الإثنين 17 يونيو 2024

الإسكندرية مهد السينما المصرية

فن21-10-2020 | 15:41

العروض الأولى -  من الفوتوغرافيا والصورة الثابتة إلى فن السينما والصورة المتحركة

كانت محلات الفواتوغرافيا منتشرة بالمدينة،وكان المسيطر عليها الأجانب المقيمون ،أو من أصول أجنبية، واختص بها على وجه التحديد الإيطاليون المقيمون ،أو من هم من أصول إيطالية ،ومن هنا كانت البداية .

كان العرض الأول لفن السينما ، والذى أقامه الأخوان "أوجست ولوى لوميير" فى 28 ديسمبر 1895 بالصالون الهندى ،بالجراند كافيه ، بشارع كابوسين فى باريس ، والذى أحدث دويا رائعا ،واستقبالا مدهشا للمشاهد، وهو يشاهد الصورة الثابتة وهى تتحرك ، والغريب أنه وقبل مرور عام واحد على أول عرض سينمائي ،أقدم بعض الأجانب المقيمين لاستجلاب هذا الفن الجديد الساحر.

وأقيم أول عرض سينمائي فى تاريخ مصر والذى كان على أرض الإسكندرية الساحرة وتحديدا فى يوم 5 نوفمبر من عام 1896 ببورصة طوسون وهو مبنى مركز الحرية للإبداع الآن وفى السابق كان قصر الحرية ومديرية الثقافة الجماهيرية بالإسكندرية ومن قبل كان أيضا كلوب محمد على والكائن فى  1طريق الحرية.

أول دور عرض سينمائية :

تعددت دور العرض بالمدينة بداية من سينما توغراف ليميير 1897 ش محطة مصر ومنها أيضا كان سينما فون عزيزودوريس ، مكان سينما ستراند الآن بمحطة الرمل وسيما توغراف  باتييه –شانتكلير – إمباير – أمريكان كوزمو غراف - تياترومودرن –حديقة رشيد – سان إستيفانو- سينما لوكس – سينما ماتوسيان –سينما إيطاليا وغيرها.

وهناك عروض سينمائية تقدم ما بين الفصول المسرحية والمدهش أن أقيمت دور عرض حكومية مثال مستشفى الميترانتيه – المستشفى اليونانى – جامعة فاروق الأول، وهناك هيئات أهلية مثال كنيسة سانت كاترين – كنيسة الجيزويت – كنيسة القلب المقدس – كلية فيكتوريا ...وغيرها.

_ بعثة لوميير الأولى 10 مارس 1897:

استقلبت الإسكندرية أول بعثة للأخوين لوميير برئاسة مسيو بروميو بعد عامين فقط من عروضهما الأولى بالمدينة وكان الهدف من البعثة الترويج للاختراع العجيب والذى أحدث دويا فى كل أنحاء العالم  وقامت البعثة بتصوير شرائط بالمدينة، ومنها :ميدان القناصل – محطة ترام شدس – وصول القطار لمحطة ترام سان إستيفانو ..وغيرها.

ثم جاءت بعثة لوميير الثانية إلى الإسكندرية فى نوفمبر 1906،والتى نظن أنها أسفرت عن تصوير أول شريط سينمائي فى مصر فى عام 1907.

عزيز ودوريس وأول شريط سينمائي فى مصر :

كان استوديو الشريكان عزيز بندرلى وإمبرتو مالا فاسي دوريس مميزا في الإسكندرية حيث كانا يصوران كل احتفالات ومناسبات العائلة الملكية وقد عثرنا أنا والزميل الناقد الراحل الأستاذ إبراهيم الدسوقى على بعض صور مناسبات واحتفالات حضرها الخديو فى كنيسة سانت كاترين بالمنشية الصغرى وأيضا فى مدرسة سان مارك وكانت مذيلة ببصمة عزيز ودوريس بل قيل إن قصر رأس التين كان به مقر لهما للتصوير والطبع والتحميض. ثم افتتحا دار عرض سينما فون "عزيز ودوريس " فى 5 نوفمبر 1906 أيضا أعلى مقر الأستديو بمحطة الرمل وقد يكون إلمامهما بفن السينما والتصوير نتاج لصلة مباشرة مع البعثة الثانية وهو ما أسفر فيما بعد عن حالة أخرى .

