الأحد 23 يونيو 2024

د. شريف عمر: معهد الأورام الأول فى علوم السرطان فى الشرق الأوسط

6-4-2017 | 11:57

حوار: إيمان النجار

الدكتور شريف عمر عميد معهد الأورام القومي الأسبق، وعضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان الأسبق، في حديثه لـ “المصور” تحدث عن رحلة معهد الأورام القومي وكيف كانت البداية وأشاد بالدور الذي قدمه مؤسسو المعهد لمصر وللعلم ولتخصص علوم السرطان، وأشار إلي الدور القائد الذي قام ويقوم به المعهد.

الدكتور عمر يفتخر بتخرجه وانتمائه لهذا الصرح الطبي وبمرور خمسين عاماً عليه متمنياً استمرار الدور الرائد له بإنشاء وافتتاح مبني المعهد بالشيخ زايد ٥٠٠ ٥٠٠ ليكون إضافة جديدة.

الدكتور شريف يشعر بالسعادة والامتنان ففي الوقت الذي يمر فيه خمسون عاماً علي المعهد، يمر أيضاً ٢٥ عاماً علي مركز أورام فاقوس.

كيف كانت رحلتكم مع معهد الأورام القومي؟

معهد الأورام القومي هو أحد الصروح الطبية الهامة وإن كان هناك عدد من المراكز والمعاهد في بلاد العالم، لكن المنطقة العربية حتي بداية الستينيات لم يكن هناك أي خدمات خاصة بمريض السرطان، لذا الجهد الكبير الذي قام به الدكتور أحمد لطفي أبو النصر والدكتور إسماعيل السباعي والدكتور محفوظ لإنشاء هذا التخصص في مصر أمر في غاية الأهمية ويجب أن نذكرهم بكل احترام وتقدير ومحبة لتاريخهم الكبير والعظيم، والمعهد ظهر كبناء عام ١٩٦٩، وكان انفصاله عن كلية الطب بجامعة القاهرة، وكان قبل ذلك أول ما أنشئ في الستينيات كنا كلنا من المشتغلين بالعمل التدريسي أو الجراحي كجزء من كلية الطب ثم انفصل المعهد عن الكلية.

كيف كانت البداية؟

المعهد بدأ صغيراً واعتمد في الأساس علي الجراحة وكان يعتمد علي اثنين من الأساتذة الكبار وهم الدكتور لطفي والدكتور السباعي فكانت لهما أفضال كثيرة ومازالت مستمرة نتائجها حتي الآن علي كل العاملين بالمعهد، فالدكتور لطفي هو الذي أوجد العلاقات مع الموسسات المهتمة بالسرطان في العالم وهو الذي بدأ مرحلة الاتصال والانفتاح علي العالم الخارجي، أيضاً تمكن من الحصول علي عدد من المنح للخارج والتي لها دور كبير في بناء هذا الصرح وأن يكون معهد الأورام القومي له رونقه ومميزاته العالمية، ثم بعد ذلك التحق بالمعهد مجموعة من الأساتذة والأساتذة المساعدين والأطباء الذين كان لديهم اهتمام بالاشتراك في علاج السرطان، وقتها وكان بمثابة المرض المجهول، أو العلاج لا يحقق صدي كافياً، أو الذي يتجه إلي البحوث، وكنا نحلم بالخلاص من السرطان وأتمني أن يختفي.

أيضاً الدكتور إسماعيل السباعي وكان رجلاً يحب العمل ويقدسه وكان له دور كبير في التخصص الجراحي وكنت واحداً من تلاميذه وكان في الجراحة وقتها مدرستان، مدرسة الدكتور السباعي وكنت في هذه المجموعة وهذه المجموعة تشربت علم الجراحة الحديثة وأيضاً كان منها الدكتور محمد عباس وحتي الدكتور محمد غنيم انضم لها لفترة لأن جامعة المنصورة في ذلك الوقت كانت تتجه للاهتمام بمستوي الأداء ومستوي البحوث والجراحة، والمدرسة الثانية مدرسة الدكتور لطفي أبو النصر وكان منها الدكتور أسامة سليمان والدكتور رضا حمزة والدكتور صلاح شهبندر، وبدأ المعهد يخطو خطوة بخطوة وفي تلك الأثناء أصبح الدكتور لطفي أبو النصر عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان وكان هذا نوعاً من الاتصال العالمي بين مصر وفرنسا وكان هذا توجهاً ممتازاً، ثم الدكتور صلاح شهبندر وكان معلماً ممتازاً وكان له أفضال كثيرة علي الجميع منهم من يعترف بها ومنهم من لا يعترف، لكن الاعتراف بأفضال هذه المجموعة ليس للأشخاص، لكن الحكم للتاريخ، فالتاريخ هو الذي يثبت دور الشخص.

• ماذا كانت المحطة الثانية لكم؟

- من حسن حظي أنني سافرت إلي فرنسا، كانت فرنسا أو مدرسة الطب الفرنسية وقتها متميزة منذ أيام الوالي محمد علي باشا إلي أن جاء كلوت بيك وكون كلية الطب وأخذ مجموعة من الأطباء وسافر إلي فرنسا وطلب تقييم هذه المجموعة وجاء التقييم ممتازاً من هنا بدأت العلاقة القوية بين مصر وفرنسا، ثم جاءت فترة كلية الطب بعد دخول الإنجليز مصر وتحولت دراسة الطب وبالأخص جراحة السرطان وعلم السرطان مثل باقي فروع الطب والتعليم حيث أصبح بالإنجليزية، وعندما سافرت لفرنسا وظللت في معهد جوتساف في باريس لمدة عامين أعمل بنفس النمط الذي يعمل به خريج الجامعات الفرنسية ودائماً ما كنت أتلقي بالمستوي العلمي والجيد ومستوي الجراحة والتفكير لأن الأستاذين الكبيرين في تكوين مدرسة جراحة السرطان في مصر كانا حريصين علي كل جديد والوصول إلي مستوي عالٍ جداً وكانت فترة السبعينيات وصلنا إلي أعلي اتساع يمكن أن يصل له التخصص في تلك الفترة.

ثم دخل المعهد في شمله مجموعة من الأساتذة في تخصصات أكاديمية مثل البيولوجيا وبيولوجيا الأورام وتركيب جسم الإنسان وبدأ أيضاً اشتراك أطباء من تخصصات أمراض الباطنة يتحولون للمعهد ومنهم الدكتورة نازلي جاد المولي وكان الدور الكبير في العلاج الكيميائي وبدأت كأستاذ في قصر العيني في قسم الباطنة العام ثم انتقلت إلي معهد الأورام وأسست قسم طب الأورام وتخصصت في العلاج الكيميائي، أيضاً انضم للمعهد في ذلك الوقت الدكتور حسن عواض وكان من الأساتذة المهتمين بالعلوم الأساسية كان له دور مهم حيث أسس قسم العلاج الإشعاعي، أيضاً الدكتور محمود المبرزباني والدكتور محمد عطية والدكتور عبدالباسط الأعصر كونوا المجموعة الخاصة بالبحوث البيولوجية وكان دوراً مهماً وكان أمراً جديداً جداً، كل هذه تفاصيل لفترة مهمة يذكرها التاريخ. وكان الدكتور محمود شريف من أوائل المتخصصين المؤسسين وكان دائم النشاط وكل هذا النشاط يعود بالطبع علي المعهد.

ماذا عن الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان الذي تكررت عضوية مصريين به؟

انتخب الدكتور لطفي أبو النصر عضو مجلس بالاتحاد العالمي لمكافحة السرطان، ثم جاء الدكتور إسماعيل السباعي عضواً ثم كنت أنا ثالث مصري يتم انتخابه في هذا الاتحاد، وكان الأمر صعباً جداً، فكل دولة لها صوت واحد فأمريكا مثل جيبوتي علي سبيل المثال بصوت واحد، وكنت عضواً في الفترة من ٢٠٠٢ حتي ٢٠٠٤ ومقره جينيف ويضم ٩٠٪ من دول العالم العاملة في مجال السرطان، وبعد انتهاء فترتي جاء من بعدي أحد زملائنا من تونس الدكتور نجيب مورالي وظل لأربع سنوات وهو أيضاً من المؤسسين لهذا التخصص لديهم فمنذ أكثر من شهر الدكتور حسين خالد حيث انتخب عضو مجلس إدارة بالاتحاد العالمي لمكافحة السرطان، وكانت مصر هي القائد في هذه الفترة فلم يكن هناك أعضاء في الاتحاد إلا من مصر وتونس، وهذا أعطي نوعاً من الزخم لمصر ومعهد الأورام القومي بصفة خاصة، وزاد الأمر والوضع المصري بتكوين المجلس العربي لمكافحة السرطان وبدأنا في أوائل الستينيات حتي ٢٠٠٦ وكل سنة كان يتولي رئاسته من بلد ما، لكن الأمين العام يظل أربع سنوات وكنت أول أمين عام للمجلس العربي لمكافحة السرطان ترك لي المجال أكثر من أربع سنوات لأننا كنا في فترة التأسيس وحالياً يتولي هذا المنصب الدكتور مصطفي الصرفي من الشخصيات الممتازة والمتخصصة في العلاج الكيميائي ومن تلامذة الدكتورة نازلي جاد المولي.

هل توقفت محطات السفر عند فرنسا فقط بالنسبة لك؟

من حسن حظي أنني كنت الوحيد الذي ظللت في فرنسا فترة، الفرنسيون أنفسهم في معهد “تيموريال” أكبر معهد ونظراً لاقتناعهم بأدائي فكنت أقوم بمجهود كبير وقبل عودتي لمصر قالوا لي سوف نوفر لك عملاً في أمريكا بحيث تعود لمصر وتنقل كل هذه الخبرات في مجال التشخيص والعلاج وظللت بأمريكا أقل من سنة لأن في ذلك الوقت حدثت تغيرات في المعهد وإشكالات معنية وتم إبلاغ المسافرين لكي يعودوا للمعهد، لم تكن هذه المحطة الوحيدة فكان من حسن حظي أيضاً أنني أرسلت لبعثة لليابان لمدة ستة أشهر وكانت فترة هائلة جداً لأن اليابانيين كانوا علي مستوي رفيع وبعدها أرسلت اثنين من تلامذتي ليحصلا علي رسالة الماجستير والدكتوراه من اليابان.

• كل هذا انعكس علي المعهد أليس كذلك؟

- بالفعل كنا ومن قبلنا أستاذتنا نعمل بشيء من الحماس وتكونت مدرسة كبيرة متخصصة في تشخيص وعلاج السرطان في مصر.

أنت من المهتمين بسرطان الثدي لماذا؟

هذا الاهتمام تمت ترجمته في أبحاث مشتركة بين مصريين وخارج مصر، فالدكتور حسين خالد وكان نائباً لرئيس جامعة القاهرة وعميداً للمعهد وعضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان وهو من المشاهير في علاج الأورام كيميائياً واشتركنا في كثير من البحوث وكذلك مع بعض الزملاء في تونس لأنني اهتممت بسرطان الثدي فهو من الأنواع التي تتصدر رقم واحد في إصابة السيدات في مصر وقمنا ببحوث في هذا المجال بعضها خارج مصر ، وبعضها في مصر، حيث بدأت مراكز السرطان التابعة لوزارة الصحة وكنت في ذلك الوقت رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب فقضيت ١٥ سنة في مجلس الشعب منها رئيساً للجنة الصحة ١٠ سنوات وخمس سنوات في رئاسة لجنة التعليم، وفي فترة رئاستي للجنة الصحة طالبنا المجلس بإيجاد مراكز لعلاج السرطان في مصر وكان وقتها الدكتور إسماعيل سلام وزيراً للصحة واستجاب للفكرة وبدأت خطوة بناء المراكز في البحيرة ودمياط وأسوان وسوهاج ثم بدأت تتكون جمعيات أهلية مثل مركز سرطان طنطا فهو ومركز له صفة الجمعية الأهلية، وكان مركز سرطان فاقوس إضافة مهمة.

كيف كانت بداية مركز فاقوس وإلي أين وصل؟

مركز فاقوس وكانت فكرتي بأنني دائماً أحب دفع الأمور إلي الأمام ومن أوائل الثمانينيات بدأنا في تكوين وعمل مركز فاقوس وحالياً به ١٠٠ سرير وبه تجهيزات جديدة وهذا العام يكون قد مر عليه نحو ٢٥ عاماً، ونهنئ أنفسنا علي مركز فاقوس فهو مركز أهلي تطوعي وصل حالياً لأن يستقبل نحو ١٥٠٠ حالة جديدة سنوياً تضاف إلي الحالات القديمة التي تظل تحت الرعاية والمتابعة لسنوات، وشهد خلال الفترة الأخيرة مزيداً من التجديد في غرف العمليات والتعقيم والرعاية المركزة وتجهيزات خاصة جديدة بمختلف علاجات الأورام، فمثلاً في الجراحات نجري ١٠٠ حالة جراحة شهرياً ونجريها بتوسع، المركز يخدم كل المحافظات فيتردد عليه مرضي من سيناء والإسماعيلية والبحر الأحمر والمحافظات القريبة من محافظة الشرقية مقر المركز، مثل أطراف الدقهلية والتي أنشئ بها مركز، فالمرضي يتحملون عناء السفر والانتقال وغالباً المريض ينتقل ليس بمفرده لكن مع عدد من أفراد أسرته. وتوليت رئيس مجلس إدارة المركز ومنذ أول دقيقة وأنا أركز في كل تفاصيل المركز. من أول الطوب والغرف وأدق التفاصيل حتي إن مكان الباب أو الشباك أخذ جزءاً من تفكيري، وكل هذه التفاصيل أحفظها عن ظهر قلب وكنا نعمل بحماس وكنا في سباق حتي تمكننا من الوصول به لهذا المستوي وفي عام ٢٠١٤ افتتح وزير الصحة ووزيرة الشئون الاجتماعية التوسعات التي حدث في المركز، وبفضل الله المركز معروف علي المستوي العالمي أكثر منه داخل مصر، وكان مؤخراً صدر كتاب من البنك الدولي ذُكر فيه مراكز السرطان التي تكونت بالجهد الذاتي وجاء مركز فاقوس ومركز سرطان شرق الأردن في عمان وهذا أمر جيد أن يذكر المركز في المجلات العلمية والكتب الصادرة عن الهيئات الدولية، ولا أنقطع عن ذهابي له، في كل أسبوع أذهب للمركز لكي أتابع وأشرف علي كل شيء وأضفت جزءاً مهماً وهو مدرسة تمريض لأن طوال الفترة يتدرب التمريض في المستشفي ويتلقي المحاضرات من الأطباء ويتم التدريب علي كيفية التعامل مع المرضي والمعايشة مع المرض وبين المركز ومدرسة التمريض نحو ٨ أمتار فقط وتكونت منذ عام ٢٠١٥ وخرجت ثلاث دفعات كل دفعة ٣٠ طالبة فلدينا حالياً نحو ٩٠طالبة، والمدرسة عليها ضغط شديد لما يرونه من خريج متميز وجيد ونتمني المزيد.

