الإثنين 24 يونيو 2024

البرامج الدينية تُحارب فتاوى الشهرة و«السبوبة» تجديد الخطاب الدينى على طريقة «التوك شو»!

5-4-2017 | 12:39

تحقيق: هشام الشريف

البرامج الدينية.. البعض يعتبرها «منابر للوعظ والنصح والإرشاد» للمُساهمة فى تجديد الخطاب الديني، وآخرون يعتبرونها «مُجرد سبوبة».. «المصور» تفتح ملف البرامج الدينية ودورها فى تجديد الخطاب الدينى فى ظل انتشار برامج فتاوى الشهرة والسبوبة.. عدد من مقدمى البرامج الدينية أكدوا أن الخطاب الدينى لابد أن يبعث الأمل فى روح الإنسان، والبرامج الدينية تحتاج لتجديد فى الشكل والمضمون، ولابد للقائمين عليها أن يكون لديهم وعى بالمقصود من تجديد الخطاب.

من جانبه، قال الشيخ حسن الجناينى، يجب أن نعلم ما هو المقصود بتجديد الخطاب الدينى الذى هو محاولة إلى نشر الأخلاق الإسلامية، وحث الناس على الصدقة خاصة فى ظل ما نراه الآن من جوع أمام صناديق القمامة وعدم الصدق، إلا القليل، وما تفعله خطورة الكلمة وهذا موجود على مواقع التواصل الاجتماعى وما نشاهده من سلوك غير أخلاقى، فالبرامج الدينية يجب عليها تقديم توعية للمجتمع من الأخلاق التى دعا إليها الله «سبحانه وتعالى» ودعا إليها الإسلام، أما ما نشاهده على الساحة الآن فى القنوات الفضائية مُجرد اتهامات مُتبادلة بين البعض، وكأنهم فى شجار وهذا يؤكد أن المجتمع المصرى يحتاج إلى وعى فى التعامل مع بعضه، مضيفا: اخترت تقديم برنامج دينى لمناقشة الأحوال الشخصية، لأنه إذا صلحت الأسرة، صلح المجتمع كله، خاصة أن نسبة الطلاق ما أكثرها فى مصر، وهذا يدل على الوعى غير الصحيح لدى الأسرة، فالاهتمام بالأسرة يعد أول شىء فى المجتمع، ويجب التركيز عليه لتخريج الكفاءات المختلفة لتولى المناصب والمؤسسات.

وعن ما يردده البعض بأنك تلعب دور المصلح الاجتماعى من خلال عرضك على المشاهدين بحل القضايا الشخصية، قال «الجنايني» ليست مهمة الداعية أن يتحدث فقط عن السياسات، بل عليه أن يكون عضوا عاملًا فى المجتمع يصلح بين أبنائه ويعمل على لم شمل الأسر، وليس من العيب أن يذهب إلى الناس فى منازلهم ويدعوهم إلى التحلى بالأخلاق التى دعا إليها الإسلام، ويزيل الشبهات التى قد ينتج عنها سوء الفهم وتشتت الأسرة فهذه من مهام الداعية.

وأذكر أن هناك مشاكل كثيرة وبسيطة جدًا تحتاج فقط إلى تصحيح المفاهيم، فإذا صححت فإن كل فرد من أفراد الأسرة يعود إلى رشده، وأحيانًا تكون المشاكل بسبب سوء الظن وبعضها مادى، وأخرى تدخلات خارجية سواء من أقارب الزوج أو الزوجة وأخرى تحتاج إلى التطبيق الفعلى لمبادئ الإسلام ومن هذه المشكلات الزوج المسافر لسنوات طويلة ويترك زوجته والأبناء، وهنا تحدث الفجوة بسبب الغربة وكذلك الأسلوب غير اللائق بين الزوجين فى الحوار وقد تطلب الزوجة الطلاق لهذه الأسباب.. وتابع بقوله: أرى أن كل هذه المشاكل من «سفاسف» الأمور مع العلم أنها موجودة فى كل البيوت، والحل أن يكون الحوار على ما تقتضيه الشريعة الإسلامية واتباع سنة النبى - محمد صلى الله عليه وسلم-.

