الثلاثاء 11 يونيو 2024

مواجهته تبدأ بالكلمة الطيبة بين الأزواج .. شبح الغلاء يهدد استقرار الأسر

15-4-2017 | 11:47

إعداد الملف : نجلاء أبوزيد - سمر عيد - منار السيد - شيماء أبوالنصر

بعد موجة الغلاء التى تشهدها الأسواق المصرية أختفت روح التعاون بين الزوجين فى شراء متطلبات المنزل حيث تحولت الرحلة إلى السوبر ماركت أو السوق إلى خناقة زوجية تمتد لساعات، فبين غلاء الأسعار وكثرة طلبات الأسرة وقلة الأجور يقف المواطن عاجزا عن توفير متطلبات الحياة، لكن إذا كان الغلاء أصاب كل السلع الأساسية إلا أن كلمات الشكر والتقدير لا تزال سلعا مجانية يمكن أن يتبادلها الزوجان كدافع إيجابى لاستكمال الطريق وتخطى الأزمات..

فما السبيل لرأب الصدع الذى أحدثته موجة الغلاء فى أسرنا؟ وكيف يتغلب الزوجان على أزمة ارتفاع الأسعار التى تعانى منها الأسرة المصرية؟ وبماذا ينصح خبراء علماء النفس والاجتماع للخروج من تلك الأزمة؟

فى البداية تقول مروة، ربة بيت: دخل زوجي غير ثابت فهو يعمل على توك توك، وغلاء الأسعار جعله عاجزا عن توفير متطلبات أولاده، وأصبح عصبيا ويتطاول علىّ بالضرب من وقت لآخر، ودائما يتهمني بالإسراف رغم قلة مصروف البيت الذى يعطيه لي، ومؤخرا ترك البيت وذهب إلى منزل والدته هروبا من الإنفاق على أولاده ما دفعنى لطلب الطلاق لأحصل على نصيبي في معاش والدي حتى أوفر نفقات أبنائى.

وتقول أسماء محمود، مدرسة: توقفت عن الذهاب مع زوجي إلى السوبر ماركت لكثرة اختلافنا على ما أشتريه لذلك تركته يذهب بمفرده ولا أعترض على ما يحضره، ونفس الشيء بالنسبة للحوم والدجاج أصبحت أشترى الخضار فقط بعد أن كنا نذهب سويا لشراء طلبات المنزل يوم السبت، وقد توصلنا لهذا القرار سويا حتى لا تزداد المشاكل بيننا، أعرف أن الضغوط كثيرة ولكن الرجال أصبحوا عصبيين جدا وكأننا من رفعنا الأسعار، ومنذ أسبوع قرر زوجي عدم تشغيل التلفزيون لتوفير الكهرباء، لا أعرف ماذا أفعل ولكنى أعذره فراتبه لا يكفى.

كلمة طيبة

«الكلمة الحلوة ببلاش ».. هكذا بدأت فادية فايد، ربة منزل حديثها قائلة: بعد ارتفاع الأسعار لجأ زوجى للبحث عن عمل إضافى بعد عودته من الوظيفة الحكومية لتوفير احتياجاتنا، وأنا أحاول التخفيف عنه وأطلب من الأولاد تقدير تعبه، وأضغط على نفسي وأولادى لأننى أعرف أن هذا ما فى استطاعته، وعندما يعلو صوته أو يغضب أسكت لأننى أعرف أن عجزه عن توفير طلباتنا هو السبب وراء عصبيته، «لازم استحمله لأننا عشرة سنين ولم أره بهذا العصبية إلا هذه الأيام، بصراحة الستات لازم يستحملوا شوية خاصة المرأة غير العاملة التى لا تستطيع مساعدة زوجها فى مصروفات المنزل .»

المشاعر الباقية

أما عادل معوض، مخرج بالتلفزيون فيقول: «أصبح الغلاء واقعاً مراً على الجميع ولم يعد أمامنا سوى التمسك بمن نحبهم لتمر هذه الفترة، وأنا شخصيا أرى زوجتي بطلة لقدرتها على تدبير أمور المنزل بأقل التكاليف، وتقديرها للجهد الذى أبذله فى سبيل توفير حياة لائقة لها وأولادى، فالتعاون مطلوب وكذلك التقدير، ونحن كأزواج المشاعر الطيبة هي الباقية وإلا قضى الغلاء على بيوتنا جميعا .»

وتتفق معه هالة سمير قائلة: استوحش الغلاء حتى أصبحنا عاجزين عن مواجهته، حيث تسبب فى هدم العديد من الأسر التى لم تستطع التكاتف والتعاون لتخطى الأزمة، بينما كانت الظروف الاقتصادية الصعبة سببا فى تقوية الروابط الأسرية بين أفراد أسر أخرى، وأحمد الله أننى وزوجي استطعنا التعاون للخروج من تلك الأزمة، فكل منا يقدر ما يبذله الآخر من مجهود لتوفير حياة كريمة لأبنائنا، فالكلمة الطيبة دعم نفسي يجب أن يقدمه الطرفان لبعضهما البعض، حتى وإن تشاجرا بسبب الضغوط، فنحن لا نملك سوى أن نقاوم هذا الغلاء حتى لا يكسرنا .

فقدان توازن

وإذا كانت معظم القصص لأسر أحدث الغلاء شرخا في جدرانها، فهناك نماذج قررت الصمود بالكلمة الطيبة والتعاون لتستمر الحياة، فماذا يفعل الأزواج لمواجهة طوفان الغلاء وحماية البيوت من الانهيار؟ يقول د. رفعت عبد الباسط، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان: تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن التغيرات الاقتصادية لها آثار على الفرد والمجتمع، وقد رصدنا ذلك في الثمانينيات، لافتا إلى أن موجة ارتفاع الأسعار التى يعاني منها المواطنون فى الفترة الأخيرة أفقدت الكثير من الأسر توازنها واستقرارها لعجزها عن تلبية احتياجات أبنائها الأساسية، وزادت من حدة الخلاف بين الزوجين بسبب ضعف الإمكانات المتاحة، كما دفعت الزوجين إلى الوقوف بالساعات في الطوابير لتوفير سلع بأسعار مقبولة، مشيرا إلى أن كثرة الضغوط تحول الخلاف البسيط إلى مشاجرة قد تصل إلى الطلاق أو ترك الزوج للبيت وهدم الأسرة، ناصحا الزوجين بالجلوس سويا والاتفاق على التماسك والبحث عن البدائل المتاحة للخروج من الأزمة، وأن يقدر كل منهما جهد الآخر، وأن يتبادلا كلمات التشجيع لأن الاستسلام لليأس والغلاء لن يغير من الأمر شيئا، مؤكدا أنه كلما كان هناك توافق أساسى بين الزوجين كلما استطاعا تجاوز الأزمة

مجهود مشترك

ويقول د.عادل المدني، أستاذ الطب النفسي وخبير الاستشارات الأسرية: تحدث الظروف الاقتصادية السيئة ضغطا نفسيا كبيرا على الرجل أكثر من المرأة لأنه المسئول الأول عن توفير احتياجات الأسرة، وشعوره بالعجز عن تلبية تلك الاحتياجات يجعله غاضبا من نفسه ومن زوجته، لأنه لا يعرف كيف يحل الأزمة، نافيا أن يكون الغلاء سببا فى زيادة معدلات الطلاق، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأسر التى تعانى الفقر والعوز لكنها بالرغم من ذلك متماسكة.

ويؤكد د.عادل أن الغلاء يلعب دورا في إنهاء بعض العلاقات وانهيار بعض الأسر المفككة لكن دائما ما تتمكن العشرة والمودة من التغلب على الأزمات، وينصح الزوجين بتبادل كلمات الشكر والعرفان لأن من شأنها مساعدة كل طرف على تحمل مسئولياته، فإذا كان الرجل يعمل على توفير المال فالزوجة تحاول أن تلبى طلبات منزلها وأولادها بأقل التكاليف، وكلاهما يبذل جهدا للحفاظ على كيان الأسرة والعبور بها إلى بر الأمان.