الأربعاء 15 مايو 2024

في ذكرى ميلاد محمد رشدي.. لماذا توسل إلى عسكري الحدود لكي يقتله ؟!

20-7-2020 | 19:48

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان محمد رشدي، الذي استطاع بجمال صوته أن يصبح لونا مميزا في الغناء الشعبي المصري، رغم وجود عمالقة من نفس المجال منهم الفنان محمد عبد المطلب، ووبراعته احتل رشدي مساحة كبيرة في الأغنية الشعبية وحصل على قاعدة جماهيرية كبيرة جعلت الغيرة تدب في قلب أحد الفنانين الذين حققوا شهرة في الغناء العاطفي والوطني كي يبحث عن كلمات وألحان يغزو بها مجال محمد رشدي.

وفي ذكرى ميلاده نطرح الأسرار من خلال مذكراته التي نشرت بمجلة الكواكب بداية من شهر مايو 1968عن حياته ومسيرته الفنية.

 

أول من غنى يوم 23 يوليو

كان رشدي قد التحق بالإذاعة المصرية واعتمد بها مع عبد الحليم حافظ وآخرين، وسجل أغنيته المشهورة "قولوا لمأذون البلد"، ولاقت الأغنية نجاحا كبيرا في أرجاء مصر، وفي صباح يوم 23 يوليو 1952 ذهب رشدي والفرقة الموسيقية لتسجيل لحن جديد له بعنوان "ع الجبين مكتوب"، فوجد على باب الإذاعة ضابط جاد الملامح منعه وفرقته من الدخول، وكان رشدي في ذلك الوقت يقدم للإذاعة أغنية كل 15 يوما، ويتقاضى وفرقته مع أجر الملحن 17 جنيها من الإذاعة، كان يعيش نصف الشهر على أجره من الغناء، وفي تلك اللحظة وصل على خليل مدير الإذاعة الذي لم يستطع فعل شئ لرشدي وقال له : مفيش أغاني .. كله اتلغى .. فيه ثورة .. وألح رشدي على المدير الذي كرر نفس كلماته : انت عارف يعني ايه ثورة؟ دار هذا الحوار المحطم لآمال رشدي بجوار الضابط الشاب جاد الملامح الذي اقترب من رشدي وقال له : انت محمد رشدي بتاع " ويهني القلب اللي انسعد"؟ فقال رشدي : نعم ، فقال الضابط على الفور: أدخل غني الأغنية دي .. النهارده عيد .. وصعد رشدي ليغني "قولوا لمأذون البلد" ليكتب لها مزيدا من النجاح والشهرة.

 

الشجاعي يستبعده من الإذاعة

تقلد محمد حسن الشجاعي مقاليد الموسيقى والغناء مع بداية الثورة، ليعيد التخطيط بحثا عن شكل جديد للأغنية الإذاعية، وسمع أشرطة كل المطربين وانتهى به الأمر إلى إصدار قرار باستبعاد 45 مطربا منهم محمد رشدي، حيث رأى الشجاعي عدم صلاحيتهم، وأظلمت الدنيا في وجه رشدي الذي كان يعيش على الجنيهات نصف الشهرية من الإذاعة، ولم يجد غير متعهد الحفلات أحمد الجمل الذي عرض عليه الغناء في الحفلات والتي كانت تنطلق من شارع محمد على، وتعرف رشدي على محمد عبد المطلب وشفيق جلال على مقهى التجارة بأول شارع محمد علي، وظل عدة سنوات يجوب القرى والنجوع في مصر يغني في أفراحها وحفلاتها.

