الأحد 30 يونيو 2024

المرأة‭ ‬حائط‭ ‬صدّ‭ ‬الإرهاب

17-3-2017 | 13:28

 بقلم : د. عبدالله النجار

 أحسن ما يقال في حق المرأة: إنها حائط صد الإرهاب، هذا صحيح مائة بالمائة، ذلك أن المرأة هي الحضن الدافئ الذي يحتوي الابن، فيهدأ فيه ويسكن، ويشعر بالرضا والسكينة والراحة والطمأنينة ومن يريد أن يقف على فضل المرأة في صد الإرهاب يتأمل قليلا في أحوال أولئك الذين تسربوا من مظلة الأسرة، وشردوا عن رعايتها، فأصبحوا بلا أم تحتويهم أو والد يحنو عليهم ويرعاهم، ومن خلال ذلك التأمل سوف يدرك أنهم قد انخرطوا في صفوف الجماعات الإرهابية، أو أصبحوا أدوات فاعلة في المظاهرات التي خرجت علينا وقت الفوضى السابقة التي أثارها الإرهابيون إياهم، وكان هؤلاء المشردون يقتلون ويحرقون بلا رحمة أو هوادة، وذلك من جراء الحقد الدفين الذي ملأ قلوبهم، والغل الذي سيطر عليهم بسبب فقدهم للرعاية الوالدية، وحرمانهم من حضن أمهاتهم، وهذا يدل على أن الأم بصفة خاصة والمرأة على وجه العموم تمثل الراحة والسكينة للأبناء والرجال على وجه العموم، وأنها إذا طرحت حبها عليهم وظل حنانها حولهم، فإنهم لن يفارقوا ذلك الحنان ولن يبتعدوا عن ذلك الظل الظليل، وسوف يتفانون في إثبات ذواتهم، والعمل المتواصل لتدعيم وجودهم ورجولتهم, وفي مثل هذا الجو المليء بالعمل النابع من الحب والناتج عن تلك الروابط الإنسانية الرفيعة لن يكون هناك مجال للتفكير في أعمال إرهابية، أو مخططات شيطانية، بل ولن يكون لديهم قبول لأي فكرة أو عمل يربطهم بالإرهاب، أو يدفعهم إلى إيجاد أي علاقة به.

والأم تمثل عرض الإنسان وشرفه، وهذه القيم النابعة من عطاء الأم والناشئة عن وجودها تمثل أهدافا جليلة للابن وللزوج ولكافة ذوي قرباها ومعارفها، ولهذا ترى الجميع يتسابقون في حمايتها، وتقديم كافة وجوه الرعاية لها، ودفع المخاطر عنها، ومن أهم تلك المخاطر التي يتسابق الجميع في دفعها عن المرأة، أما أو أختا أو زوجة أو عمة أو خالة أو جارة، أو ذات قربى من أي جهة كانت، وهذا يدل على أن وجود المرأة يمثل هدفا لمقاومة الإرهاب ودفعه عن أي منفذ يمكن أن يتهدد المرأة، ومن هذا يبدو أن المرأة مانع من الإرهاب بما تضفيه على النشء من حنان وحب يربطهم، ويحول بينهم وبين السقوط في حبائل الإرهاب، كما تمثل مقصدا للحماية التي تحول بين المرأة وبين أن يتطاول إليها الإرهاب، ومن ثم فإنهم يشغلون عن المشاركة في الأعمال الإرهابية بتلك الغايات النبيلة التي تعد المرأة هي محورها، وهي الغاية منها، والبديل الذي يمثل حائط الصد للوقوع فيها.

كما أن المرأة في ذاتها تمثل أحد جنود مقاومة الإرهاب، وأعظم أدوات القضاء عليه، وذلك بعقلها وعلمها وما فطرها الله عليه من كره له وحب للاستقرار والتعمير، وهي في ذلك الأمر تشارك الرجل في حرب الإرهاب والقضاء عليه، لأنه إذا كشر عن أنيابه وأظهر مساءاته، وأبدى تخريبه وتفجيراته، لا يفرق بين رجل وامرأة، ولا بين فتى وفتاة، أو ولد وبنت، وهذه المساواة في الاستهداف بالقتل والتخريب من الإرهاب تستلزم المساواة في المقاومة والتعاون من أجل مواجهته واتخاذ موقف حاسم ضده، وذلك ما يحدث من المرأة ويضيف إلى عطائها للناس وللمجتمع ما لا يحتاج إلى إثبات، وما هو أوضح من الشمس في كبد السماء.

وربما لهذا السبب ومن أجل ما تقدمه المرأة لبني مجتمعها في كافة الميادين جاءت الإشارة إلى هذا الدور الكريم للمرأة في قول الله تعالى: "من عمل صالحها من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"، فجعل مشاركتها للرجل في الأعمال الصالحة - ويجيء على رأس القائمة منها مقاومة الإرهاب وصده بكافة الوسائل - من الأعمال التي تتساوى فيها مع الرجل، وبما يقدمانه - معا - في سبيل تلك الغاية تتحق الحياة الطيبة والوجود الكريم والجزاء الأوفى من الله سبحانه وتعالى. ومن الواجب أن تجازي المرأة على ما تقدمه لمجتمعها وبني وطنها بالإحسان والفضل الذي تستحقه فذلك الجزاء يمثل أقل الواجبات نحو ما تقدمه من عمل صالح لوطنها وبيتها وأهلها في كل المجالات، ومن أهمها مقاومة الإرهاب والقضاء عليه. وغني عن البيان أن دور المرأة في النهوض بالمجتمع ومقاومة الإرهاب تحديدا كان محورا لأهم التوصيات في المؤتمر الوزاري الذي عقد بمدينة شرم الشيخ مدينة السلام وعروس سيناء عن الإرهاب والتنمية الاجتماعية (أسباب ومعالجات) برعاية السيد عبدالفتاح السيسي وحضور وزراء الشئون الاجتماعية العرب وبرئاسة السيدة المحترمة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي بجمهورية مصر العربية، فقد أشار ذلك المؤتمر إلى دور المرأة في التنمية الاجتماعية التي تعتبر أداة بحماية الشباب من الوقوع في براثن الإرهاب وتأكيد هويته الوطنية التي يجد في الإعتزاز بها شغلا عن الالتفات له، وتحقيق الحياة الكريمة له فلا يخدعه أحد بالمال، ولتكون المرأة سببا للخير في جميع الأحوال.