كتبت : أمانى محمد
أمتار قليلة تفصله عن ساحة مسجد حفيد رسول الله، كان ولا يزال معلما هاما من معالم القاهرة السياحية، فبقى "خان الخليلي" أيقونة تاريخية وبازارا مفتوحا للجميع سياح مصريين وغير مصريين أجانب وعرب، إلا أنه اليوم وبعد عقود كان وجهة للسياح، يرثى حاله بعد أن غابوا عنه فأضحت شوارع خاوية إلا من باعة يحاولون اجتذاب المارة للشراء.
أمجد القصبجى بائع ملابس يعمل منذ أكثر من ثلاثين عاما بالخان إلا أنه يصف الأيام الحالية بأنها "وقف حال" بدأ مع أحداث ثورة 25 يناير واستمر فى التفاقم مع غياب السياح حتى أزمة تعويم الجنيه وما تبعه من ارتفاع حاد فى الأسعار جعل الوضع "مفيش بيع ولا شراء لا مصريين ولا أجانب" حسب وصفه.
ويوضح بأنه الآن يعتمد على الزبائن التى تشترى بالجملة أو المصريين الذين يأتون للتنزه أو السيدات التى تشترى فستان أو عباية للبيت، مضيفا "الأسعار وارتفاع الدولار أثرت على كل شيء فما كنت أشتريه من الخامات بعشرين جنيها أصبح بخمسين، والناس تسمع الأسعار وتمشى وقليلًا منهم من يشترى، فالأولى عنده توفير قوت أولاده وليس الرفاهيات".
فيما قال محمود أحمد صاحب محل خاص لبيع المفروشات والملابس، إن حركة البيع داخل الخان تنشط قليلا خلال فصل الصيف بسبب السياحة العربية من دول الخليج أما المصريين يأتون فى رحلات كثيرة للمشاهدة وليس للشراء، أما عن السياح الأجانب أوضح أنهم اعتادوا غيابهم.
وأضاف أحمد الذى يعمل فى خان الخليلى منذ ما يقرب 17 عامًا، أن أزمة الأسعار وتحرير سعر الدولار كانت ضربة قاضية للسوق لأنها زادت الأسعار ثلاثة أضعاف، قائلا "هذا الشال كنا نبيعه بثلاثين جنيها أصبح الآن بمائة لأن الدستة منه تجاوز سعرها 800 جنيه".
البيع فى محله لا يقتصر فقط على الملابس والأزياء التراثية أو الفرعونية، فهم يعرضون أيضا مجموعة من "التيشيرتات" العصرية بأذواق متنوعة إحداها تحمل نصيحة أو جملة ما أو صورة لفنان من الزمن الجميل، كانت جميعها ولا تزال مطلب لعدد من الشباب المصرى حاول بها أصحاب المحال تعويض نقص عدد السياح الأجانب واجتذاب السياحة الداخلية.
ويرجع محمد أبو حسن أحد العاملين بقطاع السياحة منذ أكثر من ثلاثين عاما، حالة الركود، إلى الأحداث التى وقعت فيما بعد 25 يناير، ويتولى أبو حسن الآن إدارة محل لبيع منتجات خان الخليلى مثل ورق البردى وزجاجات العطور وأطباق النحاس وعلب الصدف والتماثيل وكل ما يتحدث عن مصر من منتجات فرعونية وكذلك الملابس المنقوشة وكل المنتجات التراثية، بعد أن ترك العمل فى شرم الشيخ التى وقف الحال بها تماما بسبب غياب الأمن والسياح حسب قوله.
أبعاد الأزمة لا تقتصر على الدولار أو غياب السياحة لكن فى البلطجة والإهمال وغياب الرقابة الحكومية حسب تأكيد محمد على صاحب محل لبيع التحف والأنتيكات بالخان، قائلا "غياب التنظيم والرقابة على الخان مشكلة أكبر، الشحاتين منتشرين فى الخان خلاف أخلاق بعض الباعة فى شد الزبائن أو اقتحام سيرهم، والمتسولين الذين يتجمعون حول أى شخص لطلب المال".
وأضاف أن الباعة المتجولين والفروشات أمام سور المسجد أضرت بخان الخليلي، فأصبح سور المسجد محال للبيع فهم لا يدفعون ضرائب أو فواتير أو تراخيص أو تأمينات بعكسنا هنا داخل الخان هم يضروننا ونخسر فأين الرقابة والحكومة والمحليات؟، قائلا إن الحكومة تهتم بشرم والغردقة والبحر الأحمر فقط ولا تهتم بالسياحة الداخلية، على الرغم من أن خان الخليلى أساس السياحة داخل القاهرة، لكن الآن الوضع اختلف بسبب الإهمال وإشغال الطريق.
وأضاف "ثقافة التعامل مع الغير غائبة فهم يؤثرون على صورة المكان"، مشيرا إلى أن الوضع منذ أول الثورة تضرر لكنه ينشط أحيانا ويخمل أحيانا أخرى، والمفترض أن فصل الشتاء كان موسما للسياحة الأوروبية لكنها اختفت وفصل الصيف يعتبر موسم الخليج، حيث تنشط الحركة نسبيا.
أما عن تأثير الأسعار عليه فقال على عبد الله تاجر بخان الخليلى إن الأسعار يوميا ترتفع وتجار الخامات يزيدون سعرها حسب هواهم لغياب الرقابة عليهم لذلك كل شخص يبيع بسعر مختلف، مضيفا "نحتاج أن تستقر الأسعار لكى نستطيع العمل والبيع لأن الجمهور من المصريين والسياحة الداخلية والحال أيضا صعب عليهم من كل النواحي".
وأضاف أن عددًا من المحال أغلقت والبعض تراكمت عليه الديون وفواتير الكهرباء، موضحا "نقبل الأسعار وأزماتها لكن هؤلاء الباعة المتجولين أضرونا وأثروا علينا غير أنهم مصدر للبلطجة والتهديد وأكثر من نصف المتواجدين فى الميدان مسجلين خطر وأرباب سوابق، لكن لا أحد يتحرك إلا إذا وقعت مصيبة أو كارثة وبعد شهر يعود الوضع كما كان".