الثلاثاء 22 يوليو 2025

عرب وعالم

الأونروا ترفض ما يسمى بـ"المدينة الإنسانية" بغزة وتصف آليات توزيع المساعدات بتشويه للعمل الإنساني

  • 20-7-2025 | 16:10

الأونروا

طباعة
  • دار الهلال

 أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" رفضها الخطط الرامية إلى إنشاء ما يسمى بـ"المدينة الإنسانية" في غزة التي قالت إنها أبعد ما تكون عن الإنسانية، وتنتهك مبادئ القانون الإنساني الدولي، واصفة آليات توزيع المساعدات الحالية بغزة المطروحة كبديل لأنشطة الأمم المتحدة بأنها تشويه قاتل للعمل الإنساني.


جاء ذلك في كلمة سحر الجبوري رئيس مكتب ممثل "الأونروا" في القاهرة في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ113 لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين بالدول العربية المضيفة الذي انطلق اليوم بالجامعة العربية ويستمر خمسة أيام.


وقالت سحر الجبوري إننا في لحظة مفصلية تتطلب منا جميعاً وقفة مسؤولة وموقفاً موحداً من أجل الحفاظ على واحدة من أقدم وأهم مؤسسات الأمم المتحدة التي ما زالت تمثل شريان الحياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، موضحة أن الأونروا تواجه أزمة وجودية غير مسبوقة ليس فقط من حيث التمويل، بل أيضاً من حيث شرعية وجودها والدور الحيوي الذي تؤديه في الحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين. 


وأضافت أنه من جهة تتعرض لحملة ممنهجة شرسة من الادعاءات التي تستهدف تقويض مصداقيتها، والنيل من تفويضها وجميعنا يعلم الهدف الحقيقي هو القضاء على الوكالة وبالتالي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، ومن جهة أخرى تتراجع موارد الوكالة بشكل حاد وتتشبث بحبال دعم متآكلة، في الوقت الذي يفترض فيه أن تتلقى تمويلاً متزايداً يواكب الاحتياجات المتفاقمة للاجئين الفلسطينيين.


وتابعت أنه رغم تجديد الاهتمام العالمي بحقوق اللاجئين كما رأينا مؤخراً في فعاليات اليوم العالمي للاجئين في 20 يونيو، فإن العالم يقف عاجزاً أمام الانتهاكات الجسيمة بحق اللاجئين الفلسطينيين، دون اتخاذ إجراءات جادة توقف المجازر اليومية، مشيرة إلى أنه في ظل هذا الواقع المتأزم يظل ضغط التوقعات من جهة اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، القاسم المشترك بين مناطق عمليات الوكالة، رغم اختلاف السياقات السياسية والاقتصادية والأمنية.


وأوضحت أنه في غزة يتعرض مليونا إنسان لعقاب جماعي، فيُجَوَّعون ويُعَطَّشون بينما تقبع المساعدات الإنسانية على الجانب الآخر من الحدود، ومشاهد الهُزال باتت مألوفة، لا سيما بين الأطفال. 


وقالت "لقد فُرضت ما تُسمى بآلية المساعدات الإنسانية لتحلّ محل منظومة الأمم المتحدة القائمة على المبادئ التي تُشكل فيها الأونروا العمود الفقري، هذه الآلية الهجينة ليست سوى تشويه قاتل للعمل الإنساني؛ ولذلك نرفض الخطط الرامية إلى انشاء مدينة إنسانية والتي هي أبعد ما تكون عن الإنسانية، وتنتهك مبادئ القانون الإنساني الدولي فهي تقوّض الحياد وتفرغ العمل الإنساني من مضمونه، وهي مرفوضة شكلا وموضوعا"


وأضافت أنه رغم الصعاب والاعتقالات والمضايقات والتهديدات واستشهاد أكثر من 320 زميلا وتدمير 70% من منشأتنا، يواصل 12,000 من موظفينا الفلسطينيين تقديم ما أمكن من خدمات أساسية، بما فيها تعليم نحو 25,000 طفل في مساحات التعليم المؤقتة والملاجئ التابعة للوكالة، والرعاية الصحية بمعدل 15,000 استشارة طبية يوميًا، مؤكدة أنه لا توجد لأي جهة أخرى أممية كانت أو غير أممية، القدرة البشرية أو اللوجستية، وحتى الثقة المجتمعية التي تمكّنها تبوأ هذا الدور على نطاق واسع، كما تقوم فرقنا بتوفير المياه وجمع أطنان من النفايات لـ 600,000 شخص شهريًا، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لـ 730,000 شخص، بمن فيهم 520,000 طفل. 


وتابعت أنه في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تشتد الحرب الصامتة فيُهجر الفلسطينيون من مخيماتهم بمعدلات لم نرَها منذ عام 1967، وتُدمّر البنى التحتية للمخيمات بشكل منهجي لمنع السكان من العودة وتغيير تركيبتها الديموغرافية بشكل دائم. وتسير مخططات الضم بخطى حثيثة.