أما الشيخ محمد توفيق فيرى أن البرامج الدينية تبين نوايا العاملين فى حقل الدعوة عمومًا إما نواياهم المتشددة أو الوسطية، فالمتشدد يرفض فهم الخطاب الدينى فى حين الوسطى يقبل هذا الفهم، أما عن مساعدة هذه البرامج فى تجديد الخطاب الدينى، فإننى أردد قول على بن أبى طالب عندما قال «علموا أولادكم فقه دينكم الذى ينفعهم فى زمانهم»، وهذا يعنى أن الدين له ثوابت لا تتغير فى الأحكام والتشريعات المأخوذة من الكتاب والسنة أو أقوال الصحابة رضوان الله عليهم، أما فهم الواقع فلابد أن يتماشى مع «تكنولوجيا العصر»، ومثال ذلك لو أخذنا كلمة المصباح فى زجاجة والزجاجة كأنها كوكب درى، لكان الفهم فى العصور الماضية أنها الشمس، ولكن ربما يتغير الفهم فى الزمن الحالى عندما توصلنا إلى تكنولوجيا الإضاءة الذرية فهذا يؤكد لنا علم الخالق بخلقه سابقًا وحاضرًا ولاحقًا وكذلك يبين لنا تحديث أو تجديد الخطاب الدينى لبيان معانى الآيات وبما تتفق معها تكنولوجيا التقدم.

مضيفا: أن تجديد الخطاب الدينى لابد أن يُبنى على التبشير وبعث الأمل فى روح الإنسان لتعم المحبة فى الإنسانية، كما لابد أن يكون هناك وعى أن الذى أقر الحلال أو الحرام هو الله، لأنه هو الذى سيحاسب البشر والبرامج الدينية تبين للناس الواضح فى قضاياهم الدينية وكم دب الخلاف فى الآراء والاجتهادات بين العلماء فى قضايا الطلاق والمواطنة بين الأديان وأمور المعاملات البنكية، وهذا يوضح أن البرامج الدينية منبر يراه القاصى والدانى وهو فى مكانه ويستمع إليه فى الإذاعات المسموعة والمرئية ولا مفر لنا من أصل المعلومة الصحيحة المشمولة بالدليل القاطع، ففى بداية الخلق كتب الله كتابا شمل الخلق وعندما بعث النبى المصطفى «صلى الله عليه وسلم» قال له اقرأ وعند نهاية الخلق يأخذ الإنسان كتابه ويقال له اقرأ فالقراءة من الخطاب الدينى والبرامج الدينية بأنواعها أساسها القراءة.

وعن فائدة البرامج الدينية للمجتمع، قال «توفيق» هى برامج تربوية تربى النفوس وتهذب الأخلاق وهى شفاء لما فى الصدور لأنها مأخوذة فكرًا وعملًا من القرآن الكريم، مشيرا إلى أن الذين يرون أن البرامج الدينية سبوبة فقط، يأخذونها للشهرة أو لجمع الأموال، نقول لهم: «أنتم أخذتم حظكم فى الدنيا»، لأن الله سيسأل الرجل ويقول له أقرأت القرآن، يقول قرأته يارب، فيقول له: كذبت، أنت قرأته ليقال إنك قارئ ويسحب على وجهه فى النار.

وتحدث «توفيق» عن تجربته فى البرامج الدينية سواء فى التليفزيون المصرى أو القنوات الخاصة، مؤكدًا تجربتى فى التليفزيون المصرى كانت فى برامج «نساء فى القرآن»، و»خير الكلام»، و»الدين المعاملة»، و»أبواب الجنة»، و»رفقًا بالقوارير» ومع تواجدى من خلال هذه البرامج لسنوات طوال تم التعامل فى نفس الوقت مع القنوات الفضائية الخاصة.. وقد وجدت أن ماسبيرو هو القواعد التى يرفع عليها بنيان هذه البرامج .

موضحًا أن الموضوعات التى أتناولها فى برامجى تبين للمشاهد مراد الله منه فى هذه الحياة بمنتهى البساطة وبدون تعقيد، وعدم اليأس من رحمة الله، بمعنى أننا كلنا فى أرض الله، ولكننا خلق من خلقه، إذن لابد أن يكون هناك تقارب ومودة بين المجتمع مهما تباعدت واختلفت العقائد، والشىء بالشىء يذكر أننى بفضل من الله تبارك وتعالى صنفت بالدين الوسطى والدعوة إلى المحبة فى المعايشة الوطنية وثقافة حوار الأديان بين الناس حيث ألقيت كلمة فى سماحة الدين أثناء تكريم أبطال الجيش المصرى بحضور كل القيادات السيادية العليا، ومن ثم نقول إن تجديد الخطاب الدينى بما يتفق مع وضوح المحبة والمودة والمواطنة بين الناس هو أساس مراد الله فى الخلق لعمارة الأرض وعموم الأمن والأمان بها.

