الجمعة 7 يونيو 2024

الاجتماع السنوي لمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية "رؤى وتطلعات"

فن20-10-2020 | 10:43

منذ أن تم الافتتاح الرسمي لمكتبة الإسكندرية في أكتوبر عام 2002م، في احتفالية كبرى حضرها عدد من رؤساء الدول والملوك والأمراء لإحياء أكبر صرح ثقافي عالمي على أرض مصرية، ليكون بمثابة مجمع متكامل للفنون والعلوم والثقافة والآداب والتكنولوجيا الحديثة.

يضم مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية في عضويته عددا من الشخصيات الدولية من رؤساء دول سابقين وكذلك شخصيات مؤثرة في مجالات عدة ثقافيًا وعلميًا وفكريًا؛ وتطلب ذلك عقد اجتماع سنوي لتقييم أداء مكتبة الإسكندرية في ضوء الأهداف التي حُددت لها على أن تكون نافذة مصر على العالم ونافذة العالم على مصر، ومكانًا للحوار بين الحضارات والشعوب، فضلاً عن وضع خطة مستقبلية بشكل سنوي لكى تلعب المكتبة دورًا محوريًا على عدة أصعدة محليًا وإقليمًيا وعالميًا في عدد من الملفات أبرزها العلوم والفنون والثقافة ونشر المعرفة وفتح باب الحوار مع الآخر، وكذلك القيام بعدد من المشروعات الرقمية الحديثة.

لقد أصبح شهر أبريل من كل عام الموعد السنوي لاجتماع مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية للتشاور فيما بينهم بخصوص تحقيق أهداف المكتبة وطرح أفكار مستقبلية لعام جديد. ومنذ أيام قليلة استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس جمهورية مصر العربية - أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية بحضور نخبة من الشخصيات الدولية البارزة وعدد من رؤساء الدول السابقين وكبار العلماء والمثقفين والمفكرين المصريين والأجانب، كما حضر اللقاء بصفتهم الرسمية المهندس عبد العزيز قنصوه محافظ الإسكندرية، والدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، ورحب سيادة الرئيس بأعضاء المجلس مُثَمِّنٌا سيادته دور المكتبة والمجهودات التي تبذلها لنشر العلم والثقافة والمعرفة محليًا وإقليميًا ودوليًا، وهى الجهود التي تتكامل مع تلك التي تقوم بها الدولة والتي تجسدت في تشييد مدينتي الثقافة والفنون في العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، وكذلك مشروع المتحف المصري الكبير والعديد من المشروعات الكبرى الأخرى في مجال المعرفة والثقافة والتعليم، مشيرًا سيادته إلى محورية وأهمية دور مكتبة الإسكندرية في المساهمة في تعزيز المحتوى العلمي والثقافي وتعظيم دورها في المجتمع المصري.

كما استعرض سيادته الجهود المصرية لتعزيز وترسيخ قيم التسامح والسلام وقبول الآخر ونبذ ثقافة العنف والتعصب والكراهية، فضلا عن جهودها في مجال تطوير البحث العلمي وإنشاء العديد من الجامعات من خلال التوءمة مع كبرى الجامعات الدولية، بهدف ثقل المواهب والنابغين من الشباب في جميع التخصصات، ليمثلوا كوادر مؤهلة تدعم العمل التنفيذي في عدة مجالات بالدولة.

وحرص الرئيس على الاستماع إلى رؤى وأفكار أعضاء مجلس الأمناء حول سبل دفع وتعزيز دور المكتبة، مشيرًا في هذا الإطار إلى أهمية الأخذ في الاعتبار تنامى انتشار التكنولوجيا المتطورة في العصر الحالي والتي أصبحت تمثل تحديًا  كبيرًا أمام مختلف الدول التي تسعى للحاق بركب التقدم والتنمية.

على الجانب الآخر،أعرب أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية عن تثمينهم للجهود التي تقوم بها الدولة المصرية في مجال الثقافة والمعرفة وكذلك تعزيز جهود التسامح وقبول الآخر ومكافحة الفكر المتطرف.

 على صعيد آخر تم التطرق إلى أهمية تكثيف التعاون مع أفريقيا في مجال الثقافة والعلوم أخذاً في الاعتبار برئاسة مصر الحالية للاتحاد الإفريقي.

ووجه الدكتور مصطفى الفقي- مدير مكتبة الإسكندرية - الشكر لرئيس الجمهورية على الدعم الذى يقدمه للمكتبة، وكذا اللقاءات السنوية مع سيادته، إيماناً منه بأهمية دور مكتبة الإسكندرية في ترسيخ قيمة المعرفة وباعتبارها نموذجًا عالميًا ومنارة للعلم والثقافة، مستعرضًا إنجازات المكتبة خلال عام 2018-2019، واستمراراها في أداء رسالتها الثقافية والمعرفية.

وأشار الدكتور مصطفى الفقي أن مكتبة الإسكندرية تبنت عددًا من المشروعات والبرامج للتعريف بأهمية التنوع الديني في المجتمع المصري، وضرب مثالاً ببرنامج " المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب" وكذلك زيارة طلاب المعاهد الأزهرية للتعرف على خدمات وأنشطة المكتبة، وأيضًا إحياء مشروع كتب التراث ومشروع بوابة اللغة العربية وغيرها من المشروعات الثقافية والتنويرية.

