الأربعاء 27 نوفمبر 2024

فن

الملك رمسيس الثانى.. حافظ الإرث

  • 11-10-2020 | 22:01

طباعة

هو من أشهر ملوك الأسرة التاسعة عشر, بدأ "رمسيس الثانى" عصراً جديداً سُمى "عصر الإمبراطورية الثانية"، وعمل على إحياء النفوذ المصرى فى بلاد الشام الذى كان قد ضعف بعد ثورة "أخناتون" الدينية, وتعتبر حروبه آخر المجهودات الحربية التى بذلها ملوك الدولة الحديثة.


ورمسيس الثاني هو ثالث ملوك الأسرة التاسعة عشر. حكم مصر لمدة 66 سنة من 1279 ق.م. حتى 1212 ق.م. (أو 1290 ق.م. - 1224 ق.م.). صعد إلى سدة الحكم وهو في أوائل العشرين من العمر. ظُن من قبل أنه عاش حتى أصبح عمره 99 عاماً، إلا أنه على الأغلب توفي في أوائل التسعين من العمر. الكتاب الإغريق القدامى (مثل هيرودوت) نسبوا إنجازاته إلى الملك شبه الأسطوري سيزوستريس.


وهو ابن الملك سيتي الأول والملكة تويا. أشهر زوجاته كانت نفرتاري. من ضمن زوجاته الأخريات إيزيس نوفرت و ماعت حور نفرو رع ، والأميرة حاتّي. بلغ عدد أبنائه نحو 90 ابن وابنة. أولاده كان منهم: بنتاناث و مريت أمن (أميرات وزوجات والدهن)، ستناخت و الفرعون مرنپتاح (الذي خلفه) والأمير خائموست.


ومثل معظم الملوك المصريين القدماء فقد كان لرمسيس عدة أسماء. أهم اثنين منهم: اسمه الملكي واسمه الأصلي يظهران بالهيروغليفية أعلى إلى اليسار. وتلك الأسماء تُكتب بالعربية كالتالي:رع وسر معت رع ستپ ن ، رع مس سو مري إمن ، ومعناهما: "قوي رع وماعت ، مصطفى رع ، روح رع ، محبوب أمون". في النسخة الحيثية من معاهدة السلام الذكورة آنفاً مع حاتّوسيليس الثالث، بأن اسم الفرعون يظهر كالتالي: وَشْمُوَارع شَتِپْنَرع رعمَشِشَ مَيْأمَنَ .


وعلى الرغم من تضحية «رمسيس الثاني» بجزء كبير من مجهوداته، وثروة بلاده في إتمام المعابد التي لم يكن قد أنجزها والده، فإنه مع ذلك لم يهمل المحافظة على الإرث الذي خلفه له والده — وإن كان ضئيلًا — في سوريا بعد حروب طاحنة لاستعادة مجد مصر الإمبراطوري في تلك الجهات، والواقع أنه كان إرثًا محفوفًا بالمخاطر؛ لأن «سيتي» لم يكن في مقدوره إجلاء الموقف بينه وبين مملكة «خيتا» على حسب مطامحه العظيمة. حقًّا لم يظهر ما يكدر صفو السلم في الإمبراطورية المصرية التي لم تكن وقتئذ عظيمة كما كانت في عهد «تحتمس الثالث» عند تولية «رمسيس» الملك منفردًا. هذا، وتدل الأحوال كلها على أن «مواتالو» ملك «خيتا» قد استمر على مراعاة شروط معاهدة الصلح التي كانت على ما يقال قد عُقدت بينه وبين «سيتي» عندما سمع بانفراد «رمسيس» بحكم مصر.


معركة قادش:


قام ملك الحيثيين بعقد محالفات مع أمراء المدن السورية ضد مصر، فأعد "رمسيس الثانى" جيشاً بلغ 20,000 مقاتل، وسار الجيش مخترقاً شبه جزيرة سيناء وفلسطين، والتقى بالحيثيين وانقض عليهم وهزمهم شر هزيمة، اضطر ملك الحيثيين بسبب هزيمته إلى طلب الصلح ووافق "رمسيس الثانى".