فى غضون ذلك، يقول المذيع أيمن يوسف الذى يقدم برنامج «ملتقى الفكر الإسلامى» المذاع على القناة الفضائية المصرية، لابد من القائمين على البرامج الدينية أن يكون لديهم وعى فى تجديد الخطاب الدينى، وهل المقصود فى تجديد الخطاب الدينى هو التخلص من الفهم الخاطئ من الأشياء السابقة أم هو عرض أسلوب جديد لما هو مثبت فى القرآن الكريم حتى يناسب العصر؟، والدليل أن الله سبحانه وتعالى يبعث فى الأمة على مدار ١٠٠ عام من الخطاب الدينى، فأسلوب فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى كان نوعا جديدا من أنواع تجديد الخطاب الدينى فى وقتها، والدليل أن نسب مشاهدته كانت مرتفعة جدًا وهناك طرق حديثة لتجديد الخطاب الدينى تعتمد على الأسلوب الأمثل المعاصر والذى يناسب ثقافة مجتمع ٢٠١٧.

مضيفا: ليس كل فريق عمل البرامج الدينية يمتلكون هذا الأسلوب، ولكن المطلوب أن يكون لدى الفريق نزعة للتغيير بأسلوب متوازن، وهذا يعتمد على الثقافة الذهنية والبعد عن التقليد مثل التناول فى الحوار والصورة ولو هناك فكرة جديدة أطالب القيادات بمناقشتها بأسلوب يتناسب مع العصر، ومن خلال المعرفة الدراسية بكلية الإعلام جامعة القاهرة هناك العديد من الفورمات لتناول البرامج، وعلينا تطبيق هذه الفورمات الجديدة وهذا يعد جزءا من التجديد والبساطة وينبغى أن يكون أسلوب حوار الضيف بسيطا، اللهم اجعلنا من المجددين فى الأرض.

وعن نوعية البرامج التى يستفيد منها المشاهد، قال «يوسف» المصرى يشعر بطمأنينة عندما يعرف رأى الدين فى موضوع خاص به، وهذا يؤكد أن الإنسان لديه ارتباط خفى ووجدانى بالدين، لأن الحقب التاريخية التى مر بها الإنسان المصرى منذ الدولة الفرعونية القديمة مرورًا بالدولة اليونانية والرومانية إلى الحقبة المسيحية القبطية ثم الإسلام، كلها متعاقبة ترسخ أن الدين هو السلطة الأولى فى المجتمع المصرى وبذلك تكون البرامج الدينية قائدة له مع الحفاظ على التناول والتوقيت والموضوعات.

فى ذات السياق، ترى المذيعة لمياء فهمى عبد الحميد، أن كل البرامج التى تعرض الآن على كل القنوات الفضائية تساعد على تجديد الخطاب الدينى والدليل أنها مازالت مستمرة وتناقش الكثير من القضايا التى تهم المجتمع المصرى، وكذلك تفاعل الجمهور مع هذه البرامج خاصة القضايا التى تهم الأسرة المصرية، حيث تقدم هذه البرامج كل ما يحتاجه المشاهد من آراء فقهية.. وأذكر أن هناك أسرًا كثيرة جدًا تم حل مشاكلها من خلال هذه البرامج ولذلك وجودها ضرورة فى كل قناة فضائية.

وعن ما يراه البعض أن البرامج الدينية أصبحت سبوبة، قالت «عبد الحميد» ليس كل الناس تستغل ذلك ولا ننكر أن بعضهم استغل البرامج الدينية وعادة ما يكون ذلك فى الفضائيات الصغيرة ولكن القنوات الكبيرة مثل «الحياة» و«النهار» و«سى بى سي» وغيرها من القنوات الكبرى، لا أعتقد أن أحدا استغل ذلك، وأنا عن نفسى كل الضيوف الذين ألتقى بهم فى برامجى رجال دين محترمين ولهم وضعهم فى المجتمع، كما أن هناك رجال دين عظماء أمثال الشيخ خالد الجندى ود. أسامة الأزهرى وغيرهما يقدمون الفتاوى الصحيحة ويستفيد منهم المجتمع.. أما عن السبوبة فلا يمكن أن أفرض على أى شخص عدم حصوله على أجر من القناة، على العكس هناك من يرى أنه يقدم هذه الخدمة لوجه الله، وآخر يرى أنه لابد أن يحصل على المال معللًا ذلك باجتهاده لسنوات كثيرة فى العلم والمعرفة ومن حقه أن يستفيد ماديًا.. الأهم ليس حصوله على الأجر أو غير ذلك، بل مدى إفادة الناس من هذا العلم.

