الخميس 20 يونيو 2024

أصحاب ولاية الحضانة على الصغير

15-3-2017 | 11:55

بقلم – د. عباس شومان

 

لما كانت الحضانة تعنى الرعاية والعناية بالطفل الصغير الذى لا يقوى على رعاية نفسه وتوفير ما يحتاج إليه من مأكل وملبس ونظافة وتربية وغير ذلك، كانت النساء بها أليق وعليها أقدر من الرجال، ولذلك فإنهن يتقدمن على الرجال فى استحقاقها.

ولما كانت الحضانة رعاية لطفل لا يقدر مصلحة نفسه ويدخل فيها ما تأنف منه النفس وتنفر منه كان من الأصلح والأنفع أن يقوم بها من تغلب عليه محبة الطفل والحرص على مصلحته، وذلك يكون فى قرابته الأقربين

 

ولما كانت  قريبات الطفل من النساء تتفاوتن فى القرب والبعد منه، كان الأجدر أن تتولاها الأقرب فالأبعد، ولما كانت الحضانة فى بعض أحوالها لا يتوفر فيها وجود القريبة الصالحة لرعايته، كان من البديهى أن يتولاها الرجال الأقرب فالأبعد كذلك حتى لا يهلك الطفل لعدم وجود الحاضنة أو الحاضن. وللفقهاء وجهات نظر تتفق فى بعض جوانبها: ككون النساء أولى بالحضانة، وأن أولاهم الأم زوجة كانت للأب أو مطلقة أو أرملة، وأن الحضانة تكون للرحم المحرم. وتختلف فى بعض جوانبها كتقدم الرجال على بعض النساء كالأب على الجدات، وتقدم بعض النساء على بعض كالخالة على الجدة لأب.

والأصل عند الحنفية أن النساء يتقدمن الرجال فى الحضانة، وأن قرابة الأم مقدمة على قرابة الأب، ثم تنتقل الحضانة بعد سن معينة إلى الرجال، ولأنّ مذهبهم هو المعمول به فى مجال الأحوال الشخصية، فسنسير على ترتيبهم للمستحقات للحضانة والمستحقين لها وهم:

الأم: هى أولى الناس بحضانة طفلها حيث إنها من البدهى أكثر الناس حبا له وحنوا عليه ومعرفة بحاله وما يصلح له، وهى التى يناط بها القيام بشأنه فى ظل الزوجية المستقرة، وكذلك عند انقطاع الزوجية، لأن انقطاع صلتها بالزوج لا تقطع ما بينها وبين ولدها، بل هى الأم فى ظل الزوجية، وهى كذلك بعد انتهاء زوجيتها. ولا خلاف على أحقية الأم وتقدمها على غيرها فى حضانة طفلها بين الفقهاء، قال ابن قدامة:( وجملته أن الزوجين إذا افترقا، ولهما طفل أو معتوه، فأمه أولى الناس بكفالته إذا كملت الشرائط فيها، ذكرا كان أو أنثى، وهذا قول يحيى الأنصاري، والزهري، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبى ثور، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدا خالفهم ).

أم الأم (الجدة لأم): يرى الحنفية، والمالكية، والشافعية فى الجديد، والحنابلة فى المشهور: أن الأم إذا فقدت شرط استحقاقها لحضانة الطفل، أو لم تكن راغبة فيها، كما لو أرادت الزواج واشترط الزوج عليها عدم حضانة طفلها من زوجها السابق، ولم تكن الحضانة متعيِّنة عليها، فإن حق الحضانة ينتقل إلى أمها(الجدة لأم) وإن علت، وإنما انتقل حق الحضانة إلى الجدة لأم بعد الأم، لأنها تشاركها فى الولادة فقد ولدت الجدة لأم –ابنتها-الأم التى ولدت الطفل، كما تحل محلها فى الإرث عند فقدها.

