الأحد 6 اكتوبر 2024

العرب ٢٠١٧

22-3-2017 | 12:10

بقلم –  مدحت بشاى

 

قالوا إن سعى الإنسان ورغبته فى تحقيق التقدم يُعد أمراً طبيعياً فطرياً في تركيبته، فإذا كان الأمر كذلك، فما هو الذي يحيد بالمرء عن الطريق الذي يصل به إلى تحقيق التقدم والرفعة؟!

أرى بداية أننا في منطقتنا العربية عند سعينا لتحقيق تقدم ما نعتمد ـ للأسف ــ منهجية تحرك تستسهل أمر «التبعية «بمعناها الرديء كآلية داعمة للانقياد والتصاغر وغياب الإرادة والانبهار المريض بنماذج ذائعة الصيت، وهو توجه فكري متخلف، وكان الأولى السعى إلى امتلاك رؤية تتيح اختيارات تحقق التقدم ارتكازا إلى منهج علمي يُراعي المعطيات الموجودة على أرض الواقع من موارد مالية وبشرية ومخزون تراكمي من الخبرات والمعارف لتحقيق التقدم ..

لقد بات معروفا أنه على مستوى الفرد هناك صعوبة في بلوغ المرام في إنجاز المهام الكبري بشكل أحادي دون الاستعانة بالغير، ومن منا لم يستمع إلى الراحل الدكتور زويل يصرخ ويكرر عبر كل وسائل الإعلام المصرية والعربية أن النجاح لا يصنعه بضع جهود فردية تُبذل في جزر منعزلة، بينما الحادث في كل المجتمعات المتقدمة هو تحالف كل قوي وقواعد المعرفة والمعلومات والبحث العلمي فيها للبحث عن حلول تتداخل في صياغتها وصناعتها علوم ومعارف وتقنيات مختلفة لإنجاز طفرات علمية للانتصار على كل مثبطات الواقع..

إن العمل في مجتمعاتنا العربية بشكل عام وفي جامعاتها ومراكزها البحثية بشكل خاص يتم دونما تمازج للنظريات والأطروحات والابتكارات العلمية رغم أننا نعيش زمن تداخل العلوم وصارت الإنجازات الكبري نتاج تعاون علمي هائل بشفافية، ودونما حجب أي معارف أو معلومات علمية بحجج التخصص وادعاء التفرد الحصري بالحقائق العلمية ووضعها في حصون خلف متاريس ممنوع الاقتراب منها ..

لا شك أن هناك تراجعا في تفعيل واستخدام مخرجات علوم التخصصات العلمية والبحثية على المستوى العربي مقارنة بما يحدث في دول ومجتمعات لم يكن لديها جامعات ومراكز علمية عريقة عراقة مؤسساتنا التعليمية (الأزهر وجامعة القاهرة وعين شمس، وغيرها من المؤسسات التعليمية والعلمية الكبرى)، وهناك أيضا تراجع في البحث عن أطر لتوحيد الجهود بين الحكومات العربية في مجال إنجاز مشاريع كبرى مشتركة وتحفيز مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والبرلمانات العربية لدعم العمل المشترك دونما التأثر بخلافات سياسية أو أيديولوجية.

اليوم ونحن نحتفل في شهر مارس الجاري بمرور ٧٢ سنة على إنشاء الجامعة العربية وبمناسبة عقد القمة العربية، تعال عزيزي قارئ مجلتنا الرائعة نُطالع معاً المقال الافتتاحي للكاتب الصحفي الشهير على أمين للعدد الذي خصصته إدارة تحرير «المصور» للاحتفال بالجامعة العربية في شهر مارس ١٩٦٤ .. المقال تحت عنوان «العرب سنة ٢٠٠٠» .. إليك بعض أحلام مواطن صحفي يراها آنئذ قابلة للتحقق على أرض الواقع ..

كتب «على أمين» .. أتوقع أن يرى العرب خلال الست والثلاثين السنة القادمة أحلامهم وهي تتحقق حلماً بعد حلم !

أتوقع أن نرى في السنوات القادمة سوقاً عربية مشتركة تتحكم في أسواق العالم وتفرض الأسعار التي تبيع بها المنتجات العربية، والأسعار التي تستورد بها حاجاتها من الأسواق الأجنبية.

أتوقع أن يرتفع مستوى المعيشة في كل بيت، وأن تختفي الأمية من كل بلد عربي . أتوقع اختفاء كل الحواجز الجغرافية والجمركية!

أتوقع أن تتحد كل شركات الطيران في البلاد العربية في مؤسسة واحدة تزحم السماء العربية بطائراتها.

أتوقع أن تنخفض أجور السفر بهذه الطائرات إلى ٢٥٪ من قيمة الأجور الحالية ... ويصبح السفر من القاهرة إلى بيروت أرخص من السفر من القاهرة إلى الإسكندرية !

أتوقع أن تتحول الدولة العربية إلى ولايات عربية متحدة لها برلمان واحد يشرف على السياسة الخارجية والدفاع والتعليم ... وبرلمانات صغيرة في كل عاصمة عربية تشرف على الأمور الداخلية.

أتوقع أن تقوم في البلاد العربية نهضة علمية ضخمة، وتقوم الجامعات العربية بأبحاث ضخمة في مكافحة السرطان وفي تجربة زرع عيون جديدة تُعيد البصر للأعمى.

أتوقع إنشاء جيش واحد مدرب تدريباً واحداً ومستخدماً لنفس الأسلحة، وتشرف عليه قيادة واحدة.

أتوقع أن يعود كل لاجئ عربي إلى بيته القديم.. أتوقع أن يسترد العرب فلسطين ...

أتوقع أن تبدأ في إسرائيل حركة هجرة ضخمة من اليهود الذين يئسوا من تحقيق فكرة إنشاء الوطن القومي..

أتوقع أن تصبح الولايات العربية قوة فعالة في حراسة سلام العالم، وإبعاد خطر الحرب الذرية.

أتوقع أن تصبح البلاد العربية منارة الحرية في العالم، فيلجأ إليها كل أحرار الدنيا.

أتوقع أن تضرب الأمة العربية مثلاً في التسامح والعدالة والحرية واحترام كل حقوق الإنسان.

أتوقع أن تزحف المرأة العربية إلى الصفوف الأمامية، وتفرض بغريزتها الاستقرار على حياتنا السياسية.

أتوقع أن يتضاعف دخل البلاد العربية عدة مرات من البترول والكنوز المدفونة، وأن يتضاعف إنتاج كل فدان من المحاصيل، وأن تدخل الأساليب الحديثة في كل حقل عربي !

.. إننا سنرى العجب في الست والثلاثين سنة القادمة !

فإن ما سيحققه العرب في هذه الفترة، لم يحققه شعب آخر في ٣٦٠ سنة !

أتوقع أن يُصدر المصور سنة ٢٠٠٠ عدداً خاصاً من ألف صفحة يتحدث عن الانتصارات التي حققها العرب في السياسة والفن والعلوم !

ويبقى السؤال ماذا يمكن أن يرصد « المصور « سنة ٢٠١٧ عن أحوال العرب ؟!!