الثلاثاء 11 يونيو 2024

في «الدمرداش وأبو الريش».. إن لم يقتلك المرض قتلك الإهمال

5-4-2017 | 01:28

كتبت : يارا حلمي

تعاني المنظومة الطبية في مصر إهمالا شديدا، يتجلى بوضوح في أكثر من صورة، ربما كان أبرزها ما يحدث في المستشفيات الحكومية، من انعدام النظافة والنظام، ونقص الأدوية بشكل ملحوظ.

 كذلك هناك نقص في الكوادر والأجهزة الطبية، وحتى الأَسِرَّة والمقاعد، مما يضطر المرضى لتلقي علاجهم في طرقات المستشفيات، التي تكتظ بذويهم المتكدسين بها.

◄للإهمال وجوه كثيرة

في مستشفى الدمرداش مئات المرضى، بل آلاف، لا يجدون سريرا لتلقي علاجهم عليه، بعضهم تم تعليق المحلول له، بينما يجلس على كرسي في الطرقة، أو يقف متكئًا على الحائط، بينما اللافت للنظر أن بعض الأسِرَّة خالية من المرضى، وتشغلها مخلفات طبية.

السرنجات المستخدمة، وواقي اليد الطبي، والقطن المدمم، والمناديل وغيرها، جميعها ملقى على الأرض، ربما حول سلة مهملات صغيرة مكتظة، وبقع الدماء واضحة على مفارش الأسرة المتسخة، أو على الأرض في بعض الأحيان، ما ينذر دائما بانتقال العدوى بسهولة لكل من يدخل المستشفى.

الحال لا يختلف كثيرا في مستشفى أبو الريش، فالازدحام يقابلك منذ أن تطأ قدمك سلم المستشفى، تصطف العديد من الأمهات جالسات عليه، يحتضن أطفالهن الذين يعانون من أمراض مختلفة، ولا يجد مكانا داخل المستشفى، أو ينتظرن دورهن في الكشف، وسط حالة من الهرج والمرج والإهمال، تنبئ بوقوع مزيد من الأطفال ضحايا للإهمال.

الساحات الداخلية والطرقات بين الغرف لا تختلف في سوء المنظر والإهمال عن العنابر، حتى الطرقات أمام غرف العمليات، يشغلها ذوي المرضى، في ظل عدم توفير أي وسائل للراحة أو النظافة، سواء مقاعد أو سلة للمهملات، كما لا توجد أي قواعد للانتظار، فبعض الأهالي يدخن، والبعض الآخر يأكل، ويفترشون الأرض في حالة من الفوضى المؤكدة.

وربما كان الأسوأ وجود بعض المرضى على الأسِرَّة المتحركة في الطرقات، وأمام غرفة العمليات على وجه التحديد، ينتظرن دورهم في دخولها، وسط هذا الكم من الفوضى والتلوث.

وفي ظل أزمة نقص الأدوية، لا تتوافر بالمستشفيات أغلب وأبسط الاحتياجات الضرورية، مثل الشاش والقطن والميكروكروم  والبيتادين، ومراهم المضادات الحيوية، كذلك الخيط الطبي والإبرة، بالإضافة إلى المطهرات والقفازات، وغير ذلك من الأشياء التي يطلبها الأطباء من المرضى وذويهم، ويضطرون لشرائها من الخارج.

◄«أكواب ومناديل» للبيع بالطرقات

بينما حكى بعض المرضى فصولا جديدة من مسرحية الإهمال، فأكدت درية محمود، والدة الطفل أسامة، أن بعض البائعات المتجولات يدخلن المستشفى، ويعرضن بضاعتهن من أكواب ورقية وزجاجات لحفظ المياه، وفوط مطبخ، ومناديل ورقية، وبعض ألعاب الأطفال البسيطة، وأوضحت أن الأمن لا يعترض طريقها، وأن البعض يشتري منها داخل المستشفى، مما يشجعها على التواجد بشكل يومي.

◄الدعاية لعيادات الأطباء الخاصة

ووسط الخدمة السيئة بالمستشفيات، خصوصا للأطفال، يجد بعض الأطباء فرصتهم في دفع الممرضات اللاتي تعملن في عياداتهن بعد انتهاء فترات العمل في المستشفى الحكومي، للترويج لعياداتهم الخاصة، والتأكيد على عدم وجود الدواء الشافي للطفل في المستشفى الحكومي، ووجوده في عيادة الدكتور فلان، الذي يُعد أحد أبرع الأطباء في معالجة هذا المرض، مع التأكيد لأهل المريض على حتمية تدهور حالة طفلهم إذا ظل يتلقى العلاج داخل المستشفى، دون الذهاب لعيادة الطبيب.

وقال الدكتور أحمد حمدي إخصائي باطنة، إن المستشفيات الحكومية تعاني من نقص الموارد المالية، ما يترتب عليه نقص الأدوية والأجهزة الطبية، ونقص استعدادات المستشفيات بصورة كبيرة، يتعرض معها المريض لمزيد من الخطر.

وأضاف أحمد، أن الأمر لا يتعلق فقط بمخاطر عدم قدرة الأطباء على إسعاف المريض أو مساعدته وعلاجه، لكن تتعلق باحتمالية خروجه من المستشفى بمعاناة جديدة بسبب التلوث والإهمال، وهو الأمر الذي يخشاه الطبيب على نفسه أيضا.

وأشار أحمد إلى أنه في بعض المستشفيات الحكومية تكون الغرف والحمامات الخاصة بمدير المستشفى والإدارة نظيفة ومعقمة، في حين لا يتم تنظيف عنابر المرضى وحماماتهم بالشكل اللائق، ما اعتبره الطبيب مخالفة على المستوى الإنساني، وواقعة فساد، قبل أن تكون واقعة إهمال في مستشفى، مشددا على ضرورة تفعيل الرقابة على المستشفيات الحكومية، وضرورة إخضاع رفع ميزانياتها للدراسة.