أكد محافظو البنوك المركزية الإفريقية أهمية التعاون المشترك بين الدول في القارة الإفريقية، للحد من ظاهرة تدفقات الأموال غير المشروعة في الدول الإفريقية، حيث يصل حجم العمليات التي تتم بطرق غير مشروعة في إفريقيا إلى أكثر من تريليون دولار سنويا.
وقال محافظو البنوك المركزية الإفريقية المشاركون في فاعليات اجتماعات جمعية البنوك المركزية الإفريقية بشرم الشيخ اليوم، بحضور 40 محافظ بنك مركزي من قارة إفريقيا، بالإضافة إلى مسؤولين من صندوق النقد والبنك الدوليين والبنك المركزي الأوروبي ومؤسسات دولية، إن ظاهرة تدفق الأموال غير المشروعة، تنعكس بالسلب على الاقتصادات الإفريقية، وتستنزف مواردها ومقدراتها، وتعرقل عمليات التنمية المستهدفة وتزيد البطالة.
ومن جانبه، قال محمد لوكال محافظ البنك المركزي الجزائري، في كلمته، إن المعاملات الدولية الشرعية، تشهد تراجعا ملحوظا أمام تزايد المعاملات غير المشروعة، وهو ما يؤثر على اقتصادات الدول بشكل سلبي، خصوصا الدول الإفريقية التي تعاني بشدة من تفشي هذه الظاهرة التي تعطل خطط النمو فيها.
وأضاف محافظ البنك المركزي الجزائري أن على الدول الإفريقية تكثيف التعاون في ما بينها من جانب، وبينها وبين المؤسسات الدولية والعالم الخارجي من جانب آخر، للحد من ظاهرة تدفق الأموال غير المشروعة، والتي تأتي من تهريب البضائع أو الرشاوى أو تلك التي تستهدف تمويل عمليات غير شرعية، منها عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقال أرنست إديسون محافظ البنك المركزي الغاني، إن بلاده اتخذت العديد من التدابير والإجراءات للحد من عمليات تدفق الأموال غير المشروعة، بالإضافة إلى تطبيق متطلبات بازل في العمل المصرفي، والتركيز على النزاهة في النظام المالي، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة تضافر الجهود والتعاون الداخلي والخارجي لمواجهة تلك الظاهرة.
وفي السياق نفسه، قال الدكتور باتريك نييجوروجو محافظ البنك المركزي الكيني، إن مشكلة تدفقات الأموال غير المشروعة تعاني منها القارة الإفريقية منذ فترة طويلة، ولا تزال موجودة حتى الآن، معتبرًا أن الاتجاه لخفض المعاملات مع البنوك التي تقوم بعمليات مصرفية غير شرعية، أمر غير مجد ويحتاج إلى جهود أكبر على صعيد التعاون الدولي، مضيفًا أن هناك وسائل مختلفة لتدفق الأموال غير المشروعة، منها التحويلات النقدية للعاملين في الخارج، والتي تتم عبر طرق غير شرعية، بالإضافة إلى عمليات التهرب الضريبي، وتهريب البضائع، وتمويل الإرهاب، وغسيل الأموال، مطالبا بضرورة التعاون وتبادل المعلومات بين الدول والبنوك المركزية لمعرفة اتجاهات تلك الأموال.
وأشار محافظ البنك المركزي الكيني إلى وجود أشكال مختلفة لتدفق الأموال غير المشروعة، منها التي يقوم بها الأشخاص المعرضون لمخاطر سياسية في بلدانهم، وهي من النقاط التي تحتاج إلى إعادة نظر، ووقفة وتعاون مثمر بين الدول، لافتا إلى أن العملات الافتراضية هي نوع آخر من عمليات تدفق الأموال غير المشروعة، والتي تضر بالدول واقتصادياتها وتؤدي إلى انهيارها.
وأكد ماجوزي سيزول محافظ البنك المركزي في "آي سواتيني" (سوازيلاند)، أهمية تبادل المعلومات داخل الدولة الواحدة، وبين البنوك بعضها البعض، وكذلك عبر الحدود، حتى نتمكن من محاصرة تلك الظاهرة.
ومن جانبه، قال بارتيك سايدوكوتيه محافظ البنك المركزي السيراليوني، إن هناك منظورين لمسألة التدفقات النقدية غير المشروعة، المنظور الأول عام وظاهري، والآخر قانوني، وهو ما يتطلب ضرورة الوصول إلى تعريف محدد للتدفقات النقدية غير المشروعة، حتى نتمكن من التحرك بفاعلية تجاه تلك الظاهرة، في ظل ضخامة المبالغ التي تتم من خلالها والتي تخطت أكثر من تريليون دولار.
وأضاف سايدوكوتيه أن التدفقات النقدية غير المشروعة ناقشتها مجموعة الـ7 ومجموعة الـ20 في اجتماعاتها الأخيرة وهو ما يؤكد أهميتها والتهديد الذي تشكله للاقتصاد العالمي وليس الإفريقي فقط.
وقال آلان راسولافوندرالبي محافظ البنك المركزي بمدغشقر، إنه يجب الحد من التدفقات النقدية غير المشروعة التي تعد مبالغ ضخمة للغاية، ويمكن أن تشكل هذه الأموال أهمية كبيرة للاقتصادات الهشة في إفريقيا، مثل اقتصاد بلاده ويمكن لمثل هذه الأموال أن تسهم في دفع الاقتصادات قدما نحو تحقيق النمو.
وأضاف أن بلاده تعاني من هذه الظاهرة من خلال انتشار عمليات تصدير غير مشروعة تتم بشكل يومي، ولا تدخل الجهاز المصرفي، منها صادرات الأخشاب، والأحجار الكريمة، ونشاط التعدين والتحويلات، وغيرها، حيث تمثل هذه العمليات غير المشروعة نحو 40% من إجمالي العمليات النقدية.