تُعد حارة برجوان واحدة من أعرق الحارات التاريخية في القاهرة الفاطمية، وتقع في قلب شارع المعز لدين الله الفاطمي، حيث تتفرع منه لتروي فصلاً مهمًّا من تاريخ مصر الإسلامية. يعود أصل التسمية إلى "أبي الفتوح برجوان"، خادم الخليفة الفاطمي، والذي تولى إدارة شؤون الدولة بعد وفاة الخليفة، نظرًا لكون ولي العهد صغير السن آنذاك. وقد حكم برجوان البلاد لفترة مؤقتة حتى كَبُر الخليفة الحاكم بأمر الله، الذي تولى الحكم لاحقًا، ثم قبض على برجوان وأمر بقتله بعد أن توسع نفوذه وثروته.
موقع الحارة وأهم معالمها
تقع حارة برجوان في حي الجمالية بالقاهرة، تحديدًا قرب باب الفتوح، ويُقال إنها كانت مسقط رأس المؤرخ الشهير تقي الدين المقريزي. وكان موقع الحارة في العصر الفاطمي قريبًا من الميدان المجاور للقصر الغربي الصغير، فيما عُرف قديمًا بحي الخرتشف، وهو الاسم الذي تحوّل لاحقًا إلى "الخرنفش".
تتميز الحارة ببوابة أثرية ضخمة من الحجر، شيّدها الأمير سليمان باشا السلحدار في العصر العثماني (عام 1829م في عهد محمد علي باشا)، ولا تزال البوابة قائمة حتى اليوم، وتحمل لافتة كتب عليها "سكة برجوان"، وكانت تُغلق بعد صلاة العشاء بواسطة حارس مخصص لذلك.
كنوز أثرية منسية
تزخر الحارة بعدد من المعالم التاريخية المهمة، من أبرزها: بوابة برجوان، جامع أبو بكر مزهر، زاوية نور الدين جولاق.
ويُروى أن الحارة كانت تضم مدفن ابن بدر الجمالي الذي تم هدمه لاحقًا وأقيم مكانه مسجد صغير. كما يُقال إن بيت المؤرخ المقريزي كان يقع فيها، وقد تم هدمه كذلك. وكانت الحارة أيضًا موقعًا لقصر الخديوي عباس حلمي الأول، الذي أُزيل لاحقًا وأُنشئت على أنقاضه مدرسة صناعية ثانوية، إلى جانب مساكن شعبية تعود إلى خمسينيات القرن العشرين.
شخصيات بارزة وتاريخ غني
سكنت الحارة أيضًا شخصيات بارزة في التاريخ المصري، من بينهم أمير الجيوش بدر الدين الجمالي، ويُعتقد أن مدفنه ما زال في نطاقها. وتنتهي الحارة من الجهة الغربية بـ حارة الشعراني، وهي الحارة التي نشأ فيها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب.
حارة برجوان ليست مجرد ممر ضيق بين أبنية القاهرة القديمة، بل هي صفحة حية من تاريخ مصر، تجمع بين عبق الماضي وعراقة العمارة الإسلامية، ولا تزال حتى اليوم مدرجة ضمن قائمة الآثار المصرية في منطقة شمال القاهرة.