أول شريط سينمائى مصرى 1907:

قام عزيز ودوريس بتقديم أول شريط سينمائى فى مصر وهو "زيارة جناب الباب العالى للمعهد العلمى بساحة مسجد أبو العباس" وقد أشار إلى هذا الناقد والباحث الأستاذ محمود على ثم قام بتأكيد هذا فى بحثه عن تاريخ السينما المصرية شيخ النقاد الباحث الأستاذ أحمد الحضرى، تعددت الشرائط لصالح وكالات الأنباء العالمية وأيضا تصوير كل المناسبات والحفلات الرياضية والمدرسية وعلى الأخص للعائلة الملكية والجاليات الأجنبية المقيمة بالمدينة.

الأستدويوهات بالإسكندرية :

أول أستديو سينما فى مصر 1917 :

اختفى عزيز بندرلى من الصورة تماما واستمر إمبرتودوريس فى النشاط ومعه مساعده الشاب ألفيزى أورفانيللى وفى عام 1917 أقام دوريس مع بعض الإيطاليين المقيمين وبتمويل من أحد البنوك العاملة بالمدينة "بنك دى روما " أول أستديو سينمائى فى الإسكندرية ومصر قاطبة وهو أستديو النزهة ( إستشيا ) بمنطقة النزهة والذى قام بإنتاج أفلام روائية قصيرة منها (الزهور المميتة – نحو الهاوية – شرف البدوى) وقد فشلت الأفلام وأفلست الشركة وأُقفل الأستديو بعد فترة قصيرة.

ثانى أستديو – أستديو ألفيزى 1919:

بعد إفلاس أستديو النزهة اشترى ألفيزى أورفانيللى الذى كان مساعدا لدوريس المعدات نظير أجر له . وأضاف إليه أجهزة إضاءة ومعدات أخرى وأقامه فى فيلا من ثلاثة أدوار فى 18 شارع القائد جوهر/ المنشية الصغرى وقد كان أول أستديو متكامل فى مصر حيث احتوى على بلاتوه – غرف تحميض وطبع – غرف ماكياج وملابس وممثلين، ولم يكتفِ أورفانيللى بصنع أفلام له فقط ولكن بتقديم خدمات للغير من طبع وتحميض وتصوير وأنتج الأستديو أفلامًا روائية قصيرة صامتة قام ببطولتها نجوم تلك الفترة ( فؤاد وإحسان الجزايرلى – على الكسار – أمين عطالله – وغيرهم). حقق نجاحات كبيرة وظل يعمل بمدينة الإسكندرية حتى عام 1939، لينتقل بعدها إلى العاصمة القاهرة.

ثالث أستديو بالإسكندرية – كوندور فيلم 1927 :

الأخوان إبراهيم وبدر لاما وصلا للمدينة قادمين من تشيلي وهما من أصل فلسطيني ولهما خبرات سابقة في العمل السينمائي بأمريكا اللاتينية تمثيلا وإخراجا وصنعا وانخرطا في الوسط السينمائي بالمدينة حتي قاما في عام 1927 بتكوين شركة تحمل اسم (كوندور فيلم)  ليتم إنشاء أستوديو بصحراء فيكتوريا لصناعة الأفلام وأيضا حققا نجاحات كبيرة وتعاملا مع ألفيزى أورفانيللى حتى الانتقال فى عام 1939 إلى العاصمة القاهرة .

رابع أستديو بالإسكندرية – أستديو توجو 1930:

كان توجو مزراحى شاب فى حدود السادسة عشرة من عمره من أسرة يهودية ثرية، تمرد على مهنة الأسرة وقرر الرحيل لتعلم فن السينما فى إيطاليا وألمانيا حتى ألم بدقائق هذا الفن الذى سيطر على تفكيره وطموحه فسعى إلى إنشاء رابع أستديو بمدينة الإسكندرية ،ضاربا عرض الحائط باعتراض الأسرة على مشروعه وهو ما أصر عليه فقام بإنشاء أستديو توجو 1930 فى منطقة باكوس – شارع حجر النواتية وفيما بعد كانت سينما ليلى والذى أسس إضافة إلى الأستديو صناعة وإخراج الأفلام السينمائية المصرية ( الصامتة – الناطقة ) وكانت أفلامه ذات مذاق خاص، بل نذهب إلى أبعد من هذا أن توجو مزراحى هو من أسس لفن الإخراج وصناعة فيلم متكامل – جاذب – متقن الصنع ، وبه كثير من الإبداع السينمائي ولا نستطيع إغفال ما فعله مع الفنان على الكسار تحديدا والتأكيد على نجوميته التى اكتسبها فى المسرح، وأيضا صنع حالة فريدة لمجموعة أفلام تحمل اسم "شالوم" – ليون أنجل – وهو يهودى مقيم ومقره سبورتنج شارع بورسعيد- إضافة إلى ما سبق كانت نجومية فريدة فى تاريخ السينما المصرية والأيقونة "ليلى مراد الذى قدمها فى ستة أفلام تحمل اسمها – ليلى بنت الفقراء – ليلى بنت الريف – ليلى بنت مدارس ...وغيرها ،وحققت نجاحات غير مسبوقة ، وظل توجو مزراحى يعمل أفلاما من خلال أستوديو توجو بالإسكندرية حتى رحل إلى القاهرة فى عام 1939 لينشئ أستديو بالعاصمة.

رائد مصرى للسينما المصرية محمد بيومى 1923:

فى تاريخ السينما المصرية يظل اسم رائد مصرى ليس لصنع الأفلام فحسب ولكن لاعتبارات كثيرة (محمد بيومى ) 1923 هو المصرى الأصل والوطنى الأصيل الذى صنع أفلاما مصرية وهو أيضا فنان شامل فهو " فنان تشكيلى وكان ملازما للأخوين وانلى – رسام كاريكاتير – أديب – زجال – مصور فوتوغرافى – مصور سينمائي – مخرج – سيناريست – مؤسس لجماعة سينمائية- مؤسس أول لمعهد سينما – شارك فى جمعيات أهلية – له نشاط وطنى بارز .، هو بالفعل واحد من عبقريات مصر ، وقد كان ضابطا فى القوات المسلحة المصرية ، لكنه استقال أو أقيل لعدم التحية العسكرية لضابط إنجليزى، وبعدها سافر إلى النمسا وألمانيا لتعلم فن التصوير ليعود إلى الوطن ملما بفنون التصوير ويؤسس بالإسكندرية بشارع سعد زغلول مدرسة أو معهدًا لتعليم فنون التصوير الفوتوغرافى والسينمائى ثم ينتقل إلى شارع صفية زغلول رقم 16، وأيضا يصور مجموعة من الشرائط السينمائية المصرية الهامة وأولها "عودة سعد زغلول 1923" وأفلامًا أخرى وثائقية وروائية قصيرة ومنها " برسوم يبحث عن وظيفة " – الباشكاتب – افتتاح مقبرة توت عنخ آمون ) وقد قام باكتشاف كنز وتراث محمد بيومى الباحث والمخرج السينمائى د.محمد كامل القليوبي وبمساعدة من الباحث إبراهيم الدسوقى والناقد أحمد الحفناوى) وقد ساعد بيومى فى إنشاء أستديو مصر وأشار على رائد الصناعة المصرية طلعت باشا حرب بذلك وهو فنان سينمائي هام للغاية وصدرت عنه مجموعة من الكتب والدراسات لمكتشفه د.محمد القليوبي.

ويتبقى سؤال : لماذا رحلت السينما من الإسكندرية إلى القاهرة عام 1939 ،فهى لثلاثة أسباب؟

الحرب العالمية الثانية  واقترابها من العلمين.

بدايات السينما فى القاهرة .

الأعلام والأضواء فى العاصمة.