أقدم معاهدة دولية فى التاريخ:


عاود ملك الحيثيين بعد معركة قادش إثارة الاضطرابات مرة أخرى ضد مصر فى بلاد الشام، فحاربه "رمسيس الثانى" واستمرت الحرب مدة خمسة عشر عاماً إلى أن طلب ملك الحيثيين الصلح. عقدت بين "رمسيس الثانى" وملك الحيثيين معاهدة تحالف وصداقة تعهد فيها كل منهما للآخر بعدم الاعتداء، وإعادة العلاقات الودية، ومساعدة كل منهما للآخر فى حالة تعرضه لهجوم دولة أخرى, وتعد هذه المعاهدة أقدم معاهدة دولية مكتوبة فى التاريخ.


حروب رمسيس الثاني مع التمحو


جاء على لوحة «أسوان» المؤرخة بالسنة الثانية من عهد «رمسيس الثاني» أن «التمحو» قد هُزموا خوفًا منه. وهذه العبارة لا تدل على شيء معين، فضلًا عن أن لدينا ثلاثة مناظر تصور لنا انتصاره على هؤلاء القوم، اثنان منها في معبد «بيت الوالي»، والأخير في معبد «بو سمبل»، ولكن النقوش المفسرة لها لا تحدثنا بشيء خاص اللهم إلا الجمل العادية، مثل: إخضاع أراضي «التمحو» الخارجة. والواقع أن النقوش التي تركها لنا «رمسيس الثاني» مفسرة لمناظر حروبه مع بلاد «التمحو» وانتصاره عليهم؛ فيها شك كبير، ومن المدهش أنه لم يوجد بين صور المواقع العدة التي خاض غمارها «رمسيس الثاني» واقعة معينة حدثت بينه وبين اللوبيين؛ ولذلك يتساءل الإنسان إذا كانت هذه النقوش تدل على حروب وانتصارات حقيقية، أو أنها صور انتصارات وهمية من التي يصورها الفراعنة إشادة بقوتهم، وتغلبهم على الأقوام والممالك المجاورة، وبخاصة إذا علمنا أن منظر انتصار «رمسيس» على اللوبيين في معبد «بو سمبل» هو صورة طبق الأصل من المنظر الذي تركه لنا والده «سيتي الأول» على «معبد الكرنك»، وقد استنبط «برستد» من متن لوحة عُثر عليها في «تانيس» أنه قد عُقدت معاهدة بين «اللوبيين»، و«شردانا» بعد موقعة حربية، ويعزز ذلك بما جاء في أنشودة «رمسيس الثاني» في ورقة أنسطاسي الثانية، غير أن المتن مهشم، ولا يساعد على استنباط هذا الرأي، وإذا كانت قد وقعت حروب بين «رمسيس الثاني» واللوبيين، فلا بد أن تكون قد حدثت بعد السنة الخامسة، وعلى ذلك يمكن الإنسان أن يقبل — على حسب ما جاء في لوحة أسوان المؤرخة بالسنة الثانية — وقوع حرب بين «رمسيس»، وبلاد النوبة، وأن الحرب التي قامت بين «رمسيس» و«خيتا» في السنة الخامسة هي حملته الثانية المظفرة، وعلى ذلك لا يمكن أن تكون الحرب مع «لوبيا» قد حدثت في السنة الأولى كما يقول «بتري».


وعلى أية حال، فإن الحروب التي رسمت على معبد «بيت الوالي» يعزوها «سيلي» كما ذكرنا قبلًا إلى عهد اشتراك «رمسيس الثاني» مع والده في الحكم.


ومن أعمال رمسيس الثانى المعمارية: 


نحت معبدين فى الصخر عند "أبى سمبل" ببلاد النوبة، أحدهما له والآخر لزوجته "نفرتارى"، وقد تم إنقاذهما من مياه السد العالى بمساعدة هيئة اليونسكو. كما أتم الملك "رمسيس الثانى" بهو الأعمدة العظيم بمعبد "الكرنك"، وأقام الكثير من المسلات، منها مسلة مازالت قائمة إلى اليوم فى معبد الأقصر، ومسلة أخرى نقلت إلى فرنسا ونصبت فى أحد ميادين مدينة باريس عاصمة فرنسا(ميدان الكونكورد).