وعن تفسيرها بأن بعض من كانوا ضيوفًا فى برامجها أصبحوا هم من يقدمون البرامج الدينية، قالت «عبدالحميد» ليس كل الأشخاص الذين يفعلون ذلك، لكن يبدو أنها حالة عامة منتشرة فى المجتمع، والدليل أننا نشاهد ذلك فى برامج الفنانين والرياضيين وغيرها من البرامج، ولا أجزم أن يعاتب على ذلك الشيخ، لكنها سياسة تتبعها بعض القنوات فى مثل هذه البرامج.

وحول اختيارها هذه النوعية من البرامج، أكدت «عبدالحميد» ليس اختيارى، لكن تجربتى مع د. مبروك عطية جعلتنى أنال ثقة المشاهد المصرى والحمد لله على هذه الثقة، كما أن من يقدم هذه النوعية من البرامج الدينية عددهم قليل، وهذا شىء جيد ورغم ذلك أحرص دائمًا على اختيار الموضوعات التى تهم المجتمع المصرى وتقدم المعلومة الصحيحة والميسرة لأننا دين وسطى.

بينما يروى لنا الإعلامى حسن الشاذلى تجربته مع البرامج الدينية، قائلا «أعتبر البرنامج الدينى ذا طبيعة مختلفة، وليس من السهل تقديمه، فيجب أن يمتلك المذيع الخلفية المعرفية الكافية، ولابد وأن يكون مطلعا بما فيه الكفاية، لأننا وقعنا فى الفترات الماضيه فريسة بين مطرقة التشدد وسندان التسطيح، وساهمت بعض القنوات الخاصة فى ذلك بشكل كبير”.

ويضيف بقوله: «لا شك أن كل تجربة إعلامية خضتها فى أى قناة كانت مفيدة للغاية، بدءا من قناة «النيل الثقافية” التى أدين لها بكل الفضل، وهى من أفضل الأماكن التى تشكل المذيع ثقافيا وفكريا، ثم قناة «دريم”، ثم جاءت قناة “الناس” بشكلها الجديد وطلتها الأزهرية الأصيلة على عكس ما كانت عليه فى الماضي، لأتشرف بكونى أحد كوادرها، وأسعد بتقديم أكثر من برنامج على شاشتها المضيئة بنور علمائنا الحقيقيين بعقليات منهجية من أزهرنا الشريف، والتى آلت إليه مواريث النبوة ومن ثم التعريف الحقيقى بالنموذج المعرفى فى إسلامنا الجميل ليتوج كل ذلك بلقائى بصاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

وحول دور القنوات الفضائية فى تجديد الخطاب الديني، يرى «الشاذلي» أن الإعلام بكل ما يملك من أدوات وإمكانات وقدرات يشكل وعيا ويبنى عقولا، شريطة أن يعى كل واحد منا دوره جيدا، وهذه قناعاتى التى قدمت بناء عليها برنامج “منبر الأزهر” فى “النيل الثقافية”، وفى قناة “الناس” كانت المساحة أكبر لتقديم برامج متميزة وواضحة تتسم بالبساطة والمنهجية، ليأتى برنامج “والله أعلم” على شاشة “سى بى سي”، ليقدم نموذجا فريدا ومثلا يحتذى به فى إطار الإجابة على سؤال التجديد الديني.

ويشير «الشاذلي» إلى أن البرامج الدينية تستحوذ على قطاع كبير من المجتمع المصري، وهو دائم البحث عن هذه البرامج فى القنوات الكثيرة المتاحة للاستفادة من مجموعة البرامج الهادفة، وبعيدا عن قنوات “الشو الإعلامي” الباحثة عن النجومية مما يضر الدعوة الحقيقية لتصحيح هذه الدنيا بهذا الدين، والخطر كل الخطر فى هذه البرامج إذا لم تكن خالصة لوجه الله، وتقدم المتخصص المدرك لواقع الناس ومقتضيات العصر والمستوعب لآليات التجديد، لكى يستفيد المشاهد أقصى استفادة ممكنة.

وحول الدور المنوط بـ»ماسبيرو” أن يلعبه فى تجديد الخطاب الديني، يقول «الشاذلي» إن التليفزيون المصرى بتاريخه الطويل منذ أن ولد عملاقا فى عام ١٩٦٠ وهو يقدم علماء كبارا وقامات راسخة فى العلم من رجال الأزهر وشيوخه، وإذاعة القرآن الكريم خير دليل على ذلك، فضلا عن برنامج “نور على نور” الذى يقدم على شاشة التليفزيون، ولقاء إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوي، وإلى الآن هناك برامج يوجد فيها كبار الأئمة والعلماء أصحاب الرصيد الكبير فى قلوب الناس فى العالمين العربى والإسلامي، مثل برنامج “منبر الأزهر” فى “النيل الثقافية”.