الخميس 27 يونيو 2024

القتل والقمع والتنكيل على الهوية.. مأساة أكراد تركيا خلال 2020

عرب وعالم26-12-2020 | 20:50

شهد عام 2020 وقوع العديد من الجرائم والانتهاكات بحق الأكراد من قبل النظام التركى بقيادة أردوغان، ويقول المراقبون أن الإعلان العالمي لـ"حقوق الإنسان" على يبدو لم يمر على تركيا منذ توقيعه في باريس عام 1948، وبينما لم تتوقف انتهاكات حقوق الإنسان في الدولة التركية تحت نظام العدالة والتنمية ، تركزت انتهاكات النظام بصورة ملفتة ضد أهالي المحافظات ذات الأغلبية الكردية.


ونقلت منصة (تركيا الآن) المتخصصة في الشأن التركي عن تقرير لمنظمة حقوق الإنسان التركية بمحافظة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية، تأكيده ان الأشهر الستة الأولى من عام 2020 شهدت مقتل مواطنين اتراك على يد أحد ضباط الشرطة، فيما قضى طفل في انفجار لغم ولم يكن لهم ذنب سوى انتمائهم الى العرقية الكردية وبحسب المراقبين يبدو ان «هستيريا الفاشية» عنوانًا مناسبًا للقتل على الهوية في تركيا بالنسبة للاكراد وهنو قتل لم يرحم النساء و الاطفال و الشيوخ ، حيث بلغت حصيلة القتلى من المواطنين الأكراد بنهاية عام 2020 19 كرديًا من بينهم 3 أطفال ، و12 سيدة، و4 رجال قضوا جميعًا «بشكل مريب أو دون أسباب واضحة» حسبما يشير تقرير للمنظمة .


ومع استمرار بيئة الحرب في المنطقة الكردية، سواء بسبب النزاع على الحدود السورية، أو بزعم مكافحة الإرهاب، تم إعلان عشرات المناطق في 13 مقاطعة داخل 3 محافظات كبرى كـ «مناطق محظورة» فرضت فيها الشرطة حظر التجول نحو 7 مرات.


إلا أن أحد أبرز وقائع اضطهاد الأكراد تمثلت في إرسال الحكومة رفات أحد المتوفين التابعين لقوات الدفاع الشعبي الكردية ، إلى أسرته عن طريق البريد، وهو ما أحدث ضجة كبرى في الصحافة العالمية والمحلية ، كما أقدمت الحكومة التركية على نبش مقابر الأكراد، 8 مرات على الأقل، للبحث عن متوفين تزعم الحكومة انتماءهم لقوات الدفاع الشعبي ، وفي مايو تم العثور على مقبرة جماعية بها عظام تخص 40 كرديًا مجهولًا، وأطلق العديد من النشطاء الحقوقيين على تلك الحوادث مسمى «قتلى الحرب القذرة».


ومع ارتفاع معدلات العنف ضد النساء التركيات بشكل عام ، اختصت السلطات التركية الكرديات بنوع آخر من التنكيل، حيث أغلق الأوصياء المعينون على البلديات الكردية ، بدلًا من الرؤساء المنتخبين، عددًا كبيرًا من الملاجئ التي تأوي النساء الفارين من العنف الأسري، خاصة مع تفشي وباء كورونا.


نتيجة لذلك قتلت 14 امرأة كردية نتيجة للعنف الأسري، فيما تعرضت 13 سيدة لجروح وإصابات خطيرة نتيجة التعذيب المبرح، وسجلت البلديات الكردية 20 حالة انتحار لسيدات تعرضن للعنف سواء على يد أقاربهن أو على يد رجال الشرطة.


وبحسب التقارير الاعلامية، ستظل صورة رجل الشرطة الذي يطارد أطفالًا أكراد يلعبون أمام أحد المباني، بإطلاق النار في الهواء، بمقاطعة نصيبن التابعة لمدينة ماردين، من بين أكثر الصور تجسيدًا لاضطهاد الحكومة التركية خلال العام الماضي، حيث ارتفع عدد الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء والقتل على أيدي قوات الأمن، فيما أوردت جميعة حقوق الإنسان في ديار بكر حادث اغتصاب 27 شرطيًا لطفلة (14 سنة)، في ديسمبر، بمقاطعة جرشوش بمدينة باتمان، كإحدى أفظع الجرائم بحق الأطفال الأكراد. 


ووفقًا لتقرير جمعية حقوق الإنسان للستة أشهر الأولى لعام 2020، تم اعتقال 769 شخصًا بينهم 16 طفلًا بسبب «ميولهم الفكرية». واعتقال 132 آخرين بينهم طفلان. كما تمت مداهمة 638 منزلًا ومحل عمل.


وخلال العام 2020 صدرت أحكام بالسجن وغرامات مختلفة على 121 شخصًا في 11 ملفًا مختلفًا، بينهم سياسيون وصحفيون وموظفون في القطاع العام. وداهمت الشرطة التركية مكتب وكالة «ميزوبوتميا – بلاد الرافدين» في مدينة فان، بعد توثيقهما تعذيب ثروت تورجوت هو وصديقه عثمان شيبان، وإلقائه من الطائرة الهليكوبتر بعد احتجازه.


