمثل إسنادًا دبلوماسيًا قويًا للقضية الفلسطينية، ويجب أن يترافق هذا الاعتراف مع دعم لتحرك دولي منظم للمقاطعة وفرض عقوبات على إسرائيل، حتى لا تعاود ممارساتها المشينة، يجب أن يكن هناك نظامًا أمميًا للمقاطعة كما حدث في السابق مع نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا.

 

ماذا عن الموقف الأمريكي، هل يمكن له أن يمارس ضغطًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة؟

الولايات المتحدة الأمريكية هناك مصلحة استراتيجية واضحة في تهدئة الأوضاع بالمنطقة من خلال دفع إسرائيل إلى قبول وقف إطلاق نار دائم في غزة، يتبعه إعادة إعمار وتصور جديد للمنطقة، وأتمنى أن يدفع ذلك في إطار منظومة للأمن الجماعي والتعاون الإقليمي، تتكاتف فيها جهود مصر والسعودية وتركيا وإيران وحتى إسرائيل نفسها، بشرط اعترافها بالدولة الفلسطينية، من أجل شرق أوسط قائم على مصالح شعوبه ويحقق الأمن القومي الجماعي وليس لحساب إسرائيل على أي من الدول في المنطقة.

هذا النظام الإقليمي المقترح سيكون شبيهًا بنموذج الأمن والتعاون الأوروبي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، ولنبدأ بإعلان مبادئ باحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والنووي.

 

فيما يخص مستجدات الوضع في الشرق الأوسط بعد القرار الأمريكي بمغادرة بعض الموظفين وأسر القوات في أنحاء الشرق الأوسط.. ما دلالة ذلك؟

قضية الحرب الإسرائيلية ضد إيران، هي قرار أمريكي وليس قرارًا إسرائيليًا، الدخول في حرب مع إيران قد يضمن تحقيق هدف لكنه يستدرج الولايات المتحدة لمواجهة ممتدة لها خسائر جسيمة ليست في حاجة إليها، فهذه الحرب ستؤدي لاضطراب سوق النفط العالمي والطاقة، في ظل ما يواجهه من ضغوط ضخمة بسبب انسحاب تمويل روسيا للغاز الطبيعي لأوروبا منذ 3 إلى 4 سنوات، وإذا ما دخلت إيران في حالة من الاضطراب نتيجة الاعتداء عليها أمريكيا أو إسرائيليا أو الطرفين معًا، سيكون له عواقب اقتصادية وجيوسياسية خطيرة، تطال دول الخليج ومصالح الولايات المتحدة وقواعدها في المنطقة.

ولذلك على الولايات المتحدة الأمريكية توخي الحذر، لأن إطلاق الحرب قد يكون مصلحة إسرائيلية لكنه ضار للغاية بالعلاقات الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة، خاصة أننا أمام المرحلة السادسة من المفاوضات بين واشنطن وطهران والمؤشرات إيجابية، فإيران باتت تبدي استعدادًا لقبول برنامج نووي سلمي دون امتلاك الراد النووي العسكري وصياغة المطلب الأمريكي بسلمية البرنامج النووي الإيراني يمكن تحقيقها في أطر رقابية.

 

ما رؤيتك لسيناريوهات الجولة المقبلة من المفاوضات بين الطرفين؟

يبقى المسار الأمريكي–الإيراني مؤهلاً للتوصل إلى اتفاق جديد. لكن المطالب الأمريكية لتفكيك برنامج طهران النووي بالكامل، هو أمر يمس السيادة الإيرانية ويحرمها من مكتسبات النووي السلمي الذي تمتلكه دول كثيرة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما، كذلك يحرم إيران من حقها وفقا لقواعد القانون الدولي في عملية تخصيب اليورانيوم وحق الدول في ممارسة برنامج نووي سلمي، والاقتراح بتفكيك البرنامج أمر جائر ترى إيران أنه تعدي على سيادتها.

والضغوط التي تمارسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قرارها الأخير، أو الضغوط العسكرية الأمريكية بسحب قواتها أو موظفيها من قواعد ومؤسسات دبلوماسية في الشرق الأوسط، أو تحضير إسرائيل لقواتها العسكرية بشن ضربات على إيران، تندرج في إطار الضغوط السياسية على الموقف الإيراني.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة