الأربعاء 26 يونيو 2024

الاحتفالات الدينية والأعياد عند الأقباط وأصولها المصرية القديمة

فن25-10-2020 | 21:01

تمثل الاحتفالات الفرعونية في مصر القديمة الخلفية التاريخية لموضوع البحث، فقد عرف قدماء المصريين العديد من الاحتفالات، ويصفهم هيرودرت بأنهم أسبق الشعوب إلي إقامة الأعياد العامة، والمواكب العظيمة.

 

وكانت الاحتفالات في مصر القديمة احتفالات دينية في حقيقتها وإن تنوعت مظاهرها، وللعقيدة الدينية الأثر الكبير في وجود العديد من المعارف الشعبية، واستمرارها فقد استطاعت المسيحية عند دخولها مصر أن تحول العديد من الممارسات المصرية القديمة الخاصة بالمصريين القدماء إلى ممارسات تتفق مع الديانة الجديدة.


وقد اخترنا عدد اثنين من الأعياد القبطية للدلالة على مدى التشابه بين الأعياد الإسلامية والأعياد القبطية :


أولا : احتفال أربعاء أيوب .


ثانيا : احتفال عيد الملاك .


اولا :احتفال أربعاء أيوب 


هو رابع أيام أسبوع الآلام   –الأسبوع الأخير من الصوم الكبير - وتتذكر الكنيسة القبطية في هذا اليوم تشاور التلميذ الخائن يهوذا مع اليهود لتسليمهم السيد المسيح.


وارتبط هذا اليوم ونسب إلى أيوب النبي، وهناك وجهتا نظر لتفسير هذا الارتباط، أحدهما وتمثل وجهة النظر الدينية حيث تقرأ في الصلوات الكنسية التي تقام مساء هذا اليوم قصة أيوب البار كما ذكرها العهد القديم (التوراة) وترمز قصة هذا البار إلى السيد المسيح في آلامه وتجاربه، وأيضاً في نهايته السعيدة، لذا ينسب هذا اليوم له فيقال "أربعاء أيوب"؛ أما وجهة النظر الأخرى فتعتمد على الاعتقاد الشعبي السائد بأن أيوب اغتسل مدلكا جسده بنبات أخضر يسمى الرعرع فشفي من أمراضه، وكان ذلك في يوم الأربعاء هذا فنسب له. 


وتدور الاحتفالية الشعبية لهذه المناسبة حول الطقوس والممارسات المرتبطة بالنبات الأخضر "الرعرع"، واستخدام بكور القمح في عمل "العروسة"، بالإضافة إلى العادات المرتبطة بالطرق المتنوعة لتناول القمح الأخضر "الفريك"، وتعرض الدراسة لهذه الاحتفالية فيما يلي ..


المظاهر الاحتفالية.


أ‌- رعرع أيوب


اعتاد الأقباط الاحتفال بهذا اليوم بالاغتسال بالعشب الأخضر وإن اختلفت طرق الاغتسال أو تعددت أنواع العشب، بعض الشباب يغتسل (يغطس) في النيل والبعض يكتفي بغسل وجهه، ويديه، ورجليه مستخدماً الأعشاب الخضراء التي تنمو على الشاطئ، أما الغالبية من الأهالي فتغتسل في المنزل مستخدمة فروع نبات النعناع أو البقدونس، حيث توضع في الماء المستخدم في الاغتسال. 


ويشير أحد الإخباريين إلى ضرورة أن يرش ماء الاغتسال داخل المنزل وخاصة أمام الأبواب مستخدمين في ذلك فروع النبات الأخضر، حيث تغمس (تغطس) في الماء ويرش بها.