كما قدم الدكتور الفقي إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي باكورة إصدارات مشروع الترجمة المتخصصة الذى تبنته المكتبة، وتشمل الإصدارات "موسوعة الفرعون الروماني"، وهى موسوعة من ثلاثة أجزاء من تأليف عالم الآثار الألماني جونتر هوليل، وترجمة الدكتور عبد الجواد مجاهد، وتعد هذه الموسوعة باكورة مشروع الترجمة المتخصصة الذي يهدف إلى اختيار إصدارات حديثة تسد ثغرات في عدد من مجالات المعرفة، وسيعقبها نشر كتاب "تجارة البن في حوض البحر المتوسط"، الذى صدر باللغة الفرنسية ثم كتاب "عمارة القاهرة والإسكندرية في النصف الأول من القرن العشرين".

على جانب آخر، أطلقت مكتبة الإسكندرية في اجتماع مجلس أمنائها "سلسلة جسور" وهى سلسلة تهدف إلى ترجمة كتب من مختلف اللغات إلى العربية، بدأت بكتاب عن العلاقات الدولية، كما تبدأ هذه السلسلة بسلسلة كتب نشرتها جامعة برنستون وتدور حول المفاهيم الجديدة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ويجرى الآن الإعداد لترجمات في العلوم الإنسانية من الإيطالية والفرنسية والألمانية والإنجليزية؛ كما دشنت مكتبة الإسكندرية سلسلة جديدة تصدر عن مركز الدراسات القبطية تحت عنوان "دراسات قبطية" والتي تهدف إلى تعزيز هذا المجال المعرفي المهم، وتقدم دراسات جادة تاريخية وتراثية، حيث أصدرت أول الكتب المنشورة في هذه السلسلة  كتاب "خطابات قبطية مبكرة".

وعقب انتهاء اللقاء السنوي لمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية مع سيادة رئيس الجمهورية، استمر الاجتماع يومين متتالين بالمكتبة برئاسة الدكتور فاروق العقدة - رئيس اللجنة التنفيذية المنبثقة عن مجلس الأمناء -  وبدأ الاجتماع الذى عُقد بالمكتبة بدقيقة حدادًا على روح الدكتور أحمد كمال أبو المجد الذى خدم لسنوات طوال عضواً بمجلس أمناء المكتبة ورئيساً للجنة التنفيذية.

وأكد الدكتور مصطفى الفقي خلال كلمته لأعضاء مجلس الأمناء أنه وضع نصب عينيه منذ توليه منصب مدير مكتبة الإسكندرية أن يواصل العمل الذى بدأته المكتبة منذ افتتاحها لترسيخ مفهوم الحوار والانفتاح على الآخر على أن تصبح المكتبة نافذة مصر على العالم ونافذة العالم على مصر.

وأكد أنه يجرى إصلاحاً مالياً وادارياً يعظم الإفادة من الكفاءات الشابة، ويصلح هيكل الأجور الخاص بأصحاب الأجور المحدودة، ويتبنى عددا من المبادرات الجديدة.

وأشار الدكتور الفقي خلال الاجتماع إلى أن المكتبة تولى أهمية بالغة على نشر ثقافة التسامح ومواجهة التطرف والاهتمام بالعلم، وتوثيق ذاكرة مصر والوطن العربي، كما أشار إلى أن مكتبة الإسكندرية تمكنت من الحصول على مكتبات القيادات الفكرية والسياسية مثل محمد حسنين هيكل والدكتور بطرس غالى، والدكتور رفعت السعيد، والدكتور أحمد زويل، وغيرهم.

وأوضح الفقي أن المكتبة تسلمت قصر الأميرة خديجة في حلوان، وبدأت عقد عدد من الفعاليات فيه والتي من أبرزها "دورة الثقافة العربية والإسلامية" .

وفي نهاية اللقاء السنوي لمجلس الأمناء اقترح الدكتور مصطفى الفقي دعوة السيدة جاسيندا أرديرن-رئيسة وزراء نيوزيلندا - إلى عضوية مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية والذى أكد فيه أن رئيسة الوزراء النيوزيلندية حظيت بإشادة عالمية واسعة النطاق نتيجة مواقفها الإنسانية العميقة تجاه مواطنيها في أعقاب الحادث الإرهابي الآثم الذى وقع في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش، فقد أظهرت سلوكًا إنسانيًا وسياسيًا رفيعًا يحتذى به، وجسدت قيم التسامح وقبول الآخر ونبذ العنف وهى نفس ذات القيم التي تقوم عليها مؤسسة ثقافية عالمية مثل مكتبة الإسكندرية، وحظى اقتراح الدكتور مصطفى الفقي بترحيب شديد من أعضاء مجلس الأمناء والذي حضره بالمكتبة لفيف من الشخصيات الدولية البارزة، من بينهم رؤساء سابقون لعدد من الدول من الإكوادور، رومانيا، ألبانيا، فضلاً عن شخصيات مرموقة في عدة مجالات علمية مثل الدكتور مجدى يعقوب، وفاروق الباز وشخصيات عامة مثل الدكتورة نادية مكرم عبيد، ومنير فخرى عبد النور، والدكتور هشام الشريف، وأكمل إحسان أوغلو وآخرون، والذين أوصوا في نهاية اللقاء بضرورة اتخاذ الإجراءات المعمول بها بشأن ضم رئيسة وزراء نيوزيلندا لعضوية مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية.