الإثنين 13 مايو 2024

معهد الموسيقي العربية.. تاريخ لاينتهى

فن25-10-2020 | 12:49

بدأت فكرة إنشاء معهد الموسيقى العربية عام   1913 ، حيث كان الهدف من إنشائه الارتقاء بالذوق العام ونشر الوعى الفنى والثقافى فى حقبة زمنية من أهم حقبات الدولة, واستمر الدور التنويرى للمعهد طوال سنوات متلاحقة.

ويعود الفضل فى إنشائه إلى مصرى أصيل يسمى"مصطفى بك رضا" حيث عرضت الفكرة على الملك فؤاد الأول ووافق على تخصيص تلك المساحة القابعة وسط الحكايات والذكريات لبناء المعهد وتم افتتاحه عام 1923 ، فتم تقديم أوبريت" لما الليل خلى" على مسرحه كأول عرض يقدم من كلمات "أحمد بك شوقى" وغناء الطالب محمد عبدالوهاب آنذاك.

ويستمر المعهد فى دعم نهضة الموسيقى العربية بإدخال وتطوير أقسام عديدة لعل أهمها " إدارة تنمية المواهب " لتشرف على فصول تنمية المواهب التى تضم أساتذة  ومتخصصين لإجراء الاختبارات مجاناً لذوى المواهب وإلحاقهم بالدراسات الحرة بالمعهد مثل فصول , الباليه , الإيقاع , فصل عبده داغر, الأصوات, العود, وأخيراً فصول لذوى القدرات الخاصة والتى تم استحداثها عام 2016.

  يقدم معهد الموسيقى العربية حالياً أكثر من 120 حفلة شهرياً خاصة "وهابيات" "وكلثوميات" التى تعيد إحياء ذكرى العظيمين الفنان محمد عبدالوهاب والراحلة أم كلثوم .

لم يكتفى المعهد بخبرة وأبحاث دارسيه وأعضائه ولكنه استفاد من خبرات المستشرقين وكبار علماء الموسيقى الغربيين لتطوير وتحديث الآلات الشرقية وإدخال تعديلات فنية جديدة عليها تتوائم مع التطور العالمى للموسيقى.

وعندما صدر قرار وزارى عام 1995 ، بضم معهد الموسيقى العربية للهيئة العامة للمركز الثقافى القومى"دار الأوبرا" خصصت ميزانية بنحو 7 ملايين جنيها لإعادة البريق والازدهار الفنى الذى كان عليه سابقاً.

وبدأت أعمال الترميم التى كان من أهم المصاعب التى قابلتها هى ارتفاع المسرح الذى يبلغ نحو ثلاثة عشر متراً مما شكل صعوبة فى إعادة الترميم ولكنه تم على أكمل وجه نتيجة للجهود المبذولة.

وأدخلت التقنيات الحديثة دون المساس بقيمة المعهد ومضمونه فأدخلت أجهزة التكييف المركزى والكاميرات وشبكة إنذار الحريق وإطفاء للمسرح.

فكانت بداية النهضة للمعهد مع بداية أول مؤتمر للموسيقى لوضع قواعد وأسس علمية للارتقاء بالمعهد وتطوير دوره الموسيقى عام 1932 ، فتم توجيه الدعوة لكبار المشتغلين بالعالم الموسيقي للاشتراك فى المؤتمر الذى كان أهم توصياته ونتائجه:

وضع أسس وقواعد عملية تسجيل الأغانى فى المستقبل.

تحديد المقامات وحصرها وتحليلها وتحديد المسافات الخاصة بالسلم الموسيقي المستعمل فى مصر.

وضع القواعد الأساسية لتعليم الموسيقى العربية ودراستها والآلات المؤدية لذلك من حيث التدريس والمؤلفات والحفاظ على الموسيقى الشرقية من ألوان الموسيقى الغربية.

وجاء بعد ذلك المؤتمر بنتائج أثمرت عن إنشاء محطة إذاعية بدار معهد الموسيقى العربية تحت إشراف هيئة مكونة من مفتش الموسيقى بوزارة المعارف ورجال المعهد ليكون دورها اختيار القطع الغنائية والموسيقية التى تتم إذاعتها واختيار المطربين والمطربات الذين سيقدمون البرنامج اليومى للإذاعة.