ويظهر الجمع الميداني مدى حرص الجماعة القبطية على أداء هذه الممارسة وتمسكهم بها، ولعل ذلك يرجع إلى إحساسهم بمشاركة أيوب أفراحه بالشفاء بعد طول مرض أو كأنهم بهذا الاغتسال وبذاك العشب يطلبون الشفاء من أمراضهم واستكمال الصحة الجيدة ،كما حدث مع أيوب، ولعل في استخدام رموز لها مكانتها الشعبية مثل: الخضرة والماء ما يدعم هذا المعتقد ويقويه، كما أنهم لا يتخلصون من هذا الماء بسهولة، فهو يرش في المنزل ليبقى أطول فترة ممكنة فيه طلباً لقوته، وفاعليته الصحية، كما يرشون هذا الماء أمام الأبواب حفظاً ووقاية من الأمراض التي تأتي (تدخل) عن طريقها وكان الماء تعويذة تلقى عند أبواب البيت، فتمنع دخول هذه الأمراض إليه، فالأبواب منافذ لدخول كل شيء إلى البيت بما فيها الأمراض، كأنهم بذلك يتقون ويتجنبون شرها. 


وعادة الاغتسال بالنبات الأخضر يوم أربعاء أيوب شائعة بل وتحظى بالانتشار الواسع وإن اختلفت أسماء هذا النبات وأنواعه، فهو الرعرع أو الرعريع، أو العرعر، أو الرعراع، بل وينسبونه إلى أيوب فيقال "رعرع أيوب" وهو نبات طيب الرائحة، شديد الخضرة ولعل اسم هذا النبات محرفٌ من كلمة "عرعر" المستخدمة في قراطيس الطب العربية القديمة، أو هو نبات مصري قديم عثر العلماء على حبوبه بين الهدايا الجنائزية في مقابر طيبة، أو أن في اسم "رع رع أيوب" دعاء متكرر للإله "رع" يعني يا إله أيوب، ويسميه البعض "غبيرة" 

 

وتختلف الطقوس المرتبطة بهذه العادة، إلا أن لها من الرموز والمعاني ما يحملها على الشيوع والانتشار على المستوى الشعبي. فالماء أحد العناصر الشعبية الشهيرة. فهو رمز الطهارة والنظافة، والبداية والميلاد الجديد وأيضاً رمز للحياة، والنبات بما فيه من خضرة إنما يرمز إلى الخير والنماء والخصوبة المتجددة، فتلك الرموز التي توليها الثقافة الشعبية أهمية كبيرة خير معين لثبات هذه العادة بل واكتسابها القوة والاستمرار في الممارسة.


ب‌- عروسة القمح.


يحتفل مجتمع البحث في يوم أربعاء أيوب بظهور بشائر زراعات القمح في شكل سنابل رقيقة خضراء "سبل القمح"، فيحتفلون بها أو يشركونها في احتفالتهم لتصنع منها "عروسة القمح" .


وتعرف عروسة القمح وتنتشر في كثير من المجتمعات وإن اختلفت مسمياتها، فيسميها أهالي الواحات الداخلة "عروسة الفريك" أو "حبة البركة". وفي بعض نواحي الشرقية "مشط الغلة". وقد يشير الاتفاق في هذه الممارسة على الرغم من اختلاف المناطق الثقافية إلى سمة من سمات الشخصية المصرية.


والعروسة عامة رمز للإخصاب مثل عروسة القمح التي تشير إلى نجاح المحصول ووفرته، وكانت العادة في المجتمعات القديمة أن تصنع العروسة من باكورة محصول القمح لتقدم كقربان للقوى الخفية التي تمد الزروع بالثمار شكراً على عطاياها أو اتقاء لشرها.


ويصل بنا تتبع هذه العادة إلى قدماء المصريين، فقد كانت من العادات المألوفة التي تقام للإلهة "رنوتت، “Rennoutet” إلهة الحصاد، عادة تقديم وعاء به ماء لتشرب منه، تعلوه حزمة من سنابل القمح وسوقه تمثل البشائر الأولى للمحصول وتعلق أمام الإلهة قربانا لها. كما كان المصريون القدماء يقيمون في موسم الحصاد عيداً من أهم أعيادهم يفتتحه فرعون بنفسه بأن يقدم للإله أولى ثمرات الحصاد رمزاً للخير والبركة. 

وربما كان في الاتفاق مع الممارسات المصرية القديمة ما يشير إلى التواصل الثقافي بين المصريين المحدثين وأسلافهم القدماء.

