يحتفل العالم، يوم التاسع من ديسمبر من كل عام، باليوم العالمي لمكافحة الفساد 2020، وذلك إعلانًا برفض كل مظاهر الفساد في دول العالم المختلفة، حيث يعد الفساد الفيروس الذي يخترق المؤسسات المحلية والدولية ويصعب بعد ذلك تطهير تلك المؤسسات منه إلا بالمجهود الذي يتطلب وقتًا طويلًا.
بداية الاحتفال
ترجع نشأة اليوم العالمي لمكافحة الفساد إلى الاتفاقية التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة في 31 أكتوبر من العام 2003، وقد تم تعيين مكتب المنظمة الأممية الخاص بقضايا المخدرات والجرائم، باعتباره أمانة مؤتمِر الدول الأطراف في تلك الاتفافية، وأعلن في ذلك اليوم أن التاسع من شهر ديسمبر من كل عام سيكون يومًا عالميًا لمواجهة الفساد.
وتعتبر هذه الاتفافية أول صك لمكافحة فساد دولي ملزم قانونًا، وقد وقعت على هذه الاتفافية 140 دولة وذلك في الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر 2003، وفي الأول من يناير من العام 2015 تم التوقيع عليها من قبل 174 دولة تشمل 171 دولة عضوًا في الأمم المتحدة.
وشهد يوم التاسع من ديسمبر من العام 2005 أول احتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، ومنذ ذلك الحين، ويحتفل العالم بهذا اليوم من كل عام كيوم عالمي لمواجهة هذه الظاهرة؛ لزيادة الحذر من الفساد، والتركيز على دور الاتفاقية في مجابهة ومحاربة هذه الظاهرة، وفي إيجاد حلول واقعية لإنهاء هذه الظاهرة والتي لها تأثير كبير على موارد الدول حول العالم.
وقد عرفت الأمم المتحدة ظاهرة الفساد، بأنها ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة، تؤثر على جميع البلدان في العالم، وأوضحت أن الفساد يؤثر سلبيًا على المؤسسات الديمقراطية، ويحد من التنمية الاقتصادية، كما يساهم في الاضطراب الحكومي، ويخل بأسس المؤسسات الديمقراطية من خلال تزوير العمليات الانتخابية في كثير من الأوقات.
أرقام صادمة:
وحسبما تنشره منظمة الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني، فإنه في كل عام تصل قيمة المبالغ المسروقة عن طريق الفساد إلى ما يقرب من تريليونين ونصف دولار أمريكي وهذا الكم يستوي 5% من الناتج المحلي العالمي ككل، وبحسب ما يشير إليه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أنه في البلدان النامية تقدر قيمة الفائد بسبب الفساد عشرة أضعاف إجمالي مبلغ المساعدة الإنمائية المقدمة.
ودائما ما تؤكد المنظمة أن الفساد واحدًا من أخطر الجرائم على الإطلاق، ويؤثر سلبيًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع المجتمعات، ولا يوجد أي دولة في العالم خالية من الفساد، ولذلك أطلقت المنظمة في عام 2017 الحملة الدولية المشتركة للتركيز على الفساد باعتباره أحد أكبر العقبات أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أطلقت في عام 2019 شراكة عالمية تركز على كيفية تأثير الفساد على التعليم والصحة والعدالة والازدهار والتنمية.
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد:
وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هي أول صك مكافحة فساد دولي ملزم قانونا، فهي اتفاقية متعددة الأطراف تتفاوض بشأنها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تضم 71 مادة مقسمة إلى 8 فصول على أن تقوم الدول الأطراف بتنفيذ عدة تدابير لمكافحة الفساد والتي قد تؤثر على القوانين والمؤسسات والممارسات.
وتهدف هذه الإجراءات إلى منع الفساد وتجريم بعض التصرفات وتعزيز إنفاذ القانون والتعاون القضائي الدولي وتوفير آليات قانونية فعالة لاسترداد الموجودات والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات وآليات لتنفيذ الاتفاقية بما في ذلك مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
اعتمدت اتفاقية مكافحة الفساد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 31 أكتوبر 2003، فيما تم فتح باب التوقيع عليها في ميريدا بيوكاتان بالمكسيك في الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر 2003 وبعد ذلك في مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، حيث وقعت عليها نحو 140 دولة، ومن بينها مصر إيماناً منها بأن قضية مكافحة الفساد وخصوصاً عقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم تعد شأناً داخلياً خالصاً بل ان الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهته وكذا تدعيم النظم الداخلية حتى تكون أكثر فاعليه فى مكافحته.
وتغطي الاتفاقية خمسة مجالات رئيسية هي: التدابير الوقائية والتجريم وإنفاذ القانون والتعاون الدولي واسترداد الموجودات والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات، ويشمل الأحكام الإلزامية وغير الإلزامية على حد سواء.
مكافحة الفساد في مصر:
تولي الدولة المصرية ملف مكافحة الفساد اهتماما كبيرا، حيث تضمن الدستور المصرى المعُدل عام 2014 فصلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من المادة 215 حتى المادة 221، حيث تضمنت المواد من 215 حتى 217 تمتع الأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها وتمنح ضمانات وإستقلالية وحماية لأعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال ويعين رئيس الجمهورية رؤسائها بعد موافقة مجلس النواب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمره واحدة ولا يُغفى أى منهم من منصبة إلا فى الحالات المحددة بالقانون وتعد من تلك الهيئات البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز المركزى للمحاسبات، هيئة الرقابة الإدارية.
فيما ألزمت المادة 218 الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد ، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن اداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية.
وتقوم على مواجهة الفساد عدة أجهزها على رأسها هيئة الرقابة الإدارية كجهاز رقابي عام، وكذلك أجهزة الرقابة الداخلية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات، وأجهزة ووحدات وزارة المالية (المراقبون الماليون)، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وهيئة النيابة الإدارية، وإدارة الكسب غير المشـــروع، والإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامـــة (وزارة الداخلية)، ووحدة مكافحة غسل الأموال، والهيئة المصرية العامة للرقابة المالية غير المصرفية، هذا إلى جانب اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء، واللجنة الوطنية الفرعية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة الوزير رئيس هيئة الرقابة الإدارية.