وأشارت إلى أنه بعد دخول قوانين الكنيست حيّز التنفيذ في يناير الماضي لتمنع عملياتنا في المناطق التي تعتبرها إسرائيل تحت "سيادتها" بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة، وتحظر أي تواصل رسمي بين السلطات الاسرائيلية والوكالة، نشهد اليوم تعديلات مقترحة على "الكنيست" الإسرائيلي حول هذه القوانين تهدد بالمزيد من إضعاف عملياتها في الضفة الغربية، بعد الإغلاق القسري لـست مدارس تابعة لها في القدس المحتلة قبل شهرين، الأمر الذي يهدد بالاستيلاء علىأراضي مقراتنا في القدس الشرقية، أما في لبنان وسوريا والأردن فيمرّ لاجئو فلسطين بفترة من القلق وعدم اليقين وتكبّدوا على مدار العام الماضي أهوال الحروب وتقلبات سياسية جذرية وأزمات اقتصادية. 


وأوضحت أن الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها الوكالة اليوم ليست كسابقاتها فقد فاقمت الهجمات السياسية الممنهجة وتقليص أو تعليق التمويل من عدد من المانحين الرئيسيين من حدتها،إضافة إلى ضبابية المشهد التمويلي عالمياً، لافتة إلى أن الوكالة تعاني من عجز تمويلي كبير يقدر بنحو 200 مليون دولار، مما دفعها إلى إدارة مواردها المالية المتاحة بشكل أسبوعي، وإلى اتخاذ إجراءات استثنائية، مثل تأجيل تسديد مستحقات الموردين، لضمان أولوية دفع رواتب الموظفين، كما أن الوكالة لم تعد قادرة، كما في الأعوام السابقة على ترحيل العجز إلى العام التالي نظرا لاستمرار تعليق التمويل من عدد من المانحين الرئيسيين، من بينهم الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة السويد.


وأشارت إلى أنه في الوقت الذي نشيد بمساهمات شركائنا ومانحينا العرب، بما فيهم المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ودولة الكويت الذين قدّموا ما يقارب 8 ملايين دولار منذ مطلع العام، بما يعكس التزامًا بدعم حقوق لاجئي فلسطين واستمرارية خدمات الوكالة، نحث الشركاء العرب على الإسراع في صرف تعهداتهم المالية كاملة وفي مواعيدها بل وندعو الدول العربية كافة لتقديم دعم استثنائي عاجل يتماشى مع فداحة الأخطار المحيقة بلاجئي فلسطين وبالوكالة وذلك لتفادي توقف خدماتها بحلول شهر سبتمبر.


وشددت على أن استمرار الوكالة ليس هدفًا بحد ذاته بل يأتي انعكاسًا لاستمرار غياب الحل العادل والدائم لقضية لاجئي فلسطين وقد عبّرنا مرارًا عن استعدادنا الكامل لتسليم خدماتنا ومنشآتنا وخبراتنا ضمن إطار زمني متّفق عليه، إلى إدارة فلسطينية مهيّأة تحظى بالتوافق والدعم اللازمين، ومن هذا المنطلق ينبغي أن تُدرج الأونروا بوضوح في أي خطط سياسية متكاملة لحل النزاع، كعنصر مساعد في الانتقال من الإغاثة المؤقتة إلى الحل الدائم. 


وأوضحت أنه على الدول الأعضاء تقرير المسار الُمقبل، إما السماح بانهيار الوكالة أو دعمها لضمان انتقال تدريجي لخدماتها، وكما ورد في خطاب الأمين العام الذي رافق تقرير التقييم الاستراتيجي "من الضروري أن تتخذ الدول الأعضاء إجراءات فورية لحماية حقوق لاجئي فلسطين وتفويض الأونروا والسلام والأمن الإقليميين".


وأكدت أنه لابد من التأكيد على أن استمرارية خدماتنا مرهونة بتوفر التمويل اللازم، محذّرة من أن غياب الدعم المالي الكافي قد يضطر المفوض العامإلى اتخاذ قرارات صعبة وغير مسبوقة تهدد بانهيار شبه كامل للعمليات الحيوية التي يعتمد عليها ملايين اللاجئين، ونحن بحاجة اليوم إلى موقف عربي موحّد ينبع من منطلق الشراكة والمسؤولية الجماعية، ويُترجم إلى دعم سياسي ومالي عاجل ليبقى الأمل قائمًا للاجئي فلسطين.


وناشدت سحر الجبوري الجميع بالدفاع عن الأونروا سياسياً ومالياً، في المحافل الإقليمية والدولية، موجهة الشكر على الوقوف التاريخي والمستمر إلى جانب الأونروا، متمنية الخروج بتوصيات فعّالة تصب في مصلحة الوكالة وتصون حقوق لاجئي فلسطين.


ووجهت الشكر والتقدير إلى الدول المضيفة التي لم تتوانَ يوماً عن تقديم الدعم والملاذ لمجتمعات اللاجئين الفلسطينيين رغم كل التحديات الداخلية والإقليمية، قائلة "إن احتضانكم المستمر للاجئين هو تعبير ملموس عن التزام ثابت تجاه العدالة والكرامة الإنسانية والشكر موصول لجامعة الدول العربية على جهودها الملموسة الداعمة، وآخرها عقد الاجتماع التشاوري للآلية الثلاثية مع الاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي مع الأونروا".

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة