الأربعاء 27 نوفمبر 2024

تحقيقات

القطاع الخاص يدخل حلبة السكك الحديدية.. نواب: وافقنا لصالح المواطن.. مواطنون: نخشى ارتفاع أسعارالتذاكر.. وعاملون بالهيئة: كارثة.. وتجربة الشركات "سيئة السمعة"

  • 8-3-2018 | 15:38

طباعة

عهد جديد يشهده قطاع السكك الحديدية منذ بدأ تشغيل أول خط حديدي في مصر عام 1854، بعد موافقة مجلس النواب على دخول القطاع الخاص بوابة السكك الحديدية، وباتت مشاركته في الإدارة والتشغيل والصيانة وإنشاء الخطوط الجديدة قاب قوسين أو أدنى، فلم يعد في قوس الصبر منزع لدى الحكومة، جرّاء الحوادث المتكررة، وتهالك البنية الأساسية لمرفقها الحيوي؛ وانتهاء صلاحية أسطول وحداته المتحركة؛ ما أدى إلى إزهاق الأرواح بالجملة.

وقد وافق مجلس النواب مؤخرًا على مشروع قانون يقضي بتعديل قانون السكة الحديد رقم 152 لسنة 1980؛ بعدما استعصى على القطاع الخاص ما يزيد على النصف قرن.

ويجيز مشروع القانون المعدل بمشاركة الأشخاص الطبيعيين، أو الاعتباريين، مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر، في إدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكة الحديد، وتطويرها وتدعيمها، وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتقديم هذه الخدمة على مستوى الجمهورية.

مشروع قانون رآه البعض طوق نجاة لمرفق السكة الحديد الغريق، فيما اعتبره البعض الآخر كارثة حلت بالعاملين بالهيئة، وجمهورها من البسطاء الذين أثقل كاهلهم الغلاء، ولم يبق لهم سوى نصيبهم من الموت داخل قطارات الغلابة.

طوق نجاة

مجلس النواب اعتبر مشروع القانون طوق نجاة للسفينة الغارقة في أعماق البحار؛ حتى يتمكن من توفير حوالي 200 مليار جنيه؛ لتطوير وتحديث السكة الحديد، والصعود بها إلى قمة الهرم بعدما احتلت مكانًا مكانًا متدنيًا في ذيل القائمة؛ حيث وصلت لرقم 68 بعد أن كانت الثانية على مستوى العالم.  

النائب محمد بدوي عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، أكد أن مرفق السكة الحديد لم يتم تطويره منذ خمسينيات القرن الماضي، إضافة إلى تهالك أسطول الوحدات المتحركة، التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة، تصل إلى 200 مليار جنيه، لا تستطيع ميزانية الدولة التصدي لها، لافتًا إلى أن الهيئة لا يعمل بها أكثر من نصف الجرارات تقريبًا، وأيضُا تهالك الوحدات المتحركة التي انتهت صلاحيتها؛ فيما تقل حوالي مليون ونصف راكب يوميًا.

وأوضح بدوي، لـ "الهلال اليوم"  أن مشاركة القطاع الخاص سوف تكون بإنشاء خطوط جديدة، بخط موازي الإسكندرية- أسوان"، ودخول شركات كبرى لتطوير البنية الأساسية بحق انتفاع يصل إلى 30 سنة؛ لإعطاء فرصة للمستثمر، مع شرط تسليمه الشبكة التي يستخدمها عن طريق حق الانتفاع بحالة جديدة.

وأضاف بدوي، أنه لابد من مراعاة قطارات الغلابة، ودورنا هو الحفاظ عليها وتطويرها، على أن يكون سعر التذكرة مناسبًا  لظروف البسطاء، مع تقديم خدمة أفضل، ومراعاة عامل السلامة والأمان.

انقسام بين العاميلن بالهيئة

عاملون بالسكة الحديد كانت لهم وجهة نظر؛ حيث وصفوا موافقة النواب على دخول القطاع الخاص حلبة السكك الحديدية بـ"الكارثة"، مبدين تخوفهم من ضياع حقوقهم  المالية والوظيفية، حيث توقع "ي. ج" موظف بالسكة الحديد، استغناء شركات القطاع الخاص عن كثير من العمالة، وإجبارها على المعاش المبكر، مرجحًا سقوط هذه الشركات في براثن الخسائر والديون، والقضاء على البنية الأساسية للسكك الحديدية.

وأوضح المصدر الذي رفض نشر اسمه، أن تجربة الشركات في السكة الحديد، أثبتت فشلها فهناك العديد من الشركات التي أنشأتها الهيئة وكلها تعاني من نزيف خسائر مستمر، وليس لها أي إنجاز ملحوظ، بل أضافت عبئا جديدا على الهيئة، واصفًا ما تقوم به شركة إدراة المشروعات على سبيل المثال بـ"خراب البيوت"؛ موضحًا أنها تقوم ببيع وتأجير أملات الهيئة، وتأخذ هي 80%، فيما تحصل الهيئة على 20% فقط على حد تصريحه.

