ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أنه مع قدوم عام صيني جديد (صادف الخامس من فبراير) مفعم بالأمل، تبدو التوقعات مبشرة للتعاون الصيني-الأفريقي بأن يحظى بدفعة قوية في العام الجديد بعد تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي اليوم الأحد في ضوء التفاهم بين قيادتي البلدين وحرص الجانبين الصيني والمصري على التنسيق في القضايا محل الاهتمام المشترك في ظل الآليات القائمة.
وقالت الوكالة الصينية –في تقرير لها بثته اليوم بمناسبة تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي- إن قمة منتدى التعاون الصين-أفريقيا (فوكاك) الأخيرة ببكين، شهدت مشاركة نشطة للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث منذ توليه السلطة في مصر عام ٢٠١٤، حرص الرئيس السيسي على تعزيز علاقة القاهرة مع دول القارة، وزار الصين أيضا خمس مرات. وفي الوقت نفسه، تولي الصين أهمية كبيرة لأفريقيا، إذ زارها الرئيس الصيني "شي جين بينج" أربع مرات منذ توليه الرئاسة وتسع مرات بشكل عام.
كما حرص عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" على زيارة أفريقيا أيضا في مستهل كل عام جديد كأول وجهة خارجية له، في تقليد يعكس الأهمية التي توليها الصين للتنمية والرخاء المشترك.
وتلتقي أهداف الصين في القارة تقريبا مع جدول أعمال مصر للاتحاد الأفريقي من حيث التركيز على التنمية، وتعزيز حرية التجارة، والسلام والأمن والاستقرار في القارة.
وقال الرئيس السيسي في كلمته أمام فوكاك إن "تحقيق التنمية المستدامة وتوفير مزيد من فرص العمل للشعوب الأفريقية، وتطوير البنية التحتية القارية، وتعزيز حرية التجارة، وتعزيز المنظومة الصناعية، هي عناصر رئيسية ضمن أجندة أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي في 2019".
من جانبه، طرح الرئيس الصيني في نفس القمة 8 حملات كبرى ضمن خارطة تعاون للسنوات المقبلة تدور حول التنمية، وتشمل دفع التصنيع، وتعزيز التعاون في البنية التحتية، وتيسير التجارة، ودفع التنمية الخضراء، وتكثيف التعاون في الصحة، والتبادل الإنساني، والسلام والأمن.
وتهدف الصين إلى مواءمة مبادرة "الحزام والطريق" باستراتيجية الاتحاد الأفريقي للعام ٢٠٦٣، وأجندة ٢٠٣٠ للأمم المتحدة للتنمية المستدامة، واستراتيجيات التنمية على المستوى الوطني للبلدان الأفريقية وصولا إلى مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وأكدت (شينخوا) أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي تعكس التطور الإيجابي في مكانتها قاريا بعد انتخابها لعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، ونيلها العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن عن القارة في ٢٠١٦ و٢٠١٧. وقد استضافت مصر في ٢٠١٨ "منتدى أفريقيا" في شرم الشيخ والمعرض التجاري الأفريقي الأول في القاهرة.
وفي ضوء تعهدات بمزيد من الانفتاح للاقتصاد الصيني وتحسن ملحوظ في مؤشرات الاقتصاد المصري، تبدو الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين المصري والصيني في ظروف أكثر قدرة على العمل للتغلب المشترك على العقبات التي تحد من التنمية والحفاظ على المصالح المشروعة للصين وأفريقيا فضلا عن مصالح الدول النامية الأخرى.
ولفتت الوكالة إلى تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "لو كانغ" الشهر الماضي بأن الصين تدعم التنمية في أفريقيا، وتؤيد مصر في لعب دور أكثر نشاطا في الشؤون الأفريقية خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، ومستعدة لتعزيز التنسيق والتعاون معها لدعم السلام والتنمية والاستقرار في القارة.
واعتبرت الوكالة أنه لا سبيل سوى البناء والتنمية كأقوى سلاح لمجابهة التحديات المعاصرة بمختلف أنواعها بما في ذلك الحمائية الاقتصادية والتجارية، حسبما تتفق القيادة في الصين ومصر.
وحققت الشراكة الاستراتيجية بين الصين وأفريقيا قفزات هائلة في مختلف المجالات، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لأفريقيا للعام التاسع على التوالي بحجم تجارة وصل إلى حوالى ١٧٠ مليار دولار في عام ٢٠١٧، وفي نهاية ذلك العام بلغ إجمالي الاستثمار الصيني بجميع أنواعه في أفريقيا 100 مليار دولار.
وتجلت قوة العلاقات بين الجانبين في تأييد الدول الأفريقية للمصالح الجوهرية الصينية، والتمسك بمبدأ "صين واحدة"، وفي دعم الصين لأفريقيا في الأطر الدولية متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين وغيرهما.
وفي قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك) الأخيرة في سبتمبر الماضي ببكين، أعلن الرئيس الصيني عن تمويل بقيمة ٦٠ مليار دولار لدول القارة في شكل مساعدات حكومية واستثمارات وتمويلات من خلال مؤسسات مالية وشركات، كما أعلن عن إعفاء دول إفريقية فقيرة ومثقلة من الديون.
ووسط مشهد عالمي متغير وتصاعد في الحمائية التجارية والانعزالية، تدافع الصين بحزم عن اقتصاد عالمي مفتوح ونظام تجاري متعدد الأطراف، وتسعى أيضا إلى تعزيز الإصلاح والانفتاح بينما تهدف إلى إقامة مجتمع صيني-أفريقي مشترك يقوم على التعاون المربح وتقاسم المنافع لتحقيق الرخاء المشترك.