   

وتعلق عروسة القمح في المنازل، وعلى الأعتاب العلوية للأبواب، وعادة ما تترك هكذا طول العام إلى أن يحل العام التالي، فتصنع بديلتها الجديدة في أربعاء أيوب لتعلق مكانها، ويتخلصون من القديمة بتقديمها للطيور أو الماشية.


ويحرص المجتمع القبطى على تواجد هذه العروسة في كل بيت. فكأنهم بهذا يضحون بالبكورات، فيصنعون منها هذه العروسة لتعلق، وتظل أمام أعينهم لتذكرهم بعطايا الله الوفيرة، ولتبقى في البيت طول العام رمزاً للإخصاب والخير الدائم.

 

جـ - فريك أربعاء أيوب.


لا يقتصر دور القمح في يوم أربعاء أيوب على عمل العروسة فقط، إنما أيضاً يكون ضيفاً وشريكاً على موائد القرية في هذا اليوم، وقد أجمع الإخباريون على ضرورة عمل الفريك في هذا اليوم وإن لم يتوافر في البيت، فهم يطلبونه ممن عنده "شوية فريك علشان الأربع"، وقد يؤكل الفريك في أي أيام السنة دون شرط إلا يوم أربعاء أيوب، فلا بد أن يكون الطعام الأساس في هذا اليوم، والفريك ما هو إلا سنابل القمح الخضراء التي لم تجف بعد، وعليه يكون هذا الوقت أنسب الأوقات لهذه الحبوب، فمناسبة الاحتفاء بأية ثمار أو زرع تكون في تمام نضجها، وخاصة عندما تكون هذه الزروع سنابل القمح الخضراء بما تحمله من رمز للخير والنماء.


ولسنابل القمح في المجتمع طريقة أخرى للطهو، تتشبه فيها بثمار الذرة، فتشوى في النار، وتؤكل دون طبخ، وعادة شي سنابل القمح الخضراء على النار شائعة الاستخدام في القرية، ويطلق عليها "طقطقة القمح" أو "تشييط القمح" وبعد إتمام نضجها بالشي تفرك باليد، وتُذري بقايا السنابل المحترقة لتتبقى الحبوب فقط، فتؤكل ويكون لها طعم ومذاق متميز.


ثانيا : احتفال عيد الملاك .


تحتل الملائكة في الديانة المسيحية مرتبة تسبق القديسين والشهداء. ويعد الملاك ميخائيل "رئيس الملائكة". هو "رئيس جند الرب". 


وتحتفل الكنيسة القبطية بعيد الملاك ميخائيل مرتين في العام: الأول في 12 هاتور الموافق 21/22 نوفمبر، والثاني في 12 بؤونة الموافق 19 يونيو، والأخير يقع في فترة الصوم التي تسبق "عيد الرسل" "وتسمى صوم الرسل"، ولا تخلو كنيسة قبطية من أيقونة للملاك ميخائيل.


ويحتل هذا العيد مكانة كبيرة في المجتمع القبطى، فتحوى احتفالية الملاك بعض الطقوس والممارسات المرتبطة بتقديس الماء، وعمل القرص، بالإضافة إلى العلاقة بين هذا العيد وما يقابله من احتفالات مصرية قديمة وذلك على النحو التالي ..


(1) الخلفية التاريخية.


كان المصريون القدماء يعيدون للإله "زحل" في اليوم الموافق 12 هاتور من كل عام، وبعد دخول المسيحية مصر وتحولها عن الوثنية، رأى البابا ألكسندروس أن يحول هذا اليوم إلى عيد للملاك ميخائيل، بعد أن بني في مكان هيكل الإله زحل كنيسة تحمل اسم رئيس الملائكة ميخائيل، وهكذا صار يوم 12 هاتور الموافق 21/22 نوفمبر عيداً مسيحياً للملاك ميخائيل. 


(2) عيد نزول النقطة


كان المصريون يقيمون للنيل أعياداً شعبية يسودها المرح والسرور، ومن هذه الأعياد "عيد نزول النقطة" في 12 بؤونة، والليلة التي تسبق هذا العيد تسمى "ليلة الدموع". فهم ينسبون فيضان النيل إلى الدموع التي تذرفها إيزيس وهي تبكي زوجها أوزيريس، الذي قتله ست، وحين تسقط هذه الدموع وتمتزج بماء النهر يحدث الفيضان. 


