تلقى المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة الحالية اهتماما بالغاً حيث وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى البنوك بضخ 200 مليار جنيه بفائدة 5% لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة كركيزة أساسية لحل مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب وتحقيق التنمية وتحويل الزيادة السكانية من نقمة إلى نعمة .
الإ أنها لازالت تعانى من وجود عدد من العوائق فى مقدمتها مشكلات التمويل مع البنوك ونقص الثقة فيها، بخلاف الشركات الكبرى المعروفة ذات الإنتاج والمكسب المضمون ، وذلك نتيجة ضعف الإدارة وعدم وجود سندات ملكية للعقار والأرض فى بعض الأحيان وعدم وجود ضمان لسداد الأقساط ، كما أن توزيعها الجغرافى يتركز فى القاهرة والشرقية والغربية فقط دون باقى المحافظات، فضلا عن نقص برامج التدريب والتأهيل على التقنية، وعقبات التراخيص والروتين وازدواجية التخصصات بين الجهات الحكومية ، ومشكلات التسويق وتكاليفه ، فضلا عن نقص التشريعات اللازمة.
وقال “الدكتور حمدى عبد العظيم ، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية " من المفترض أن يتم وضع خريطة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على مستوى المحافظات كُل حسب طبيعة المحافظة وخصائصها وتميزها وتوافر العمالة ومستلزمات الإنتاج المطلوبة، وهذه مسئولية المحافظين حيث يجب عليهم وضع خريطة استثمارية للمحافظة ومجالاتها وفرص الاستثمار بها وإمكانية التعامل مع المشكلات المالية والفنية بالمحافظة ".
وتابع "والصندوق الاجتماعى للتنمية من المفترض أن يتواجد فى كل محافظة، ويتواجد تمويل للمشروعات من قبل البنوك فى كل المحافظات، وذلك يتم بالحصر ودراسات المسح لكل محافظة، حيث تنمو فيها مشروعات صغيرة من نوعية معينة، ولكن القاهرة مستحوذة على أكبر الاستثمارات سواء الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة بخلاف باقى المحافظات ".
واستطرد "أما مشكلات التمويل فتتعلق بكون البنوك تتعامل مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالأسلوب التقليدى وأنها مبتكسبش وهتكون عبء عليهم وتفضل المشروعات الكبيرة ، رغم طلب الرئيس من البنوك توفير 200 مليار ، وأمس وفرت البنوك 45 مليارا بفائدة 5% ، ومسألة التمويل واخدة دفعة قوية فى الفترة الأخيرة ، والبنوك حاليا فيها فلوس وهتقول محدش جاي يسحب، والسبب فى ذلك غياب الخريطة والمسح للمحافظات وغياب الفلسفة للمشروعات والتنمية المحلية وآلياتها للمشروعات ".
وأوضح " دائما المحافظ تابع للحكومة المركزية إلا المجتهدين منهم والخريطة مش واضحة عندهم ، ويركز على المشروعات الكبيرة ويهمل المتوسطة والصغيرة ".
ولفت: " أكبر مشكلة تكمن فى المحليات ومنذ 25 يناير وهى متوقفة ومنظومتها لم تتكون بعد لأنه تم حلها ولم تجر انتخابات محلية حتى الآن ، ولا بد من استكمال تكوين الإدارة المحلية والمجالس والتنفيذين لتسهيل الإجراءات والتراخيص للمشروعات ، كما أن الروتين والبيروقراطية المركزية لم يفكر أحد فى حلهما ، والمطلوب إطلاق درجة من اللامركزية بالمحليات ، وإصدار قانون المحليات ، وكلها مشكلات شائكة خاصة بالتشريعات والبيروقراطية".
وذكر الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادى "البنوك تتردد فى منح التمويل للمشروعات الصغيرة لأن البنك ميضمنش الشباب أنه ياخد الفلوس ويصرفها خاصة وأن الشباب معندوش تصور وفكرة للمشروع وهيعمل ايه بالفلوس؟ ولازم يكون عندهم استعداد فمثلا لو مشروع نجارة لازم يفهم فى الصنعة كويس فلابد من الجدية أولا ومتدرب جيدا في ورشة مثلا قبل فتح المشروع ، وآخر مرحلة هى البنك، والناس معندهاش وعى بالمشروعات وتلقي باللوم على البنوك ولما الشباب يتعثر وميقدرش يسدد نقول البنك بيسجن الشباب ! وأحيانا الشباب بياخد القرض وبعدين يقفل مشروعه ! والبنك يجب أن يمنح الشباب الذي لديه رغبة قوية وتدريب كاف ومعرفة كاملة بالمهنة ولديه الأدوات اللازمة والإرادة والخبرة ".
وتابع " لا يوجد وعى كامل بأنواع المشروعات فمنها غذائى أو حرفى أو مهنى وهذه مسئولية الإعلام فى التوعية ، والمشروعات الحرفية مثلا أكشاك تدر دخلا فقط على أصحابها ، وإذا تم غلقها الاقتصاد القومى لن يتضرر ، وهناك مشروعات تجميعية زى تجميع الملابس وصناعتها ومصانع لمستلزمات السيارات كالكاوتش ، وكل ذلك يحتاج إلى جدية وعلم ودراسة وتدريب على التكنولوجيا المستخدمة زى المخرطة اللى بتشتغل بالكمبيوتر".
وأشار إلى أن "تركز المشروعات فى محافظات بعينها مثل القاهرة والشرقية ودمياط والغربية يرجع إلى وجود السوق اللازم لتوزيع المنتج ، ونحتاج إلى جرعة قوية من الدعم الفنى والتكنولوجى ، أما مشكلة الروتين وصعوبة التراخيص فترجع إلى رغبة البعض في إقامة مشروعاته داخل المناطق السكنية، ولكن المطلوب إقامتها خارج الكتلة السكنية والاتجاه للمدن الصناعية الجديدة مع ضرورة توافر المرافق والخدمات بها، ومينفعش يكون تحت البيوت ورش والناس متعرفش تمارس حياتها الطبيعية ".
وأوضح "توجد ازدواجية فى التخصصات الحكومية ، وأنا أرفض فكرة وجود جهاز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كما يطالب البعض لأن هناك جهازا مختصا هو صندوق التنمية الاجتماعية وله فروع فى كل المحافظات، وله قانون رقم 191 لسنة 1991".