الأربعاء 5 يونيو 2024

فكرة لتغيير فلسفة التعامل مع الشباب

19-4-2017 | 12:49

بقلم: أحمد أيوب

تختلف البلدان العربية فى الأعراض، لكن المرض واحد هو الشباب، ماذا نفعل مع شبابنا التائه الحائر الضائع أحيانا، هل نعتقل أفكاره ونحبس حريته ونفرض عليه الوصايا، هل نتركه نهبا لميديا جديدة تخترق العقول وتفسد الأدمغة، هل نحتويه ونؤهله ونسانده ونحميه؟

هل الأفضل له حرية بلا حدود أم فرض قيود، إشكاليات عقدت من أجلها آلاف المؤتمرات وشكلت مئات اللجان ووضعت عشرات الاستراتيجيات ولم تجد لها حلا، تحدثنا فترات عن تمكين الشباب، وأخرى عن تأهيلهم وثالثة عن استيعابهم، وفى كل مرة تفسد الخطة ويزداد الشباب ابتعادا عن الحكومات وتتسع الفجوة،

منذ أيام جمعتنا دعوة من الزميل الصحفى الكويتى المعروف والعاشق لمصر وأهلها ماضى الخميسى، للقاء وزير الشباب الكويتى الجديد خالد الروضان الذى كان يزور القاهرة لحضور اجتماعات وزراء الشباب العرب، ولأن الجلسة كانت عامرة بالشخصيات الإعلامية والصحفية من أصحاب الفكر ورجال الاقتصاد والقانون والسياسة دار النقاش عن الشباب بإعتبارهم يمثلون الهم العربى الأول، وكانت فاتحة الحوار فكرة جديدة طرحها وزير الشباب الكويتى وهى تغيير فلسفة التعامل مع الشباب وبدلا من التركيز فى وزارات الشباب العربية على ربط الشباب بالرياضة، فليكن الاهتمام منصبا على ربطهم بالمشروعات الصغيرة، فلا تركز وزارات الشباب استراتيجياتها وخططها فقط على دمج الشباب فى الأندية ومراكز الشباب، وإنما تكون الأولوية لكيفية استغلال إمكانيات هذه المؤسسات فى دعم توجه الشباب للمشروعات الصغيرة.

الفكرة كما قال وزير الشباب الكويتى ناقشها مع المهندس خالد عبد العزيز ولاقت توافقا فى الآراء، وسنده في طرحها والحماس لها أن الشاب يستطيع أن يعيش دون ممارسة الرياضة، لكنه لا يستطيع أن يعيش دون دخل يضمن له حياة كريمة، كما أن الدراسات تؤكد أن الفقر هو من يجبر الشاب على التطرف والانحراف تجاه العنف ويجعله صيدا سهلا للتنظيمات الإرهابية، هذا بالإضافة إلى أن المشروعات الصغيرة فى حد ذاتها ركيزة مهمة لأى اقتصاد فى العالم لا يمكن الاستغناء عنها، فتصل نسبة المشروعات الصغيرة من اقتصاديات الدول الباحثة عن النمو ما بين ٢٠ إلى ٣٠ بالمائة على الأقل، وترتفع فى الدول المتقدمة لتتعدى الـ٥٠ بالمائة، ولهذا تقل نسب البطالة فى هذه الدولة ويزداد ناتجها القومى.

كلام الوزير الروضان كان فاتحة مهمة لحوار ثرى حول أهمية وخطورة المشروعات الصغيرة التى على أهميتها تبدو فى الدول العربية وكأنها الفريضة الغائبة، فكانت مداخلة رجل الأعمال المعروف الدكتور حسن راتب كاشفة عن خسائر الاقتصاد المصرى لسبب تجاهل المشروعات الصغيرة طوال عقود ماضية فلم يقتصر الثمن الذى دفعته مصر على البطالة والفقر، وإنما دفعنا عملة صعبة بالمليارات لاستيراد سلع كان يمكن أن توفرها المشروعات الصغيرة لو اهتمت بها الدولة كما يجب، ومثال ذلك أن مصر تستورد « فرش دهان» بنحو ٨٠٠ مليون دولار سنويا، وتستورد « بيلت كونفير» أو السيور الناقلة التى نستخدمها فى المطارات والمصانع بنحو مليارى دولار فى السنة، رغم أن إنتاج هذه المعدات لا يحتاج سوى مصانع قد لا تزيد تكلفة إنشاء الواحد منها عن مليونى دولار.

هنا كان الحديث عن أهمية خلق المناخ الإبداعى للشباب العربى من خلال مبادرات حقيقية تواجه مشاكلهم بجرأة وتفتح أمامهم فرص العمل والإنتاج لاستغلال طاقاتهم، ولم تقف المناقشات عند هذا وإنما كانت المفاجأة المهمة التى كشفها أحد المشاركين ليؤكد أهمية المشروعات الصغيرة، وهى أن تكلفة خلق فرصة العمل الواحدة فى المشروعات الكبيرة والعملاقة قد تصل إلى مليون ونصف المليون جنيه، بينما تقل تكلفة خلق فرصة العمل فى المشروعات الصغيرة إلى ربع مليون جنيه فقط، وهو ما يؤكد أن المشروعات الصغيرة أحد أهم وسائل مكافحة البطالة والفقر معا، والأهم أنها البداية لخلق الأجيال الجديدة من المستثمرين والصناع الذين يقودون اقتصاد الدول العربية فى العقود القادمة.

المناقشة خلال اللقاء حول المشروعات الصغيرة كانت مهمة وأكد لى لماذا اهتم الرئيس السيسى بأن يخصص مائتى مليار جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة وبفائدة منخفضة، ،ولماذا طرح فكرته المتميزة بأن تتولى وزارة الصناعة مهمة تسليم المصانع الصغيرة للشباب بنظام تسليم المفتاح فالرئيس يدرك أهمية أن ينطلق قطار المشروعات الصغيرة بسرعة وبجدية حتى يقود معه الاقتصاد المصرى خطوات إلى الأمام، لكن للأسف ما يريده الرئيس ويسعى إليه أحيانا تعطله البيروقراطية المصرية العتيقة، وتضيعه العشوائية التى أدمناها لقرون فى تعاملنا مع القروض والاستثمار.

فشكراً لماضي الخميس الذى أتاح لنا فرصة النقاش