 

آمال فهمي تعيده للإذاعة

 وكانت الإذاعية آمال فهمي قد أعدت برنامجا أسبوعيا بعنوان "عقبال عندكم" تقدم فيه التهاني لجموع الشعب من خلال أغاني الأفراح، وطلبت من الشجاعي إعادة تسجيل "قولوا لمأذون البلد"، فقال لها: بتاعة مين الأغنية دي؟ فقالت: بتاعة محمد رشدي.. فقال لها : مين محمد رشدي؟ فردت عليه: المطرب اللي غنى "قولوا لمأذون البلد"! واستدعت الإذاعة رشدي الذي وقف مرتعشا أمام الشجاعي الذي قال له: انت محمد رشدي؟ فرد الآخر: أيوه يا افندم .. وسأله الشجاعي: وكنت فين؟ فأجاب رشدي: أنا واحد من الـ 45 اللي تم استبعادهم لعدم صلاحيتهم للغناء ، فقال الشجاعي طيب تسجل الأغنية في خمس دقائق، فرد رشدي فرحا: حاضر، وحاغنيها ببلاش كمان .. فقال الشجاعي: انت حاتبقشش على الإذاعة؟ انت حاتاخد 15 جنيها .. والملحن مين؟ فأجاب رشدي: تلحيني.. وهنا اندهش الشجاعي وكأنما أصيب بصدمة فطلب على الفور دوسيه رشدي الموجود بمراقبة الأغاني، وبعد النظر فيه أوما برأسه إيماءة لها الكثير من المعاني.

 

غنى للعروس وتزوج أختها

حرص الشجاعي على حضور تسجيل أغنية رشدي المطلوبة لبرنامج آمال فهمي، وبعد الإنتهاء اقترب الشجاعي من رشدي واحتضنه في حنان أبوي وقال : صوتك كبير، لكن مخك صغير، خد بالك من مخارج الحروف، شغل مخك ده بقى .. اتحرك .. ثم صمت الشجاعي واستطرد: فوت عليّ بكره .. كانت كلمات الشجاعي كزلزال هز رشدي لينتبه ويتحرك ويبحث عن الجديد من الكلمات والألحان، وكانت كالنصيحة التي جعلته يولد من جديد، وفي اليوم التالي أعطاه الشجاعي ثلاث أغنيات هي "يا ام طرحة معطرة وم العين دي حبة وهو القمر قمرين" وقام الموسيقار الموجي بتلحينها وكان كريما مع رشدي فلم يتقاض منه غير 25 جنيها في الأغنيات الثلاث، ورفع الشجاعي أجر رشدي إلى 150 جنيها في النصف ساعة التي غنى فيها ، ومع استقراره المادي قرر رشدي الزواج وكان للصدفة دورها، فقد دعي للغناء في أحد الأفراح وأثناء الغناء شاهد أخت العروس فقرر الزواج منها، وكانت مواصفاتها تنطبق على رغبته، فقد كان ينشد زوجة تكون سيدة للبيت ترعى أولاده وتعوضه حنان أمه التي فقدها وهو طفل، وبعد خمسة أشهر وبالتحديد في مايو 1959 أصيب رشدي إصابات بالغة في حادث تصادم سيارة الفنانين التي أحيت حفلا بمدينة فايد وكان منهم، وتفقد رشدي نفسه ليجد إصابة بالغة في الوجه والعين مع كسر ساقه تماما، ورأى حوله جثث بعض الزملاء مع باقي الجرحى وخلال انتظاره طوال ساعتين لحضور الإسعاف فكر في شكله وكيف سيبدو ويمارس حياته، فزحف إلى جندي حرس الحدود وتوسل إليه أن يطلق النار عليه كي يخلصه من الألم والعذاب.

 

بقي أن نؤكد أن رشدي نقل إلى مستشفى الدمرداش وخضع لجراحة ناجحة في الوجه، وأخرى لترميم عظام الساق، التي أجمع الأطباء على بترها ، لكن الله سخر له أحد الأطباء الذي أقنع زملائه بمستقبل هذا الشاب وعمله في الفن، وأجلوا تنفيذ القرار ثلاثة أيام ، وبعدها حدثت المعجزة، فقد التئمت العظام وبدأ مرحلة الشفاء ليكمل مسيرته الفنية.

 

    Dr.Radwa
    Egypt Air