أكد المهندس زياد عبد التواب, رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، خلال مشاركته في ندوة بعنوان «الحرية في عصر المعلوماتية» والتي أقيمت على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب, أمس الأحد أن التطورات التكنولوجيا التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية شهدت بروز عدد هائل من الجرائم السيبرانية متعددة الأنماط الأمر الذي يهدد الأمن القومي للدول ويهدد كذلك استقرار المجتمعات.
وتابع "عبد التواب" أنه في ضوء التكلفة المرتفعة للجرائم للإلكترونية على مستوى العالم, فقد بدأت الدول تولي اهتماماً بتنظيم الفضاء الإلكتروني عبر سن تشريعات ووضع استراتيجيات لمواجهة تلك الجرائم, كما بدأت الدول تتحرك أيضاً على المستويات الإقليمية والعالمية لمناقشة الفرص والتحديات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات للحد من تداعياتها السلبية.
وأشار "عبد التواب" أن مصر بذلت جهود كبيرة لتنظيم الفضاء الإلكتروني ومكافحة كافة سبل الجرائم الإلكترونية, بداية من نص دستور مصر 2014 في مادتين منه وهما 31 و 57 واللتان يمكن من خلالهما صياغة إطار قانوني محكم لأمن الفضاء الإلكتروني, موضحاً أنه من خلال هذا الالتزام الدستوري المنصوص عليه، فقد تم إقرار قانون «مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، والذي يهدف إلى مكافحة الاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات وتقنيات المعلومات، وما يرتبط بها من جرائم، وكذلك حماية البيانات والمعلومات الحكومية، والأنظمة والشبكات المعلوماتية الخاصة بالدولة، أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، من الاعتراض أو الاختراق أو العبث بها، أو إتلافها أو تعطيلها بأي صورة كانت.
وأضاف "عبد التواب" أن قانون «مكافحة جرائم تقنية المعلومات»، يهدف أيضاً إلى وضع القواعد والأحكام والتدابير اللازم اتباعها من قبل مقدمي الخدمة لتأمين خدمة تزويد المستخدمين بخدمات التواصل بواسطة تقنيات المعلومات، وتحديد التزاماتهم في هذا الشأن, مع وضع تنظيم إجرائي دقيق ينظم إجراءات الضبط والتحقيق والمحاكة المتعلقة بتلك الجرائم، بالإضافة إلى تحديد حالات التصالح وإجراءاته، وتنظيم عمل الخبراء المتخصصين العاملين في مجال جرائم مكافحة تقنية المعلومات.
وأشار "عبد التواب" أنه من خلال الالتزام الدستوري المنصوص عليه في هذا الصدد، فإنه سيجرى أيضاً مناقشة مشروع قانون «حماية البيانات الشخصية» تمهيداً لإصداره خلال الفترة المقبلة، والذي يهدف إلى صياغة بنود ملزمة لكل من: المتحكم في البيانات ومعالج البيانات، باعتبارهم من العناصر الفاعلة في التعامل مع البيانات الشخصية, مع وضع آليات تتصدى للأخطار الناجمة عن استخدام البيانات الشخصية للمواطنين ومكافحة انتهاك خصوصيتهم الإلكترونية, وكذلك تنظيم عمليات نقل البيانات عبر الحدود لضمان حمايتها وعدم نقلها أو مشاركتها مع دول لا تتمتع فيها البيانات بالحماية.
وأضاف "عبد التواب" إن مشروع قانون «حماية البيانات الشخصية»، يهدف أيضاً إلى إلزام المؤسسات والجهات والأفراد المتحكمين في البيانات الشخصية والمعالجين لها من تعيين مسئول لحمايتها داخل مؤسساتهم, مع ضمان مستوى مناسب من الحماية القانونية والتقنية للبيانات الشخصية المعالجة إلكترونياً, وكذلك تقنين وتنظيم أنشطة استخدام البيانات الشخصية في عمليات الإعلان على الإنترنت وفى البيئة الرقمية بشكل عام.