بعد مرور خمسين عاماً علي معهد الأورام القومي ماذا تقول؟

توليت عمادة المعهد في الفترة ١٩٩٩ حتي ٢٠٠٠ وأنا سعيد أنني حضرت إنشاء معهد الأورام وإن كنت وقتها في بداية حياتي، لكني أفتخر بأنني أنتمي إلي هذه المدرسة، وحرصت علي إدخال كل ما هو جديد وأنشأت وحدة الاكتشاف المبكر ونواكب كل ما هو جديد. وأنا سعيد بأنني أؤدي خدمة لهذا البلد سواء من خلال رحلتي مع المعهد أو من خلال ما نقدمه في مركز فاقوس فنحن لانقدم العلاج فقط لكن نهتم بكل شئون الأسرة، وأحمد الله أن وجهني إلي هذا التخصص في بداية حياتي.

ماذا عن الجديد في مركز فاقوس؟

نجري حالياً برنامجاً للكشف عن فيروس “سي” باعتباره أحد أسباب المشاكل التي يتعرض لها الكبد وتم إنفاق نحو ٣ ملايين جنيه في تشخيص وعلاج المرضي فلدينا نحو ١٠ آلاف شخص ما بين ومرضي يتم علاجهم ومرضي في مرحلة التشخيص مرضي في مرحلة المتابعة، البرنامج يشمل أيضاً التوعية وكيفية الوقاية وتوفير الأدوية، أيضاً لدينا برنامج للاكتشاف المبكر لسرطان الثدي.

السرطان مازال المرض المخيف أليس كذلك؟

السرطان مرض يتم الشفاء منه، مرض يتم علاجه وبمعدلات نجاح تتحسن يوماً بعد يوم، ومعهد الأورام القومي يتردد عليه آلاف المرضي، وأنا عندما كنا شباباً وكانت المجموعة المؤسسة في الفترة الزمنية الأولي، كان دكتور لطفي يقول لنا “انظروا شوفوا فيه حاجة غير مضبوطة، ويقول ليه الغرفة مكانها كده ولى الباب هنا وأمور صغيرة”.

فالأساتذة الكبار علمونا أشياء كثيرة ليس فقط العلم، وليس فقط الجراحة، لكن كيفية أن يكون لدينا فكر وروح الإنشاء والتطوير، وبالنسبة لمرضي السرطان فالمهم هو حسن الأداء، حسن العلاج، حسن المتابعة حسن الجراحة، حسن رعاية الأسرة فأسر كثيرة يقل دخلها كثيراً وهذا ما نراعيه في مركز فاقوس وهذا دور الجمعيات الأهلية من رعاية المواطنين.

كيف ننظر لمعهد الأورام؟

ننظر معهد الأورام ٥٠٠ ٥٠٠ بالشيخ زايد وكلنا نأمل ونتمني إنشاء هذا الصرح الطبي الكبير، ونأمل مشاهدة افتتاحه، لكن الأمر يتطلب وقتاً وأموالاً في ظروف تقل فيها مصادر التمويل، والحمدلله توجد مراكز وجمعيات في الأقاليم يسعون لتعويض هذا النقص، والمعهد علي رأسه عميد شاب ممتليء بالنشاط والحماس ويبحث عن كل ما هو جديد ويوفر العلاج بحيث لا يواجههم مشكلة نقص في جلسات أو جرعات العلاج وهذه أمور ترتقي بالمعهد.