ولا يمكن إغفال دور المجلة الموسيقية الخاصة بالمعهد والتى جاءت فكرة إنشائها عام 1935 ، لتكون بمثابة حلقة الوصل بين الجمهور والمعهد وتولى  د. محمود أحمد الحفنى رئاسة تحريرها آنذاك.

ثم جاءت فكرة إنشاء قسم خاص بالفتيات لتعليم الموسيقى بالمعهد لتكون شاهداً على دور وأهمية المرأة فى نشر الوعى الفنى فكان الغرض إعداد فتيات محترفات إعداداً فنياً صحيحاً لتعليم الموسيقى والغناء فى المنازل والمدارس.

ولأن النهضة الحقيقية لكل المجالات لا تقوم إلا على أسس علمية فكانت فكرة إنشاء مدرسة للموسيقى العربية داخل المعهد ويقوم بالتدريس فيها أعضاء المعهد من خلال وزارة المعارف التى تكفلت بإرسال إعانة سنوية للمدرسة قدرها مائتى جنيها ونظير ذلك يكون للوزارة حق التفتيش الفنى والإدارى وأن يتم التعيين فى الوظائف الفنية والإدارية باقتراحات مقدمة من المعهد وتوافق عليها الوزارة وكان من حق الوزارة أن تقطع الإعانة متى شاءت أو تقليلها.

ولكن قامت المدرسة بتطوير طرق التدريس بعد أن كانت جماعية أصبحت تدرس على انفراد فكان كل طالب له وقت معين يتلقى فيه دروس الآلة التى يرغبها وتخرج العديد من التلاميذ بفضل جهود أساتذة ساهموا فى تقديم معنى حقيقي للموسيقى والفن .

وأهم ما يشمله المعهد تخصيص المكتبة الموسيقية التى تحتوى على كتب نادرة ومخطوطات موسيقية عربية مهمة  للفارابى ولكبار علماء الموسيقى ، فهى ثرية بالكتب الموسيقية باللغات العربية والأجنبية ، ومتحف مهم  للآلات الموسيقية حيث كلفت لجنة لفحص جميع الآلات المستخدمة فى البلاد العربية ليحتوى المتحف على العديد من تلك الآلات الشرقية النادرة التى تم تأريخها وتصنيفها وترميمها وإعادة قيمتها الفنية لتناسب العرض فى متحف بتلك القيمة الفنية.

ومن أهم الآلات التى يضمها المتحف أيضاً أوركسترا الآلات الصينية تشمل النحاسيات والآلات الإيقاعية مثل النقرازانات.

بالإضافة إلى آلات أخرى مثل السنطور والفيولا والباندير والبانجو والصاجات والمزمار البلدى والأرغول والناى والإكسلفون والبزق.

ولا يمكن إغفال المتحف المهم الذى يشمله المعهد وهو متحف لمقتنيات  الموسيقار الكبير"محمد عبدالوهاب" حيث يضم مقتنيات خاصة بالفنان الكبير من أوسمة ، والبيانو الخاص به وعوده الشخصى وملحق بمتحف محمد عبد الوهاب غرفة "أوديو فيديو" للاستماع حيث خصصت تلك الغرفة للاستماع لكل ألحان موسيقار الأجيال ومشاهدة أفلامه السبعة التى قدمها للسينما ويمكن للزائر رؤية وسماع التسجيلات المسموعة والمرئية التى سجلت مع الموسيقار الكبير.

فالمكان يضم أهم اللقاءات والتسجيلات التى تمت مع الموسيقار الراحل ليجد المتلقى كل ما يهمه عن النواحى الخاصة بالفنان محمد عبدالوهاب.

لقد تم تجميع مادة متكاملة عن حياته وسيرته ورحلة عطائه الفنية .

ويظل معهد الموسيقي العربية يقدم فناً وتاريخاً لا ينتهى والحديث عنه لاينتهى .

    Dr.Radwa
    Egypt Air