الأربعاء 26 يونيو 2024

الآثار الإيجابية لفيروس كورونا

الهلال لايت27-10-2020 | 20:42

 منذ  ظهور فيروس COVID- 19 التاجى لأول مرة فى ووهان- الصين، سعت دول العالم إلى مكافحة انتشاره بين مواطنيها بعدة طرق مختلفة. فمن الدول من فرض حظر تجوال مواطنيها بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة. وأغلب الدول عزلت نفسها عن مثيلاتها عن طريق غلق حدودها الجوية والبحرية والبرية، بالإضافة إلى إجراءات الحجر أو العزل الصحي التي تبنتها كل الدول، ورغم هذه الإجراءات، فلقد أعرب مدير منظمة الصحة العالمية -ومازال- عن تسارع عدوى الفيروس وارتفاع أعداد الإصابات، بيد أن هذه الأضرار التي ألحقها تفشي هذا الفيروس بالصحة -والتي من الممكن أن تكون مؤقتة- إلا أن الاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي خلفها هذا الوباء قد تستمر لأجيال عديدة، حيث أن عدواه استهدفت العالم أجمع وبشكل عشوائي ومدمر وفقاً لإحصائيات الدول، ولعل ما يسترعي الانتباه أن قادة دول العالم تعاملوا مع الأزمة الناجمة عن هذا الوباء على أساس وطني بحت رغم أن تداعيات انتشاره لم تفكك المجتمع الوطني فحسب، بل استطالت المجتمع الدولي، وهذا أمر طبيعي لأن هذا الوباء لا يعترف بالحدود بين الدول، مما يقلل من فاعلية المواجهات الوطنية المنفردة التي تقوم بها كل دولة على حدة، وفي ظل هذا الخضام دعى ديفيد مالباس David Malbas رئيس مجموعة البنك الدولي الدول لتقوية أنظمتها لمراقبة الأوضاع الصحية والصحة الأولية لأنها ذات أهمية بالغة في إيقاف انتشار هذا المرض وأي أمراض أخرى في المستقبل، مع استعداد البنك للدعم المالي. والواقع أنه مع سمو ونبل هذه الدعوى وأهدافها -على اعتبار أن من أهم المشاريع التي ينبغي على العالم السير فيها في ظل هذه الأزمة- ضرورة وضع رؤية وبرنامج لتعاون دولي لمواجهة هذه الأزمة والقضاء على هذا الوباء والتغلب على ما تخلف عنه من تداعيات محلية وعالمية، إلا أن مجتمعاتنا العربية من المفترض أنها لا تعول كثيراً على هذه الدعوات، لأنها تعد من قبيل الشعارات البراقة الممزوجة بطابع سياسي انفرادي، ومما يؤكد ذلك أن رئيس مجموعة البنك الدولي ذاته كان قد صرح من قبل منتقداً رئاسة مجموعة البنك الدولي السابق بأنه يقوم بالتبذير والفساد وبالسخاء المفرط مع الصين!. على الرغم من أن الفوائد المدفوعة من قبل العملاق الأسيوي تتيح تمويل المساعدات الصحية والاقتصادية للبلدان ذات الدخل المنخفض والكثير منها في إفريقيا، وهو أمر لم تفعله الإدارة الأمريكية. وبالتالي فإن تنفيذ هذه الدعوة من قبل البنك الدولي والدول المتقدمة على أرض الواقع يضحى محلا للشك، الأمر الذي يتعين معه على مجتمعاتنا العربية عدم انتظار تحقيقها، وعليها أن تجتهد وتعتمد على نفسها بحثاً عن حل للمشكلة، ولم ولن يكون ذلك إلا عن طريق البحث العلمي، لأنه هو الوسيلة الوحيدة لتطوير المنظومة الصحية والاقتصادية والتي تعتبر إحدى متطلبات تحقيق الاكتفاء الذاتي والرقي، ولنا في مراحل تطور الصين خير دليل، فبعد أن كانت تعاني من الجهل والفقر والتخلف على المستويين الصحي والاقتصادي وتعاني من مساوئ حكم النظام الشيوعي وتأثيراته السلبية على طوائف المجتمع، مما أدى إلى تفكك نسيجها الاجتماعي، استطاعت في وقت قصير ترسيخ مفهوم أنه لا مكان للعجز أو الفشل، وتوصلت بأن تكوين شخصية الإنسان وارتقائه لا يكون إلا بالعمل والإنجاز والابتكار، وبالتوازي مع ذلك مد مظلّة التأمين الاجتماعي من حيث التعليم الحقيقي المجاني والتأمين الصحي للجميع، لذا فقد آن الأوان على مجتمعاتنا العربية إعادة النظر في أولوياتها، فبدلاً من الفوضى العارمة التي تعمها والسلبيات الناتجة عن إهدار الوقت وكأنه لا شيء في أمور تافهة، وكثرة الغياب عن الأعمال والدراسة في تسيُّب لا مثيل له وإهدار الأموال في شكليات لا تسمن ولا تغني من جوع فإنه يجب إعادة صياغة الكثير من الأمور وعدم الاعتماد على الغير في حل المشاكل، ولا يكون ذلك إلا بالاهتمام بالبحث العلمي عن طريق دعم برامج الاستثمار في شباب الباحثين والمبتكرين من طلاب المدارس والجامعات وغيرهم تشجيعاً للابتكارات والاختراعات المتميزة، مع ضرورة توفير موارد لبيئة علمية سليمة، حيث أثبتت هذه المرحلة أن ذلك هو الطريق الوحيد للخروج من عثراتنا التي ألمت بنا.


    الاكثر قراءة