وصف خبراء
التراجع عن تصريحات وزير الري الإثيوبي المتعلقة ببدء ملء سد النهضة بأنها تمثل محاولة
لجس النبض، إلا أن مصر تعاملت بهدوء والتزام وطلبىت رسميا إيضا صحته، حتى خرج
النفي، موضحين أن مصر في هذه الأزمة أمامها عدة سيناريوهات للتحرك وستتحدد عقب
نتائج القمة المصغرة الأفريقية المرتقبة بين رؤساء الدول الثلاث، وأنه على مصر
التوجه لمجلس الأمن لاتخاذ قرارات ملزمة في هذا الصدد.
كانت وزارة
الخارجية، قد أعلنت أن مصر طلبت إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى
صحة ما تردد إعلامياً عن بدء إثيوبيا ملء خزان سد النهضة، مؤكدة أن مصر تواصل متابعة
تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول هذا الموضوع.
ومساء أمس، أعتذر الدكتور سيليشي بيكيلي، وزير المياه والري والطاقة الإثيوبى عن تصريحاته
السابقة المتعلقة ببدء ملء خزان سد النهضة، وقال في تصريحات نقلها عنه التليفزيون الإثيوبى
اليوم "نعتذر عن سوء التفسير للتقرير السابق على صفحتنا على وسائل التواصل الاجتماعي
الذي تناول بدء ملء سد النهضة الكبير"، واصفا الصور المنشورة والتي تظهر تجمع
المياه خلف السد بأنها عكست الأمطار الغزيرة وأن
التدفق كان أكبر من التدفق الطبيعي، وليست ملئا للسد.
وفي الوقت
نفسه أعلنت
وزارة الري والموارد المائية السودانية، تراجع منسوب مياه نهر النيل الأزرق بما يعادل
90 مليون متر مكعب مما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة، موضحة أنه بعدما تناقلت وسائل
الإعلام معلومات وصور ملتقطة بالأقمار الصناعية تشير إلى بدء إثيوبيا في ملء سد النهضة
بالمياه قبل التوصل لاتفاق طلبت من أجهزتها المختصة قياس مناسيب النيل الأزرق بالتحري
عن صحة هذه المعلومات.
وتابعت أنه اتضح جليا بواسطة مقاييس
تدفق المياه في محطة الديم الحدودية مع إثيوبيا أن هناك تراجعا في مستويات المياه بما
يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا ما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة.
سيناريوهات التحرك المصري
وفي هذا السياق، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد
المائية بجامعة القاهرة، إن تصريحات وزير الري الإثيوبي أمس بشأن ملء السد ثم نفيها
مساء أمس قد تكون محاولة جس نبض، مضيفا إن وزير الري الإثيوبي لم يقل صراحة أنهم بدأوا
ملء السد أو التخزين لكن قال إن هناك تجمعات للمياه خلف السد، ونفى مساء بدء أديس أبابا
في التخزين .
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أنه على مدار الأيام الماضية خرجت تصريحات متضاربة من المسئولين الإثيوبيين بشأن عملية
الملء، فقالوا إن البدء سيكون في أول يوليو، ثم في خلال أسبوعين ثم خلال موسم الأمطار
الغزيرة، مضيفا إن الرد الرسمي الإثيوبي هو نفي عملية بدء الملء والتخزين.
وأضاف إن الجولة الأخيرة من المفاوضات
رغم فشلها لكنها رفعت تقارير لجنوب أفريقيا رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي، وبناء على
هذه التقارير سيدعو الاتحاد لقمة مصغرة لرؤساء مصر والسودان وإثيوبيا كما عقدت في يونيو
الماضي، مضيفا إن اجتماع الرؤساء هذا أمامه عدة سيناريوهات.
وأشار إلى أنه قد يصل الرؤساء لخطوط
عريضة يتفقون عليها تتسم بشيء من المرونة لنقلها لوزراء الري أو الخارجية لعودة المفاوضات
مرة أخرى بناء على هذه الخطوط للوصول إلى اتفاق، مضيفا إن هناك سيناريو آخر وهو عدم
عقد الاجتماع بسبب عدم جدواه نظرا لقوة الخلافات في القضايا الفنية.
ولفت إلى احتمالية عقد الاجتماع لكن
دون التوصل لاتفاق، وفي هذه الحالة أو في حالة عدم عقد الاجتماع، سيكون الاتحاد الأفريقي
قد فشل في حل الأزمة وهنا سيكون أمام مصر التحرك أمام مجلس الأمن، مضيفا إن رئيس الاتحاد
الأفريقي أكد أمام مجلس الأمن أن الاتحاد قادر على حل المشاكل الأفريقية ولذلك رأى
مجلس الأمن منح الاتحاد فرصة خاصة بعد القمة المصغرة التي عقدت بين رؤساء الدول الثلاث
والتي خرجت باتفاق تشكيل اللجان الفنية.
وأكد أن مجلس الأمن الآن يترقب مدى
نجاح الاتحاد الأفريقي، وإذا لم ينجح فسيحال الملف مرة أخرى لمجلس الأمن لاتخاذ القرار
المناسب مثل اللجوء لوسيط أو إرسال مندوبين طالما إثيوبيا لم تعلن رسميا البدء في ملء
وتخزين سد النهضة، موضحا أن اجتماع رؤساء الدول الثلاث مع الاتحاد الأفريقي سيكون خلال
أيام، ونفي إثيوبيا بدء التخزين يعطي رسالة بأنها ستكمل المفاوضات.
التوجه
لمجلس الأمن
فيما
قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، إن مصر تعاملت مع تصريحات وزير
الري الإثيوبي أمس بشأن بدء ملء سد النهضة بالتزام وهدوء وطالبت وزارة الخارجية بإيضاح
رسمي حتى نفت إثيوبيا وتراجعت عن هذه التصريحات، مؤكدا أن هذا التراجع يقلل من مصداقية
إثيوبيا ويزيد من الرصيد المصري بأن القاهرة
تعاملت مع الموقف بهدوء.
وأوضح
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الجولة الأخيرة من المفاوضات برعاية الاتحاد
الأفريقي برئاسة جنوب أفريقيا فشلت، وقد لا يؤدي استمرار جولات جديدة من المفاوضات
إلى نتيجة مختلفة، إلا أن هناك قمة أفريقية مصغرة بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان
وسننتظر ما تسفر عنه.
وأكد
أن الأفضل لمصر الآن التوجه لمجلس الأمن للمطالبة باضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته
وإصدار قرارات في هذا الملف، مضيفا إن إثيوبيا تريد إعادة تقسيم حصص المياه وتخصيص
حصة لها وإدخال دول المنبع في اتفاقيات جديدة.
وأشار
إلى أن مجلس الأمن قد يحيل الأزمة للتحكيم الدولي بشرط عدم بدء ملء السد بشكل أحادي
من قبل إثيوبيا كأفضل الحلول التي قد يتم اتخاذها في هذا الشأن.