أكدت مصر أنها ترى دوراً محورياً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا " في عملية إعادة البناء داخل قطاع غزة إضافة لدورها المعتاد، مجددة رفضها القاطع للمخططات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، ومشددة على تمسكها بدور "الأونروا ".
جاء ذلك في كلمة السفير محمود عمر مساعد وزير الخارجية مدير إدارة فلسطين التي ألقتها نيابة عنه منار الشيخ ممثلة مصر في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ113 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين بالدول العربية المضيفة الذي انطلق اليوم /الأحد/ بالجامعة العربية برئاستها ويستمر خمسة أيام.
وقال السفير محمود عمر إن اجتماعنا اليوم في مرحلة شديدة الدقة والخطورة تمر بها قضيتنا وقضية منطقتنا المركزية ألا وهي قضية فلسطين، حيث تواصل إسرائيل شن حربها الشعواء على أشقائنا في قطاع غزة، وهي الحرب التي تجاوزت عاماً ونصف العام من القتل والتشريد لحوالي 2.5 مليون فلسطيني، مخلفة ما يربو علي الـ 57 ألف شهيد والـ 137 ألف جريح، وأننا لن ننساهم بل ستزيدنا تضحياتهم إصراراً على التمسك بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف "لا يسعني في هذه الأجواء القاتمة من القتل والدمار اللذين تموج بهما الأراضي الفلسطينية المحتلة سوى التأكيد على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة بما يمهد لترتيبات ما بعد الحرب، والتي يأتي على رأسها قيام المجتمع الدولي بدوره الأخلاقي والإنساني تجاه إعادة بناء القطاع من خلال البدء في تنفيذ خطة إعادة الإعمار المصرية العربية ودعم قدرات السلطة الوطنية الفلسطينية لكي تتمكن من أداء دورها الأساسي في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، بما من شأنه أن يُفضي إلى تهدئة البيئة الإقليمية".
وتابع "لقد أثبتت الحرب الأخيرة حقيقتين لا مجال للتغاضي عنهما، الأولى مفادها أن عملية تسكين الأوضاع في الأراضي المحتلة باستخدام الحصار أو الاستيطان أو آلة القهر العسكرية أو التجويع كسلاح - وإن طالت - فهي غير مجدية، والثانية تتلخص في أن انفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية من شأنه أن يؤثر على الاستقرار الإقليمي، وبالتالي تظل القضية الفلسطينية - كما أكدت مصر دوماً هي القضية المركزية في المنطقة، ولا مجال للهروب من استحقاقاتها الحتمية".
وقال "بمعني آخر، فقد أكدت الحرب الحالية أن التحول من الحل السلمي للصراع إلى إدارته لن يؤدي إلا إلى المزيد من التفاقم للأزمة، وأن الأزمة الحالية تعكس أعواماً من الممارسات الإسرائيلية لتكريس احتلال غير شرعي، وسلب الأرض من أصحابها، ومحاولات فرض واقع ديموغرافي جديد، وهو ما يستدعي معالجة الأزمة من جذورها عن طريق إحياء مسار حل الدولتين".
وأشار إلى أن مصر حرصت منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب على التحرك بكل قوة على ثلاثة مسارات إنسانية وأمنية وسياسية، حيث دفعت بجهود الوساطة للتوصل لوقف لإطلاق النار حقنا للدماء الفلسطينية، كما عملت على إنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية وإخلاء الجرحى لعلاجهم على أراضيها، وها هي تستمر في الوقت الراهن بالتعاون مع الشركاء في العمل على صياغة ترتيبات اليوم التالي لإدارة القطاع استناداً إلى الخطة المصرية العربية لإعادة الاعمار.
وقال "تستمر مصر كذلك في التأكيد على مسئولية إسرائيل كدولة احتلال عن توفير كافة الاحتياجات الإنسانية لسكان القطاع، ومطالبة إسرائيل بوقف إعاقة نفاذ المساعدات من المعابر المختلفة للقطاع وإنهاء حصارها الجائر واللانساني الذي تفرضه عليه، كما حرصت مصر علي حشد الدعم الدولي لتعزيز الاستجابة الإنسانية للأزمة في غزة وتقديم المساعدات اللازمة للأشقاء" .
وأضاف "كما أكدت مصر دائماً وبصوت مسموع رفضها القاطع لأي مخططات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال الدعوي لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم كمقترح المدينة الإنسانية المزمع إنشاءها، على نحو يشكل انتهاكاً جسيماً لأحكام القانون الدولي وتقويضاً لمسار حل الدولتين".
وتابع "لا شك أن الكوارث الإنسانية التي تموج بها الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء بقطاع غزة أو الضفة الغربية تجعلنا أكثر تمسكاً بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا ورفض أي آليات بديلة خارج الإطار الأممي، وذلك لدورها الذي لا غني عنه في دعم الاخوة الفلسطينيين في مختلف المجالات وخاصة في قطاع غزة الذي هو في أمس الحاجة إلى عملية إعادة بناء متكاملة ستتجاوز بمرور الوقت المجال الإغاثي إلى مجالات إعادة البناء الإنساني الذي تتمتع فيه الوكالة بخبرات لا تشاركها فيها أي جهة أخرى".
وأكد في هذا السياق، فإن مصر ترى دوراً محورياً للوكالة في عملية إعادة البناء داخل قطاع غزة خلال المرحلة القادمة، وذلك بخلاف دورها المعتاد في رعاية اللاجئين الفلسطينيين في بقية الأراضي المحتلة وكذلك بالدول المضيفة، مشيرا إلى أن مصر تحرص بشكل دائم على العمل الوثيق مع الوكالة لأداء مهمتها السامية، وذلك على الرغم من حملة التشويه التي تقودها إسرائيل بحقها والقوانين الإسرائيلية الجائرة التي تستهدف وقف عملها في الأراضي المحتلة، وذلك في انتهاك واضح للقانون الدولي وتحد صارخ لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.
وقال السفير محمود عمر مساعد وزير الخارجية مدير إدارة فلسطين "وكما تقدر مصر، ويشاركها في هذا التقدير أكثر من 145 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية، أنه لا بديل عن تلبية طموحات الشعب الفلسطيني المشروعة، وأبرزها حقه في التحرر من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة اتساقاً مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية".
وأضاف "تشدد مصر في هذا السياق على ضرورة التزام إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة في الرابع من يونيو لعام 1967 ، ووقف جميع الإجراءات الأحادية، والتزامها كقوة الاحتلال بما ينص عليه القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتنفيذها لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ، آخذين في الاعتبار أن الممارسات الإسرائيلية لخلق حقائق جديدة على الأرض بخلاف كونها انتهاكاً لالتزاماتها الدولية فهي تأتي في إطار مخططاتها لتقويض فرص إقامة الدولة الفلسطينية، وبالتالي حل الدولتين الذي ارتضاه المجتمع الدولي أساساً لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي".
وأكد أن مصر ترفض بشكل قاطع المخططات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وتحذر من مخاطرها على الاستقرار إقليمي، كما تشدد على أن استمرار اسرائيل في رفض استحقاقات السلام العادل والدائم لن يحقق الأمن لشعوب المنطقة ومن بينها الشعب الإسرائيلي.
وبعد أن ألقت منار الشيخ كلمة مصر نيابة عن السفير محمود عمر مساعد وزير الخارجية مدير إدارة فلسطين تنازلت عن رئاسة الجلسة لأحمد أبو هولي رئيس دائرة شئون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس وفد فلسطين تكريما لدولة فلسطين.