وتابع "عبد التواب" أن الجهود المصرية لتنظيم الفضاء الإلكتروني لم تتوقف عند هذا الحد, بل سبق وأن أصدر المجلس الأعلى للأمن السيبراني التابع لرئاسة مجلس الوزراء في 2017 الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني (2017 - 2020) والتي تشتمل على 6 محاور أساسية وهي تطوير الإطار التشريعي الملائم لأمن الفضاء السيبراني ومكافحة الجرائم السيبرانية, وتطوير منظومة وطنية متكاملة لحماية أمن الفضاء السيبراني وتأمين البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا, وكذلك حماية الهوية الرقمية (برنامج المواطنة الرقمية), وإعداد الكوادر البشرية والخبرات اللازمة لتفعيل منظومة الأمن السيبراني في مختلف القطاعات, فضلاً عن دعم البحث العلمي والتطوير وتنمية صناعة الأمن السيبراني, وأخيراً التوعية المجتمعية بالفرص والمزايا التي تقدمها الخدمات الإلكترونية للأفراد والمؤسسات الحكومية.
واستكمالاً للجهود المصرية في هذا الصدد, فقد أوضح "عبد التواب" أن الدولة المصرية انتبهت مبكراً لخطورة الهجمات السيبرانية حيث تم في عام 2002 إنشاء إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بوزارة الداخلية وتختص بضبط ومكافحة جرائم الإنترنت، وتقديم المساعدات الفنية والأدلة المادية لأجهزة الشرطة النوعية, كما قام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بإنشاء المركز المصري للاستجابة لطوارئ الإنترنت والحاسب (سيرت - مصر) في أبريل عام 2009 بهدف تقديم الاستجابة لحوادث أمن الكمبيوتر والمعلومات.
وأشار "رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" إلى أن الدولة المصرية كان لها دور أيضاً على مستوى القارة الأفريقية لمواجهة الأخطار والهجمات الإلكترونية, حيث انضمت مصر لاتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن أمن الفضاء الإلكترونية وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي عام 2014، بهدف محاولة تحديد الأهداف والتوجهات الرئيسية لمجتمع المعلومات في أفريقيا وتعزيز التشريعات والأنظمة الحالية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للدولة الأعضاء والمجموعات الاقتصادية الإقليمية, وفي عام 2015 انضمت مصر "لأفريقيا سيرت" الذي يهدف إلى إيجاد الحلول للتحديات التي تواجه الإنترنت في القارة الأفريقية, من خلال التدريب ومشاركة المعرفة والمعلومات في مجال الأمن السيبراني.
وأكد "عبد التواب" أن عام 2018 شهد أيضاً العديد من الأحداث والفعاليات المختلفة والمتعلقة بهذا الشأن على المستوى الأفريقي, بداية من مشاركة مصر، ممثلة في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، في مؤتمر "قمة أفريقيا للدفاع السيبراني" الذي استضافته وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بكينيا خلال الفترة من 9 إلى 10 يوليو 2018 في نيروبي. وتُعد القمة أكبر تجمع خاص بمجال الأمن السيبراني في أفريقيا، كما استضاف معرض القاهرة الدولي للاتصالات في نوفمبر 2018 لأول مرة قمة "الحكومات للتحول الرقميDot-Gov MEA " والتي شارك بها العديد من البلدان الأفريقية لمناقشة مستقبل الحكومات بعد تطبيق مفهوم التحول الرقمي، ومفهوم الحكومة الذكية من أجل تشجيع المواطنين على التواصل مع الحكومات بشكل إلكتروني, وأخيراً إطلاق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مبادرة «أفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية»، على هامش معرض القاهرة الدولي للاتصالات، وذلك بهدف تنمية القدرات وتأهيل 10 آلاف شاب مصري وأفريقي على تطوير الألعاب والتطبيقات الرقمية باستخدام أحدث التقنيات وتحفيز تأسيس 100 شركة مصرية وأفريقية ناشئة في هذا المجال.