يتألف معبد ابى سمبل من ردهة أمامية قُطعت في الصخر أمام المعبد الأصلي، وكانت محاطة في الأصل بسور من اللبن، ويتصل بهذه الردهة طوار يصل إليه الإنسان بسلم، وعلى اليمين واليسار منه كوتان ربما كانتا تحتويان على أحواض للطهور لزائري المعبد، وعلى جدرانه نقوش ﻟ «رمسيس الثاني»، وهو يقدم القربان، ويحرق البخور للآلهة «آمون»، و«رع»، و«حور اختي»، و«بتاح»، وعلى جدران هذا الطوار صفوف من الأسرى تنتهي بشرفة نقش عليها متن الإهداء الذي نقشه «رمسيس»، وخلف هذه الشرفة أربعة تماثيل هائلة الحجم للفرعون مقطوعة في الصخر، كل منها يربى على خمس وستين قدمًا في الارتفاع؛ أي أعظم حجمًا من تمثالي «ممنون» اللذين أقامهما «أمنحتب الثالث» أمام معبده الجنازي بطيبة الغربية.


اما واجهة المعبد التي تمثل هنا البوابة في المعبد المبني بناء عاديًّا فموَّجة بكرنيش على هيئة جريد النخل، ويعلوها صف من القردة يتعبدون للشمس المشرقة، وهنا نجد نقش الإهداء ﻟ «آمون رع»، و«حور اختي»، وبعد المرور من هذه البوابة تدخل المعبد المقطوع في الصخر، ويبلغ عمقه حوالي ثمانين ومائة قدم من الأسكفة حتى آخر حجرة داخلية؛ أي حتى قدي الأقداي، والحجرة الأولى من هذا المعبد، وهي قاعة العمد العظيمة، تقابل في المعبد العادي الردهة المفتوحة ذات العمد المسقوفة، ويبلغ عرضها أربعًا وخمسين قدمًا، وعمقها ثمانٍ وخمسون قدمًا، ويرتكز سقفها على ثمانية أعمدة مربعة الشكل، يستند على كل منها صورة الملك في هيئة «أوزير»، وسقف الطريق الوسطى في هذه الحجرة محلَّى بعقبان طائرة، أما الطريقان فيحلى سقفيهما نجوم.


اما الجدار الشمالي فقد مثل عليه منظر من مناظر حملة الملك على «الخيتا»، وهي التي مثلت على معابد «الرمسيوم»، و«الأقصر»، و«العرابة.»


وففي النصف الأسفل من الجدار نشاهد أولًا سير الجيش المصري الذي يحتوي على مشاة وخيالة، والمعسكر المصري ودروع الجنود مصفوفة حوله كأنها أقيمت حاجزًا، وجلبة الجيش ممثلة هنا بصورة حية، ونشاهد الخيل غير المسرجة يوضع أمامها علفها، كما نشاهد الجنود يأخذون نصيبهم من الراحة، وكذلك أتباع الجيش الذين يحملون الأمتعة، وعلى اليمين نشاهد السرادق الملكي، والصورة الثالثة على هذا الجدار يظهر فيها الفرعون على عرشه عاقدًا مجلسًا حربيًّا استشاريًّا مع ضباطه، وأسفل هذا نرى جاسوسين تُنتزع منهما الاعترافات بالضرب، وفي المنظر الأخير على اليمين ترى عربات المصريين و«الخيتا» مشتبكة فعلًا في معركة، أما المنظر الذي على النصف الأعلى من الجدار فنشاهد فيه الواقعة على أشدها، فيُرى الفرعون على اليسار وهو ينقضُّ بعربته على العدو الذي أحاط بعرباته، وفي الوسط نشاهد قلعة «قادش» محاطة بنهر «الأرنت»، والمدافعون عنها يرقبون سير القتال من الشرفات، وفي أقصى اليمين نشاهد الملك في عربته يفحص ضباطه الذين يعدُّون أيدي العدو المقطوعة، كما يحضرون أسرى مكبلين بالأغلال، وعلى الجدار الخلفي على يمين الباب الأوسط نرى «رمسيس الثاني» يقود صفين من أسرى «خيتا» أمام الإله «حور اختي»، وأمام تمثاله المؤلَّه (تمثال «رمسيس الثاني»)، والإلهة «ورت حكو» برأس أسد، وعلى اليسار يقدم صفين من العبيد للإله «آمون»، ولصورة «رمسيس» المؤلَّه، وللإلهة «موت».

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة