كتبت: أماني محمد
تواجه اتفاقية تعيين الحدود المبرمة بين مصر والسعودية مصيرًا غامضًا، فما بين حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الاتفاقية والإقرار بمصرية جزيرتي تيران وصنافير محل النزاع، والتي انتقلت بموجبها تبعيتهما من مصر إلى السعودية، وإحالة الاتفاقية إلى مجلس النواب ثم اللجنة التشريعية لمناقشتها وإبداء الرأي بقبولها أو رفضها.
تساؤلات حول مصير الاتفاقية؛ ماذا إذا عارض مجلس النواب حكم المحكمة الإدارية العليا وقبلها القضاء الإداري وأقر بنقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية؟ وماذا إذا أيده وأبطل الاتفاقية؟ في حين يؤكد خبراء أن البرلمان في حالة إقراره للاتفاقية سيعقد المشهد ويصبح الأمر أكثر صعوبة لأنه سيعارض أحكام القضاء.
يقول الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، إن الفيصل في أزمة الاتفاقية هو احترام أحكام القضاء، متمثلا في حكم المحمة الإدارية العليا ومن قبله القضاء الإداري، معتبرًا عدم احترام الحكم هو خطأ من البرلمان لأنه يجب عليه التقيد بنصوص الدستور وعدم مخالفته.
وأوضح أنه المجلس عليه الالتزام بنصوص المادة الأولى من الدستور، والتي تنص على أن الدولة المصرية دولة موحدة ذات سيادة، والمادة 4 الخاصة بالمحافظة على سيادة الشعب فضلا عن المواد من 94 حتى 100، وهي المواد السبع التي تنص على سيادة القانون، وكذلك مواد استقلال القضاء بدءًا من المادة 184 حتى المادة 189 من دستور 2014.
وأضاف عبد النبي أن المجلس يجب عليه المثول أيضًا لنص المادة 100 من الدستور والتي تقول إن الأحكام تصدر باسم الشعب وأنالدولة تكفل وسائل تنفيذها على النحو الذى ينظمه القانون، مضيفًا أنه وفقًا لكل تلك المواد وبالنظر إلى حقوق مصر التاريخية على أراضيها فالمجلس خالف كل ذلك وليس من حقه مناقشة الاتفاقية.
وأشار إلى أن مواد الدستور رقم 32 و46 و78 و79 تنص على حقوق المجتمع والأجيال القادمة على الأرض وكل تلك المواد يجب الالتزام بها لكن المجلس أغفلها، موضحا أن المادة 151 والتي تنص على أن الرئيس يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات تعطيه حق مقيد وليس مطلق لأنه مرتبط بحق الدولة وفق ما حددته المادة 139 من الدستور بالحفاظ على استقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامتها.
وأوضح أن مواد الدستور لا تعطيه حق إبرام الاتفاقية أو الاستفتاء عليها وفقا للمادة 139 و157 التي تنص على أنه يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور، ووفقا لكل ما سبق فالمجلس لا يحق له مناشقة الاتفاقية وإلا تعرض لمسائلة دستورية وجنائية وفقا لقوانين رقم 247 لسنة56 والخاص بمسائلة رئيس الجمهورية و79 لسنة 58 بمحاكمة الوزراء وقانون العقوبات وفقا لمواد 77 و83 و85 وكذلك المسائلة السياسية أمام الشعب.
وعن دور المحكمة الدستورية في فض ذلك الاشتباك بين حكم مجلس الدولة ومناقشة البرلمان للاتفاقية أوضح أن الدستورية ليس لها علاقة ولها حكم شهير من قبل رقم 11 لسنة 20 في قضية التنازع قبل أكثر من 17 سنة، قالت فيه إن القضاء الإدارى جهة مختصة بنظر النزاع، و وأن الحكم له قوة الإلزام والاتجاه إلى محكمة الأمور المستعجلة دائرة عابدين يعد التفافا على القانون وتحايلا.
وأكد أن المجلس إذا أقر الاتفاقية يكون حينها فقد شرعيته القانونية والدستورية لأنه عطل أحكام القضاء الإداري والإدارية العليا والدستورية وخرج عن نص الدستور وعليه يجب أن يتدخل الرئيس بحله وإلا دخلت الدولة في حسبة معقدة من عدم شرعية النظام ودوامة ما بعدها دوامة لأن المجلس لم يقم بالدور المنوط به.
اتفق معه الدكتور عفيفي كامل أستاذ القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية، مؤكدًا أنه لم يكن من المفترض إحالة الاتفاقية إلى البرلمان بعد حكم محكمة القضاء الإداري لكن إحالتها جاء لاختصاص المجلس بمناقشتها إذا لم يكن هناك حكم قضائي بإلغائها، معتبرا أن مناقشة مجلس النواب لها ليبدي رأيه إجراء ضروري طالما أحيل الأمر إليه أيضًا.
وأضاف أن أغلب النواب غير موافقين على الاتفاقية ولا يرغبون في معارضة أحكام القضاء ويجب أيضًا احترامها، مؤكدا أنه إذا أقر البرلمان بصحة الاتفاقية سيصبح قراره غير شرعيًا ولا يتفق مع الشرعية الدستورية لأن أحكام القضاء تصدر باسم الشعب وعليه فهو صاحب السلطة الأعلى.
واعتبر أن حكم المحكمة الدستورية في الطعن المقدم على حكم الأمور المستعجلة بإيقاف حكم الإدارية العليا سيكون قاطعًا، وفي الغالب ستعتبر الدستورية حكم الأمور المستعجلة هو والعدم سواء لأن القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص في هذه الأمور.
وقال ضياء الدين داوود، عضو اللجنة التشريعية لمجلس النواب، إن الإحالة باطلة بحكم المحكمة الإدارية العليا ولا يجوز للبرلمان أن يناقش باطل وينظر إلى عدم، لأن الاتفاقية بعد هذا الحكم هي ورق فارغ ومعدومة، مشيرا إلى أنه على البرلمان التمسك بالحكم القضائي البات في هذا الأمر.
وأضاف أنه على اللجنة التشريعية أن تنتهي إلى عدم شرعية المناقشة لأنه يجب أن يكون العرض سليمًا، موضحا "في حالة إقراره الاتفاقية سنصبح أمام حالة صراع بين السلطتين التشريعية والقضائية ونأمل ألا يحدث هذا".