وكانت تقام للفيضان احتفالات كبيرة - باعتباره أحد أكبر الأعياد - التي يحضرها الحاكم. وفي العصور الوسطى كان البطريرك القبطي يذهب إلى النيل مصحوباً بأعداد كبيرة من الشعب، ويلقي فيه صليباً من الفضة، وفي أيام وجود الحملة الفرنسية بمصر ترأس نابليون هذا الاحتفال باعتباره حاكماً للبلاد.


ويرى البعض أن التوافق بين عيد نزول النقطة وعيد الملاك ميخائيل في 12 بؤونة، لم يأت من فراغ، فعيد الملاك هو العيد القبطي البديل للعيد المصري القديم. 

 

ومن الشائع أنه في بداية دخول المسيحية مصر، لم يكن معروفاً هذا الكم الكبير من الشهداء والقديسين المعروف حالياً، فلعل شخصية الملاك ميخائيل كانت هي الشخصية المسيحية - المعروفة حينئذ - الخارقة البديلة لشخصية إيزيس الوثنية، فهو كلما حل موعد الفيضان يصلي ويطلب من الله ارتفاع مياه النيل، ليأتي بالخير على الأرض.


وعيد نزول النقطة أو عيد الملاك ميخائيل، من الأعياد التي شغلت مساحة كبيرة في العادات والمعتقدات الشعبية، وتعددت مظاهر الاحتفال بها. فقد جرى التقليد على أن كثيراً من سكان القاهرة وضواحيها يقضون مساء ليلة هذا العيد على ضفاف النيل، ومعهم آلات الطرب والعوالم، ويتنزهون في البحر إلى الصباح. 


ولا يزال الاعتقاد حتى الآن في بعض مناطق صعيد مصر أن النقطة التي تنزل في هذا اليوم، هي التي تعطي للبلح على أشجار النخيل لونه، بمعنى أن نزول هذه النقطة يكون إيذاناً ببدء نضوج البلح ليأخذ لونه النهائي كبلح ناضج، كما أن نزول هذه النقطة يجعل لون ماء النيل يميل إلى الخضرة، إيذاناً ببدء الفيضان.


(3) المظاهر الاحتفالية:.


أ‌. شكشوكة السمك.


في مجتمع البحث يسمى العيد الموافق 12 بؤونة والذي يتفق مع عيد النقطة "بعيد الملاك الصيفي"، ولا تذبح الذبائح في هذا العيد، حيث يقع في فترة الصوم، ويجمع الإخباريون أنه منذ سنوات بعيدة كان البعض ينذر في هذا العيد عمل "شكشوكة السمك"، وهي عادة تصنع من السمك البساريه، ويمكن صنعها من أنواع السمك الأخرى، فينظف السمك ويقلي في الزيت حتى ينضج، ثم يضاف إليه الطماطم والدقيق. كما يصنع في هذا اليوم أيضاً نوع من المخبوزات "العيش الشمسي" وهو مرتبط بالشكشوكة، وكلاهما يكون نذراً، ويقوم صاحب النذر بتقديم مقدار من طبيخ الشكشوكة مع بعض الخبز الشمسي لفقراء القرية "يدوروا على البيوت، كل بيت مغرفة ورغيفين عيش". 


وعيد الملاك الصيفي هو العيد القبطي الوحيد في المجتمع الذي ارتبط بالسمك، ذلك لارتباط موعده مع فيضان النيل، كما تشير المعلومات الميدانية إلي تأثير الطبيعة الجغرافية للقرية على هذه الاحتفالية، حيث تحيط بها الكتل والتلال الحجرية التي تحصر بينها عدداً كبيراً من المنخفضات التي تقترب في تكوينها من شكل الحوض، وهذه الأحواض كانت تمتلئ بماء النيل عند فيضانه، وتتحول إلي برك صغيرة تعج بالأسماك  " ويبقي السمك من الكتره مش محتاج صياد". 