الجدة لأب: يرى أبو يوسف، والشافعية فى الجديد، والحنابلة فى الصحيح: أن الجدة لأب تلى الجدات لأم فى الحضانة، وتتقدم على الأخوات و الخالات. وقدمت الجدة لأب على غيرها من الأخوات والخالات لأن لها ولادة على الطفل بخلافهن، كما تفارق الجدة لأب الخالة فى أنها من الوارثات بخلافها.

الأخت الشقيقة بعد الجدة لأب: ينتقل حق الحضانة عند الجمهور إلى الأخوات، وتقدمت الجدة لأب على الأخوات لأنها تدلى إلى الطفل بولادة، وهى أشفق على الطفل من الأخت، فكانت الجدة لأب أولى من الأخوات بالحضانة، وكانت الأخت الشقيقة أولى الأخوات لأنها تدلى إلى الطفل من جهة أبويه.

الأخت لأم: يرى الحنفية، والمالكية، والشافعية فى قول أن القرابة فى الأخوات إن كانت من أحد الأبوين فقط، قدم فيه ما كان من جهة الأم على من كان من جهة الأب، ولذلك فهم يرون أن الأخت لأم مقدمة على الأخت لأب، وكذلك تقدم بنت الأخت لأم على بنت الأخت لأب، وكذلك الأخوة لأم على الأخوة لأب، وعللوا ذلك بأن الأم مقدمة فى الحضانة على الأب، فكذلك يقدم من يدلى بها على من يدلى بالأب، أما الأخت الشقيقة فقد تقدمت على الأخت لأم لأنها تدلى إلى الطفل بأمه كالأخت لأم وترجحت عليها بأنها تدلى إليه بالأب أيضا.

الأخت لأب: هى آخر الأخوات استحقاقا للحضانة وقد تأخرت فى الاستحقاق على الأخت لأم مع أن الأخت لأب تعتبر من العصبات فى الإرث بالغير إذا كان معها الأخ لأب، أو مع الغير إذا وجد معها فرع وارث مؤنث ولم يكن معها الأخ لأب، ولا تعصب الأخت لأم بحال، وجهة التعصيب تراعى فى استحقاق الحضانة أيضا، إلا أنها هنا تقدمت غير العاصبة وهى الأخت لأم على العاصبة وهى الأخت لأب، لأن الأخت لأم تدلى إلى الطفل بالأم، والأم مقدمة فى الحضانة على الأب الذى تدلى به الأخت لأب، وهذا على رأى الجمهور بخلاف الشافعيّة فى قول والحنابلة حيث يقدمونها على الأخت لأم كما سبق بيانه.

ثم يأتى بعد ذلك بالترتيب: بنت الأخت الشقيقة، ثم بنت الأخت لأم، ثم بنت الأخت لأب، ثم الخالة الشقيقة، ثم الخالة لأم، ثم الخالة لأب، ثم بنت الأخ الشقيق، ثم بنت الأخ لأم، ثم بنت الأخ لأب، ثم العمة الشقيقة، ثم العمة لأم، ثم العمة لأب، ثم خالة الأم الشقيقة، ثم خالة الأم لأم، ثم خالة الأم لأب، وعلى الصحيح عند الشافعية خالة الأم لأم، ثم خالة الأب الشقيقة.

وبعد حالات الأم ينتقل الحق إلى خالات الأب، وأحقهن خالة الأب الشقيقة، ثم خالة الأب لأم، ثم خالة الأب لأب، ثم عمة الأم الشقيقة.

وبعد خالات الأب تنتقل الحضانة إلى عمات الأبوين، وعمات الأم يتقدمن على عمات الأب، وأحق عمات الأب عمته الشقيقة، ثم عمة الأم لأم، أو لأب على الصحيح عند الشافعية، ثم عمة الأم لأب، أو لأم على الصحيح عند الشافعية، ثم عمة الأب الشقيقة، ثم عمة الأب لأم، ثم عمة الأب لأب.