حوار: محمود أيوب
عدسة: إبراهيم بشير
سيناء تحولت من ميدان للحرب إلى ميدان للتنمية والتعمير وهى المعركة الأصعب.. هكذا تحدث اللواء على حفظى محافظ شمال سيناء الأسبق وقائد قوات خلف خطوط العدو في حرب أكتوبر فى الذكرى الخامسة والثلاثين من تحرير سيناء.
حفظي أكد أن المشروع القومى لتنمية منطقة قناة السويس بداية جديدة لانطلاق التنمية على أرض سيناء، مشدداً على أنه لابد من ربطه بالمشروع القومي للتنمية فى سيناء.
حفظي أكد مراراً وتكرارا على مشاركة أهل سيناء بفاعلية فى التنمية، وأن يكونوا مسئولين عنها من خلال إعدادهم وتأهيلهم عن طريق التنمية البشرية بكل أبعادها فى التعليم والثقافة، وإعداد الكوادر منهم للمشاركة في المشروعات الاستثمارية.
وقال حفظى: إن الأوضاع الأمنية فى سيناء استقرت بشكل كبير عن ذي قبل، لكن لن تتوقف محاولات إسرائيل وحماس لاستمرار الفوضى فى سيناء لأنهم يريدون أرضها حلا للقضية الفلسطينية . لكنهم لن يحققوا أهدافهم أبدا.
خمسة وثلاثون عاماً على تحرير سيناء.. كيف تنظر إليه الآن ؟
دعني أتحدث عن شىء مهم لا يعرفه كثير من الجيل الحالي وهو تغير النظر إلى سيناء بشكل آخر فسيناء تحولت من ميدان للحرب للدفاع عن الأرض المصرية إلى ميدان للتنمية والتعمير وهو شىء أصعب بكثير من خوض الحرب، حتى يمكن الاستفادة من كل ما فيها من خيرات، فسيناء أعطاها المولى عز وجل كل شىء يمكننا من الاستفادة منها فى السياسة والاقتصاد والسياحة فهى تعتبر جسراً جديداً للاقتصاد المصري، وهذا الأمر بدأنا ننظر إليه بعد ٢٢ عاماً من الحرب والمواجهة مع العدو الإسرائيلي تمثلت فى حرب عسكرية مباشرة لمدة ٦ سنوات، ثم ٩ سنوات من التفاوض، ثم ٧ سنوات من التحكم والذى انتهى باستعادة كاملة لأرض سيناء ورجوعها مرةً أخرى للسيادة المصرية بعد صراع طويل.
ماذا عن الأوضاع فى سيناء وقت أن كنت محافظاً لشمال سيناء فى التسعينيات فى حكومة الدكتور كمال الجنزوري ؟
الأوضاع الأمنية في سيناء كانت مستقرة في تلك الفترة ونادرا ما تجد حادث سرقة وكان الهدف الرئيسي كيف ننجح في دفع حركة التنمية من خلال المشروع القومي للتنمية الذي أقرته الحكومة لتحقيق التنمية، وبالفعل تم تنفيذ الكثير من الأنشطة التي كانت تقع مسئوليتها على الحكومة فتم تنفيذ شبكة الطرق والبنية الأساسية والتحتية والخدمات فتجد على سبيل المثال شبكة الطرق التي تم تنفيذها من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب والتي وصلت إلى ٧٠٠٠ كيلو متر وشبكة الكهرباء التي غطت ٩٧٪ من سيناء بالكامل وعملية العمران السكاني والصرف الصحي وإقامة المستشفيات والمنشآت التعليمية التي تصل الآن إلى أكثر من ٥٠٠ مدرسة وكل ذلك كان وفق خطة تضمن أن تتاح الفرصة لرجال الأعمال لإقامة المشروعات التي تنقل المصريين لسيناء وأذكر لأول مرة على مر التاريخ تتدفق فيها مياه نهر النيل من خلال ترعة السلام بالسهل الساحلي بشمال سيناء والسكة الحديد التي تمت إقامتها لكي تصل للعريش والحدود والكباري والأنفاق وغيرها من المشروعات الأخرى.
وماذا عن المشروع القومي للتنمية والذى كان مقررا أن ينتهي فى ٢٠١٧ لكنه توقف بعد إقالة حكومة كمال الجنزوري؟
قبل الحديث عن مشروع التنمية لابد من الإشارة إلى أن مشروع قناة السويس الجديد من أفضل المشروعات التى ستعطي تنمية حقيقية لسيناء من خلال المشروعات التى ستتم مستقبلاً، وأظن أن فرص التنمية باتت أفضل مع ربطها بشكل رئيسى بالمشروع القومى لتنمية منطقة قناة السويس، فهو بداية جديدة لانطلاق التنمية على أرض سيناء، بحيث يتم ربط المشروع القومى لتنميتها مع مشروع قناة السويس الجديدة، وفق رؤية جديدة للدفع بعجلة التنمية انطلاقا من الغرب باتجاه الشرق.
