يحيي العالم اليوم الأربعاء، الذكرى السنوية السادسة والعشرين لليوم الدولي للقضاء على الفقر، تنفيذا لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 196/47، في 22 ديسمبر 1992، إعلان يوم 17 أكتوبر من كل عام ليكون يوما دوليا للقضاء على الفقر.
ويمثل هذا العام، الذكرى السنوية الـ 31 للدعوة إلى العمل التي وجهها الأب جوزِف ريسنسكي، ومثلت الإلهام الحقيقي لإعلان يوم 17 أكتوبر يوما عالميا لإنهاء الفقر المدقع، ومن ثم اعتراف الأمم المتحدة بذلك اليوم بوصفه اليوم الدولي للقضاء على الفقر.
وكان جوزيف ريسنسكي من أوائل الأشخاص الذين سلطوا الضوء على هذه الصلة المباشرة بين حقوق الإنسان والفقر المدقع. وفي فبراير 1987، ناشد لجنة حقوق الإنسان بأن تدرس مسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان، وتمكن من الربط بين حقوق الإنسان والفقر المدقع بملاحظته العميقة التي قال فيها: "حيثما يحكم على الرجال والنساء بالعيش في فقر مدقع، حقوق الإنسان منتهكة..إن الالتزام بضمان احترام هذه الحقوق واجبنا الرسمي، لا تستطيع السياسات الحكومية وحدها أن تخلق الإدماج الاجتماعي الذي هو أساسي للوصول إلى أولئك الذين خلفهم الفقر، والتغلب على الفقر بكل أبعاده.
ويركز الاحتفال هذا العام 2018 على شعار "الالتقاء بمن تخلفوا عن الركب كثيرا لبناء عالم شامل ينعم بالاحترام العالمي لحقوق الإنسان وكرامته، وتحل هذه السنة الذكرى السنوية السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى وجود نحو مليار و3 ملايين شخص فقير، فى 104 دول تحت خط الفقر، ويشكل الأطفال دون الـ 18 عامًا، ما يزيد على نصفهم.
ويعرف الفقر حسب ما جاء في منظمة الأمم المتحدة بأنه "قصور في القدرة البشرية، بمعنى عدم قدرة الإنسان على توفير جوانب عديدة من حياته ومتطلباته الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وعدم حصوله على الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والعمل".
إن استمرار الفقر، بما في ذلك الفقر المدقع، يشكل مصدر قلق رئيس للأمم المتحدة، وفي الدورة 72، أطلقت الجمعية العامة عقد الأمم المتحدة الثالث للقضاء على الفقر (2018-2027) تحت شعار"التعجيل بالعولمة.. إجراءات من أجل عالم خال من الفقر".
ويمثل الهدف الأول: القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان": على الرغم من خفض معدلات الفقر المدقع إلى أكثر من النصف منذ عام 2000، إلا أن عشر سكان المناطق النامية لا يزالوا يعيشون وأسرهم على أقل من 1.90 دولار يوميا، ويوجد ملايين أخرى ممن يكسبون يوميا أكثر من ذلك قليلا.
وقد أُحرز تقدم كبير في العديد من الدول في شرق آسيا وجنوب شرقها، مع ذلك لم يزل 42% من سكان أفريقيا جنوب الصحراء يعيشون تحت خط الفقر.
إن الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل والموارد ضمانا لمصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية، وضآلة إمكانية الحصول على التعليم وغيره من الخدمات الأساسية، والتمييز الاجتماعي، والاستبعاد من المجتمع، علاوة على عدم المشاركة في اتخاذ القرارات، لذا يتعين أن يكون النمو الاقتصادي جامعا بحيث يوفر الوظائف المستدامة ويشجع على وجود التكافؤ.
ولابد من تنفيذ نظم الحماية الاجتماعية للمساعدة في تخفيف معاناة البلدان المعرضة لمخاطر الكوارث، ولتقديم الدعم في مواجهة المخاطر الاقتصادية الكبيرة، وستساعد تلك النظم في تعزيز استجابة المتضررين للخسائر الاقتصادية في أثناء الكوارث، فضلا عن أنها ستساعد في نهاية المطاف في القضاء على الفقر المدقع في أشد البقع فقرا.
وكشف تقرير للأمم المتحدة بالتعاون مع مبادرة أوكسفورد للفقر والتنمية البشرية تحت عنوان "مؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد"، حيث أشار إلى أن الفقر المدقع الذي يعيشه العالم اليوم هو ثلث ما كان عليه في عام 1990، إلا أن ما يصل إلى نحو 11 % من سكان العالم لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر خلال العام الحالي أي أن هناك أكثر من مليار فقير فى العالم، هذا ما كشف عنه مسؤولون دوليون، موضحين أن عددا من الأشخاص لا يزالون حتى يومنا هذا يموتون بسبب أمراض يمكن شفاؤها أو منعها، وأن الأطفال لا يزالون غير قادرين على تلقي تعليم جيد، وأن العديد من النساء والفتيات لا يزلن مستبعدات أو مضطهدات، وطالبوا الدول بوضع نهج شامل لعدة قطاعات، عن طريق مشاركة مزيد من النساء والشباب والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأطراف الإقليمية الفاعلة، كما طالبوا ببذل مزيد من الجهود المتضافرة من أجل إعطاء مزيد من الزخم لتحقيق أهداف عام 2030 للتنمية المستدامة.
وتشير تقارير البنك الدولي لعام 2018، أنه على الرغم من التقدم الهائل في الحد من الفقر المدقع، لا تزال المعدلات مرتفعة مع استعصاء في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتضررة من الصراعات والاضطرابات السياسية.
وذكر التقرير أن حوالي نصف بلدان العالم لديها حاليا معدلات فقر أقل من نسبة 3%، لكن التقرير يتوصل إلى أن العالم ككل لا يمضي على المسار الصحيح لتحقيق الهدف بأن تقل نسبة من يعيشون في فقر مدقع في العالم عن 3% بحلول عام 2030، وتشير التوقعات الأولية للبنك الدولي إلى أن الفقر المدقع انخفض إلى 8.6% عام 2018.
وقال جيم يونج كيم رئيس مجموعة البنك الدولي" إنه خلال السنوات الـ 25 الماضية، استطاع أكثر من مليار شخص انتشال أنفسهم من براثن الفقر المدقع، ومعدل الفقر العالمي الآن أقل مما كان عليه في التاريخ المسجل، وهذا أعظم إنجازات البشرية في عصرنا... لكن إذا كنا سننهي الفقر بحلول عام 2030، فإننا بحاجة إلى استثمارات أكبر كثيرا، خاصة في بناء رأس المال البشري للمساعدة في تعزيز النمو الشامل المطلوب للوصول إلى فقراء العالم الباقين.
وأشار كيم إلى أنه سيتم نشر التقديرات في تقرير لعام 2018 تحت عنوان "الفقر والرخاء المشترك 2018: حل معضلة الفقر معا"، ومن المقرر إصداره في 17 أكتوبر، الذي يوافق اليوم العالمي لإنهاء الفقر".