قبل 73 عامًا، كانت الثورة المصرية التي قادها تنظيم الضباط الأحرار، ثورة 23 يوليو 1952، تلك النقطة المضيئة في تاريخ مصر، والتي غيرت وجه التاريخ، أنهت عصر من الاحتلال والطغيان زالظلم، وبدأت معها حقبة جديدة في تاريخ مصر.
ثورة 23 يوليو 1952
كانت ثورة 23 يوليو 1952، بداية تحول جذر في تاريخ مصر، بأهدافها التي رفعتها، بتحقيق الاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية وإنهاء الاستعمار، فكانت ثورة بيضاء، ثورة بدأها الضباط الأحرار وأيدها الشعب المصري بكل قوة.
سبق قيام الثورة، حالة من عدم الاستقرار التي عاشتها مصر، فعلى المستوى السياسي، تعاقب الوزارات في الحكم في سرعة مذهلة؛ حيث تولت حكم البلاد في الأشهر الستة الواقعة بين 27 يناير 1952 و22 يوليو 1952 أربعة وزارات بمعدل شهر ونصف لكل وزارة، كذلك دفعت الهزيمة في حرب فلسطين 1948، وبعد ذلك مذبحة الإسماعيلية وحريق القاهرة في 25 و27 يناير 1952، لزيادة الغضب لدى الشعب المصري بسبب فساد الملك والقصر الملكي وحاشيته، بجانب سوء أحوال المجتمع المصري، وذلك لتفاقم الإقطاع وانصراف حكام البلاد عن الإصلاح.
كل تلك الأسباب دفعت الضباط الأحرار لبدء تحركهم لإنهاء هذه الحقبة، حيث بدأ التنظيم يتشكل بعد عودة الجيش المصري من فلسطين عام 1949، وتوالت اجتماعاتهم بين عامي 1950 و 1952، وكان نشاطهم في تلك الفترة منحصرًا في الدعوة إلى حركاتهم والتمهيد لها.
وعقد الضباط الأحرار عدة اجتماعات يتدارسون من خلالها الموقف في حذر وحيطة، وكان آخرها الاجتماع الذي عقد يوم 22 يوليو عام 1952 للاطلاع على الخطة النهائية للتحرك، التي شملت عدة مراحل بدءا من سيطرة القوات المسلحة على مبنى القيادة العسكرية بمنطقة كوبرى القبة واقتحامها بمجموعة من الضباط الأحرار، ومجموعة أخرى لاعتقال بعض كبار رجال الدولة من منازلهم لضمان عدم تحرك قوات عسكرية ضد الثورة.
وفي المرحلة التالية، ثم كانت السيطرة على جهاز الحكومة المدني، وإنزال قوات إلى الشوارع للسيطرة على عدد من المواقع المدنية الحيوية، وفي الساعة الواحدة من فجر يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1952 نجحت الخطة في الاستيلاء على مبنى رئاسة أركان الجيش بكوبري القبة، كما أرسلت في الوقت نفسه قوة لسد الطريق الممتد من منطقة القناة خشية أن تتدخل القوات البريطانية.
قم في الساعة السابعة والنصف من صباح الأربعاء 23 يوليو 1952 أذاع البكباشي محمد أنور السادات أحد الضباط الأحرار بيان الثورة الأول مع بداية إرسال الإذاعة المصرية، باسم اللواء محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة، وهو البيان الذي أيده الشعب المصري، وخرج بجميع فئاته وطوائفه ليعلن مساندته لهذه المجموعة الوطنية من أبنائه الضباط الأحرار.
فرفعت الثورة مبادئها وأهدافها الستة الخالدة، وهي القضاء على الاستعمار وأعوانه، والقضاء على الإقطاع ومساوئه، والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، وإقامة عدالة اجتماعية، وإقامة جيش وطني قوي، وإقامة حياة ديمقراطية سليمة .
إنجازات تاريخية في مصر وخارجها
ونجحت الثورة، حيث أجبرت الثورة الملك على التنازل عن العرش والرحيل عن مصر إلى إيطاليا، وتم تعيين اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية، وتم تعيين جمال عبد الناصر في منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، ثم توالت قرارات الثورة التي كان من أبرزها قرار مجلس قيادة الثورة، فى 18 يونيو 1953 بإلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية، وبعد تخلي محمد نجيب عن منصبه، انتخب جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية في 23 يونيو 1956.
وتوالت إنجازات الثورة، والتي من أبرزها، إصدار قانون الإصلاح الزراعي، الذى نص على تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فداناً للملاك القدامى.
وكذلك القرارات التاريخية الكبرى في مصر، مثل إنشاء السد العالى، الذي يعد من أهم مكاسب ثورة 23 يوليو، لأنه ساهم فى التحكم فى تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، وتوليد الكهرباء، وتأميم قناة السويس وعودتها للسيادة المصرية، وتوقيع اتفاقية الجلاء بعد أكثر من سبعين عامًا من الاحتلال.
وخارج مصر، كانت ثورة 23 يوليو بداية توحيد الجهود العربية وحشد الطاقات لصالح حركات التحرر العربية، وفي القارة الأفريقية، لعبت قيادة الثورة دورًا رائدًا مع يوغسلافيا بقيادة الزعيم تيتو ومع الهند بقيادة نهرو في تشكيل حركة عدم الانحياز.