أعود إلى نقطة « المشروع القومي لتنمية سيناء ففي عام ١٩٩٤ بدأت الحكومة فى المشروع القومي لتنمية سيناء، وكان من المقرر أن ينتهي فى ٢٠١٧، وأنجزت الحكومة نسبة كبيرة منه، منها مشروعات البنية الأساسية والتحتية والخدمات، من كهرباء وخدمات صحية وتعليمية، لكن بعد إقالة حكومة الدكتور كمال الجنزورى، وتولى حكومة عاطف عبيد توقف المشروع القومي لتنمية سيناء، يأتي هذا مع حالة عدم الاستقرار التى شهدتها المنطقة من أحداث والتى بدأت بالتفجيرات فى جنوب سيناء، وانقسام الفلسطينيين بينهم وبين أنفسهم ثم الانسحاب الإسرائيلى أحادى الجانب من غزة، لكن الحقيقة أن سيناء الآن أفضل بكثير مما كانت قبل ذلك، فالآن أصبح فى سيناء كل شىء من خدمات تعليمية وصحية وطرق وكباري ومياه.
وماذا عن مشاركة أهل سيناء فى التنمية؟
كل ما تحتاجه سيناء هو مشاركة أهلها فى المشروعات التى ستقام علي أرضها، لكن قبل هذا لابد من تأهيل أهلها عن طريق ما أسميه التنمية البشرية بكل أبعادها فى التعليم والثقافة، وإعداد الكوادر، لتهيئة أبناء سيناء للمشاركة بفاعلية فى التنمية، وليكونوا مسئولين عنها من خلال إعدادهم وتأهيلهم لذلك، فلابد من التعامل مع كل مرحلة عمريه على قدرها، فمشايخ القبائل لابد من التعامل معهم على قدرهم لأنهم عاشوه أصعب فترة مرت بها أرض سيناء ففكرة الاستثمار لديهم تكاد تكون بعيدة فلابد من تهيئتهم لفكرة الاستثمار قبل طرحها، أما الفئات الأخرى التى عاشت جزءا من السنوات الصعبة وجزءا آخر بعد تنمية سيناء فهؤلاء دائماً ما يقارنون بين ما عاشوا وبين ما يحدث الآن، أما الشباب فلم يعيشوا شيئاً من الأيام الصعبة التى عاشها مشايخهم فهؤلاء أيضاً لابد من التعامل معهم بنظرة أخرى.
كيف يمكن أن تحدث التنمية التى تحدثت عنها فى ظل الأوضاع الأمنية التى تشهدها المنطقة مؤخراً؟
التنمية فى أي مكان لا يمكن أن تحدث إلا فى وجود استقرار، وأنا أؤكد لك أن الأوضاع الأمنية فى سيناء استقرت بشكل كبير عن ذي قبل، لكن لابد من الأخذ فى الاعتبار أن الحرب على الإرهاب يمكن تحديد بدايتها لكن من الصعب تحديد نهايتها، فهى لا تقع بين أطراف نظامية تقليدية كما فى الحروب بين الجيوش، وإنما تقع بين جيش نظامى من جهة، وعصابات غير نظامية من جهة أخرى، وهى حرب بالوكالة ضمن حروب الجيل الرابع، ولها سمات خاصة لم تكن موجودة من قبل، كما توجد أطراف خارجية تلعب دورا مؤثرا فيما يجرى.
من المسئول الأول والمستفيد من عدم الاستقرار الأمني فى سيناء؟
إسرائيل هى المسئول الأول عن عدم الاستقرار فى سيناء ومعها حماس، فهى تحاول بكل إمكانياتها أن تجعل سيناء منطقة غير آمنة، وهدفها الأول من هذا هو الحصول على جزء منها مع جزء من الأردن لإنهاء القضية الفلسطينية عن طريق ضمها إلى فلسطين، وحماس هى الأخرى تؤيد ذلك، وكانت تريد تملك الفلسطينيين من أرض سنياء بالإضافة إلى تبادل تجاري لكن هذا ما تم رفضه من الجانب المصري، لأنه يعلم ما يدور فى أذهانهم مستقبلاً، ومع كل من حماس وإسرائيل تأتى الولايات المتحدة الأمريكية التى تلعب بكل أذرعها لإحداث فوضى أمنية لتنفيذ أغراضها، فمن مصلحتهم أن تظل سيناء فى حالة من عدم الاستقرار، فلهم أهداف سياسية واقتصادية وعقائدية وعسكرية فى سيناء، صحيح بيننا وبين إسرائيل اتفاقية سلام وأوقفنا الصراع، لكن هناك مصالح متعارضة بين الجانبين، فإسرائيل لا تزال تحاول حل مشكلة الفلسطينيين عن طريق سيناء، ويسعون لذلك لكن بعون الله لن يحققوا أهدافهم ابدا الا ان المصريين يدركون المخطط ولن يسمحوا به .
لكن ما الأهداف السياسية والاقتصادية والعقائدية والعسكرية التى تحدثت عنها ؟
اقتصادياً هم يعرفون حجم الخيرات الاقتصادية الموجودة فى سيناء أما عسكريا، فمن مصلحة إسرائيل، أن تظل سيناء فى حالة فراغ سكانى، حتى لا يكون هناك ثلاثة أو أربعة ملايين نسمة فى مواجهتها، فيصعب عليها العمل العسكرى ضدنا، وهم مازالوا يغرسون فى الأجيال الجديدة لديهم، ارتباط سيناء بالبعد العقائدى واليهودى، لكن يمكننا أن نقاوم هذا عن طريق ربط التنمية التي تحدثت عنها بمحور قناة السويس، وإقامة مشروعات وهذا ما سيحدث مع العزيمة وإرادة الدولة المصرية.