واعتقل كل من الصحفيين عدنان بيلين، وجميل أوغور المنتسبين للمكتب. كما تم اعتقال مراسل جريدة «جنيوز» شهبيران آبي، والصحفية نازان صلا. واُعتقل الصحفي بمكتب «ميزوبوتميا» ديندار كارتاش، بسبب الأخبار التي تتناول اضطهاد الاكراد.


وقال رئيس فرع منظمة حقوق الإنسان في ديار بكر، عبد الله زيتون، بأن هناك انتهاكات مكثفة للحقوق في المحافظة منذ بداية عام 2020. وأشار إلى أن العنف تصاعد نتيجة إدخال السياسات الأمنية في حل القضية الكردية. وقال «يتم بناء نظام استبدادي لأن معايير العدالة لا تؤخذ كمرجع. ويتم تجاهل جميع القنوات الديمقراطية والتفاوضية مع الأكراد».


وأضاف زيتون «أن اغتصاب حق الأكراد في الانتخاب والترشح، الذي بدأ في عام 2016، أصبح سياسة حالية، خاصة بعد سياسة الأوصياء الذين تم تعيينهم في 2020 في فترة الوباء، ولم يعد من الممكن الكشف عن عدد الإنتهاكات وعمقها».


وكشف زيتون، الذي أشار إلى انعدام سيادة القانون، وعدم وجود رد على اعترضاتهم رغم الانتهاكات المستمرة ضد الأكراد «للأسف قد تُركت جميع المحاولات غير فعالة، كما هو الحال في السنوات الماضية. الآلية القانونية لم تف بواجبها. يجب أن نعيد تنظيم الحقوق من جديد.» وأضاف: «نحن بصفتنا جمعية حقوق الإنسان في ديار بكر، كنا نكتشف القمع وعدم المشروعية لمدة 34 عامًا وسنواصل القيام بذلك».


وذكر التقرير الحقوقي أن 3 أطفال انتحروا في محافظة ديار بكر نتيجة لسوء الأوضاع، فيما قتل طفل نتيجة العنف المنزلي، وقُتل 3 أطفال آخرون نتيجة تعرضهم للعنف، فيما تعرض 204 أطفال للاعتداء الجنسي، وتعرض طفلان للعنف في المدرسة.


ونتيجة لحرمان الأطفال الأكراد من التعليم بلغتهم الأم، لم يتمكن 200 ألف طالب من الالتحاق بالتعليم عن بعد في ديار بكر ، وحسب تقرير جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان التركية، فقد تعرض 22 كرديًا للتعذيب وسوء المعاملة بالسجون، وتعرض 61 آخرون للتعذيب خارج أماكن الاحتجاز.


وقامت الشرطة التركية بمداهمة منازل العديد من الأكراد، وتعرض العديد من أفراد عائلات المعتقلين للضرب، وتم ترهيب الأطفال في البيوت ، ويظل إلقاء المواطن الكردي ثروت تورجوت من طائرة هليكوبتر بعد احتجازه من قبل جنود أتراك بصحبة صديقه عثمان شيبان، أحد أسوأ الانتهاكات بحق الأكراد.


وأشار تقرير نقابة المحامين بديار بكر عن العنف ضد المرأة في 2020، إلى الممارسات العقابية بحق النساء المحتجزات، حيث تلجأ السلطات إلى تكبيل اليدين المزدوج داخل المؤسسة العقابية المغلقة للمرأة في ديار بكر، وقد أشير إلى إجبار السيدات المحتجزات على التعري أمام المحققين ورجال الشرطة بما يتعارض مع كرامة الإنسان، وتم العثور على كاميرات مراقبة في العنابر النسوية.


من جهة أخرى حرم السجناء من حقهم في الصحة والتواصل، أثناء فترة الوباء، وتوفي 21 مريضًا في العنابر التي تعمد الحراس إهمالها، فضلًا عن استمرار الانتهاكات بحق المعتقلين المضربين عن الطعام.


وبلغت الأزمة الاقتصادية في تركيا ضعف ما هى عليه في المدن الكردية ، وحسب التقرير الاقتصادي الذي أعلن عنه حزب الشعوب الديمقراطي التركي ، خلال عام 2020، فإن هجرة مليون و468 مواطنًا كرديًا، من المحافظات الكردية إلى الغرب بين عامي 2008-2019 ، لم تُقلل من البطالة في المنطقة.


وجاء في التقرير، أن هناك 50 ألف تاجر بالمنطقة الكردية ، أغلقوا محلاتهم منذ عام 2015 حتى الآن، وأن الوضع ظل مستمرًا طوال هذا العام. وعلى الرغم من أن الشركات الرئيسية في المدن الكردية هي «شركات تجارية»، إلا أن نسبة عدد التجار للبلاد بقيت 14% فقط.


وبينما توجد أعلى معدلات البطالة في المدن الكردية ، يُذكر أن هذه النسبة تصل إلى 30 %. ويرتفع هذا المعدل إلى 43 % بالنسبة للنساء. وهذا يوضح «العنف الاقتصادي» في المحافظات الكردية.