وقد ربط المجتمع بين الإمكانيات المتوفرة متمثلة في الأسماك، وعيد الملاك الذي يناسب هذا الوقت، خاصة وهو وقت صوم لا يسمح فيه بتناول اللحوم الحيوانية. فكانت شكشوكة السمك أحد مظاهر الاحتفالية بعيد الملاك، بالإضافة إلي انخفاض تكلفتها وسهولة إعدادها. فالربط بين الأعياد وما توفره الظروف المناخية والموسمية من إمكانيات وخاصة المأكولات، تمثل إحدى السمات الثقافية للمبدع الشعبي.


وبانتهاء فيضان النيل أخذت نذور الشكشوكة في الاختفاء تدريجياً، حتى جاء وقت لم يكن يصنعها في عيد الملاك سوي عدد قليل ، وحالياً لا يوجد لها أثر إلا في ذاكرة كبار السن من الأهالي .


وقد أشار بعض الإخباريين أنه لحرص الأهالي على معرفة أثر الفيضان على زراعاتهم في العام المقبل، كان يوجد قديماً بالقرية بعض الأفراد الذين يتنبئون بحالة النيل عند الفيضان من كل عام، ولم يكن تنبؤا بقدر ما هو استنتاج، واستغلال لطبيعة البيئة، فكانت توضع كمية من الطين في وعاء، ليلة   عيد الملاك، وتغطي بكمية محددة من ماء النيل، وفي اليوم التالي إن لم يُوجد أثر للماء في الوعاء وقد تشققت الطينة، كان ذلك دليلاً على قلة الماء في هذا العام "الميه شراقي"، أما إذا وجد بعض الماء فوق الطينة في الوعاء "الميه فايرة وغالبة الطينة" كان ذلك دليلاً على كثرة الماء في هذا العام "يبقي البحر زايد". ولم تكن هذه العادة قاصرة على بعينه فقط، إنما توجد عادة في كل القرى المطلة على نهر النيل.  


ب‌. قُرص الملاك.


اعتاد معظم الأهالي في بعض المجتمعات عمل القرص في عيدي الملاك، الصيفي والشتوي، وتصنع هذا القرص عادة بالزيت والسكر، وبعض العائلات تخبز منه كميات كبيرة وتوزعها على البيوت. ويقال أثناء توزيعه "دي بركة الملاك". 


وفي بعض المناطق الأخرى تختم هذا القُرص بخاتم عليه صورة الملاك ميخائيل. وكان العجين المستخدم لصنع هذا القرص مادة للتفكة والتندر فكانت توضع فيه عملة نقدية من المعدن، ومن يجد هذه العملة في القُرص الذى يأكله، يتنبأون له بسنة سعيدة. 


وفي مجتمعات أخرى كان البعض يضع عجينة القرص بعد تقطيعها بعدد أفراد الأسرة فوق سطح المنزل، وفي اليوم التالي يستخدمون التشققات التي تحدث فيها كعلامة للتنبؤ بحياة صاحبها في العام القادم، فمن تشققت قُرصته طابت أيامه والعكس. 


يذكر بعض الإخباريين من كبار السن أنه قديماً كانت كل البيوت تخبز القُرص في أعياد الملاك، وكانت العادة إرسال عدد (5) قُرص لكاهن القرية، فيأخذ منها (4) ويعيد الأخيرة - بعد أن يكون باركها وصلى عليها- إلى البيت الذي أرسلها له، وكان لهذه القُرصة العائدة مكانة خاصة لدى كل بيت، فهي "بركة للبيت" وكانت توضع في وسط باقي القُرص، أو في وسط الغلة المخزونة في الصوامع لتباركها، ثم يأكلها أحد الأطفال من أهل البيت أو مريض إن وجد. فالملاك الذي يبارك ماء النيل متضرعاً إلى الله بزيادته – كما سبق أن ذكرنا - فيكثره بالفيضان، قادر أيضاً بهذه الخبزة أن يبارك البيت الذي توضع فيه. فهم بذلك يؤكدون اعتقادهم بعلاقة فيضان النيل بطِلبات الملاك ميخائيل، ويطلبون حدوث مثل هذا الفيضان في خيرات بيوتهم.