وأشار المصدر، إلى أن هناك الكثير من أراضى الهيئة بجميع محافظات مصر، لم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل، كما إنه لم يتم أيضًا تعظيم الاستفادة من الخردة، وغيرها، ما من شأنه تعظيم موارد الهيئة، وتوجيهها للتطوير والتحديث.

فيما رأى عاملون بالهيئة، أن دخولها عصر الشركات القابضة يقضي على الفساد والمحسوبية، ويمضي بها قدمًا نحو عصور التكنولوجيا؛ ما من شأنه تطوير الهيئة وتحديثها، وتقديم خدمة مميزة تليق بالراكب المصري؛ نافين ضياع حقوق العمال بدخول الشركات الخاصة، وتصفية جميع الشركات التي تدار برأس مال الهيئة. 

مخاوف مشروعة

تخوفات كثيرة لدى عدد من جمهور السكة الحديد؛ خاصة من يستقلونها بشكل يومي من قاطني الضواحي، من مشاركة القطاع الخاص في إدارة وتشغيل وصيانة السكة الحديد، من ارتفاع أسعار الخدمة بشكل لا يحتمله بسطاء الموظفين والعمال، الذين يبلغ عدهم 190 مليونا سنويا.

"أحمد على- موظف" بإحدى المصالح الحكومية، قال إن القطاع الخاص يهدف إلى الربح؛ وبالتالي سوف يضاعف أسعار التذاكر لتحقيق الربح دون الاكتراث بظروف الركاب المعيشية.

وشاركه الرأي "حمدي محمود- عامل قائلا : "الدولة لازم تقف جنب الغلابة"

وقال "محمود علي- موظف"، القطاع الخاص أصبح ضرورة لكن لابد من المراقبة والمحاسبة، على أن تقوم الدولة بضبط الأسعار، موضحًا أن تجربة دخول القطاع الخاص في قطاع الأعمال العام "سيئة السمعة"

"الهيئة": لا يهدف للربح

المهندس سيد سالم رئيس هيئة السكة الحديد، أكد أن مشاركة القطاع الخاص تستهدف تطوير ودعم مرافق الهيئة، التي تحتاج إلى التطوير بشكل عام، لافتًا إلى أن الاستثمارات المطلوبة ضخمة،  وهذا التعديل يسمح للشركات الاستثمارية الكبرى بالمشاركة في منظومة السكك الحديدية، والعمل على إعداد خطة لتطوير الهيئة؛ لتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة.

وأضاف سالم،  أن السماح للقطاع الخاص بالاشتراك فى إنشاء الخطوط الجديدة، والصيانة، ومنظومة نقل البضائع للعمل يهدف بشكل أساسي إلى زيادة إيرادات السكة الحديد، لأن قانون السكة الحديد رقم 152 لسنة 1980 الذي تم تعديله وموافقة البرلمان عليه كان ينص على اختصاص الهيئة القومية لسكك حديد مصر، دون غيرها عن كل هذه الأمور.

وتابع سالم أن المادة الثانية من مشروع القانون المعدل تنص على أن تختص الهيئة بإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدية على المستوى القومى، وتطوير هذه الشبكات بما يتناسب مع دورها الرئيسى فى حركة النقل، والعمل على مسايرتها لمتطلبات التوسع فى الإنتاج والتعمير فى إطار الخطة الاقتصادية والسياسة العامة للدولة، وإنشاء وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض وتطوير خدماتها فى جميع أنحاء الجمهورية.

وأيضًا تجيز المادة الرابعة للهيئة فى سبيل تحقيق أغراضها وبعد موافقة وزير النقل، إنشاء شركات مساهمة بمفردها أو مع شركاء آخرين، ويجوز تداول أسهم هذه الشركات بمجرد تأسيسها، وللعاملين فى الهيئة الأولوية فى شراء نسبة لا تتجاوز 10 فى المائة من أسهم تلك الشركات.

كذلك يجوز للهيئة منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين؛ أشخاصًا طبيعين، أو اعتباريين، لإنشاء وإدارة وتشغيل و صيانة مرافق السكة الحديدية دون التقيد بأحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 بالتزامات المرافق العامة، والقانون رقم 61 لسنة 1958 في شأن منح الامتيازات المتعلقة باستثمار موارد الثروة الطبيعية، والمرافق العامة، وتعديل شروط الامتياز، وذلك طبقًا للقواعد والاجراءات الآتية : أن يتم اختيار الملتزم فى إطار المنافسة والعلانية، و إلا تزيد مدة الالتزام على خمس عشرة سنة،و تحديد وسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية التي تكفل حسن سير المرفق بانتظام واضطراد.

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة