الأحد 24 نوفمبر 2024

تحقيقات

غدا الثلاثاء ذكرى مولد مديح الأكوان دعوة إبراهيم وبشارة عيسى

  • 19-11-2018 | 09:04

طباعة

تحتفل دول العالم الإسلامى غدا الثلاثاء بذكري "المولد النبوى الشريف"، الذي لم ولن تنطفئ بهجته مهما مضت القرون، فقد استمر الاحتفال به على مدى الزمان وهاجا في قلوب المسلمين، فتحتفل به جميع الدول الإسلامية في وقت واحد كعادتهم في كل عام، فالمولد النبوي مناسبة للتنقيب عن أفكار جديدة لإثارة العقل الديني، وتجديد خطابه وصقله صقلا جديدا يعينه على تجديد حضارة الإسلام لتنال حقها الطبيعي في الأرض بعد أن حرفت وشوهت بفضل الخوارج عنها ٠

يوم ميلاد رسول الإنسانية هو أعظم الأيام قدرا ، والاحتفال بذكراه العطرة تجئ للتذكير بفضل صاحبها على البشر ، فقد كان علامة فارقة بين عهدين ، وجاء نورا للبشرية فأخرجها من الظلمات إلى النور ، وللنبى فى ذكرى مولده حق على المسلمين باتباع سنته ، والوفاء بحقه والتأسى بأخلاقة الكريمة والعمل على نشر السلام والعدل والأمان بين البشر ، حيث وعد من أدى حقه بشفاعته وأكرامه بورود حوضه وسقياه من الكوثر ٠

إنه أبو القاسم ، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، الرحمة المهداة ، الذى ولد فى عام الفيل عام ٥٧١ ميلادية ، ارسله الله بالحنيفية السمحة ، الشريفة الجامعة التي تكفل للبشر الحياة الكريمة فتصل بهم إلى أعلى درجات الرقي والكمال ، وعلى مدى ثلاثة وعشرين عاما تقريبا قضاها الرسول في الدعوة إلى الله تم له ما أراد من تبليغ الدين للجميع .

ويحتفل المسلمون في كل عام بهذه المناسبة الكريمة فرحا بمولد نبيهم رسول الله محمد بن عبد الله ، ويختلف الاحتفال بالمولد النبوى الشريف من منطقة لأخرى ، ومن بلد لآخر ، وفى مصر تبدأ الاحتفالات الشعبية مع بداية شهر ربيع الأول لنهايته، بإقامة مجالس الذكر والإنشاد والابتهالات الدينية التى ينشد فيها قصائد مدح النبي، وتكون فيها الدروس من سيرته، وذكر شمائله و فيها يطعم الطعام وتقدم الحلوى ، وتتزين الشوارع بشوادر بيع حلوى المولد المتنوعة ، ويكون يوم مولده اجازة رسمية ، كما فى الكثير من البلاد العربية ، وفيه ايضا تنظم وزارة الأوقاف احتفالا رسميا يشهده رئيس الجمهورية الذى يكرم فيه حفظه القرآن الكريم والعلماء ٠

حياة النبى من ألفها إلى يائها في سكونها وحركاتها تقوم على صنعة إلهية حكيمة ، وتخطيط إلهى محكم يتناسب مع أداء هذه الشخصية في الحياة حتى تؤدي دورها في نقل البشرية نقلة جديدة حقيقة ، ويعود ذلك إلى طبيعة الرسالة الخاتمة والطبيعية البشرية التي حافظت عليها الشخصية المحمدية في تكوينها وأحداثها ، وطبيعة التمييز الإنساني الخالص الذي أفرزته الدعوة وجسدته الحضارة الإنسانية.

فالنبوة بصفة عامة والشخصية المحمدية بصفة خاصة لا يمكن أن تبدو مجافية عن الحياة أو مختلفة عنها ، لأنها جاءت في الأساس لإصلاحها  والشخصية المحمدية شخصية غير نمطية نضجت منذ صباها و تميزت في مواقفها فى الحياة عن غيرها ، شخصية لاتبدو في تميزها جافة أو معقدة، شخصية متفاعلة ومتجاوبة ، شخصية معجزة في تكوينها وفيما طرحته من أفكار وقيم ، ويبلغ من مجاز هذه الأفكار أنها صالحة للتجدد مهما تبدل الزمن أو تغيرت الحياة ٠

وكان للتعدد البيئي الذى عاش فيه محمد أثر لا محالة في تطور وبناء شخصيته ، حيث كانت حادثة شق الصدر التي حدثت له طفلا في ديار بني سعد ، إيذانا بترك حليمة السعدية والعودة لحضن الأم ، ومن هناك كانت إختلاف حياة الحضر عن حياة البداوة في تربية ذهن الطفل وتدرج عقله وتعدد مداركه الحسية والنفسية ، فلقد أدت حياته في بني سعد غرضها المطلوب منها وآن الوقت ليتزود من قيم وأفكار أمته الحقيقية٠

و الشخصية المحمدية متعددة الجوانب ، فهى شخصية سياسية واعية صاحبة مهارات فائقة ، وهو سياسى وقائد عسكرى من طراز فريد ، صقلت الأجواء والظروف مقدرته العسكرية ، وتربى تربية عسكرية قادرة على أداء دورها في أي لحظة حيث شارك في سن صغيرة في معارك ( معركة الفجار ) ، فصقل هذا عبقريته الحربية و تدريبها وتجوديها تجويدا يؤهلها إلى تحمل التبعات والأحداث ٠ 

وجاءت رسالته عليه الصلاة والسلام لتزكية النفوس وتطهيرها عن طريق الدعوة إلى الله وعبادته وتدعيم الروابط الإنسانية ، وإقامتها على أساس من الحب والرحمة والإخاء والمساواة والعدل ليسعد الإنسان في الدنيا والأخرة ، و لم تكن رسالة موضعية محدودة تخص جيل دون أخر شأن الرسالات التي تقدمتها، بل كانت رسالة عامة جامعة للناس جميعا ، ويؤكد عمومها وشمولها أنه ليس فيها ما يصعب على الناس اعتقاده أو يشق عليهم العمل به ٠

وجاء بها ما لا يختلف باختلاف الزمان والمكان كالعقائد والعبادات مفصلا تفصيلا كاملا ، موضحا بالنصوص المحيطة به ، فليس لأحد أن يزيد فيها أو ينقص منها ، وجاء ما يختلف باختلاف الزمان والمكان كالمصالح المدنية ، والأمور السياسية والحربية ، مجملا ليتفق مع مصالح الناس في جميع العصور ويهتدي به أولو الأمر في إقامة الحق والعدل ، و كل ما في الرسالة من تعاليم إنما يقصد به حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل وبديهي مما يناسب الفطرة ويساير العقول ويجاريها ويصلح لكل زمان ومكان . 


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة