شهدت السنوات
الماضية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم، تقدمًا هائلًا في ملف تعزيز المرأة وحصولها على حقوقها كاملة، عبر العديد
من الامتيازات غير المسبوقة فى شتى المجالات، المجالس النيابية والحقائب الوزارية
والمحافظين ونوابهم، وفي أروقة العدالة تصدرت المرأة اهتمام المجلس الأعلى للقضاء
والمجالس الخاصة بهيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وأصبحت لأول مرة في تشكيل
المحاكم التأديبية بمجلس الدولة ممثلة عن النيابة الإدارية، وفى عام 2017 كان عام
للمرأة، وأطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي استراتيجية تمكين المرأة 2030 والتي
أعلنتها الأمم المتحدة كأول استراتيجية لتمكين المرأة منبثقة من استراتيجية
التنمية المستدامة 2030، فضلا عن التعديلات الدستورية المقترحة لصالح المرأة، على
المادة 102 من الدستور، والتى تستهدف ترسيخ تمثيل المرأة فى مقاعد البرلمان، وأصبح
لأول مرة في تاريخ المجالس النيابية أن تحصل المرأة علي أكثر من 150 مقعدًا بمجلس
النواب بخلاف مقاعد مجلس الشيوخ.
أصبحت مكانة
المرأة اليوم والمكاسب التي نالتها تأكيدًا
على مدى إدراك الدولة المصرية لأهمية دور المرأة، اجتماعيا، واقتصاديا،وسياسيا؛
للمشاركة في مصر الحديثة، وبالرغم من كل
ما سبق، هناك أصوات داخليا وخارجيا تقلل من هذه المكتسبات دون وعى أو إدراك أو غاية
وهدف غير مفهوم، وهذه الأصوات دائمًا ما تسلك هذا الطريق المعاكس للحقيقة، بقضية
واحدة إلا وهي اعتلاء المرأة منصة القضاء، وهذه قضية موسمية، دائمًا تظهر فجأة فتشحذ الهمم وتستنفر الأفكار، ثم
تختفي فجأة وكأنها لم تشغل بال أحد ممن يتبنوها، وما إن تطفو على السطح أخبار
وقرارات رسمية بتعيينات قضائية، أو نيابية أو وزارية أو مجالس متخصصة تشمل النساء،
فتهدأ الأوضاع، وبالرغم من أن هذه الاستحقاقات ليست وليدة لحظة أو نتائج الصراخ
الموسمي، فالجميع يعلم المادة 11 من الدستور المصري، الفقرة الثانية "على أن
تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة
والتعيين في الجهات والهيئات القضائية .
وهذا ما تم
بالفعل عمليا، وصل أعداد القاضيات بمختلف المحاكم بالقضاء العادى لأكثر من 80
قاضية، وتولت المرأة مديرًا لإدارات النيابات الإدارية بمختلف المحافظات والأقسام،
وتم تعيين نائبة لرئيس المحكمة الدستورية
العليا مؤخرًا، وأصبحت نسبة عضوات هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة من المرأة
تتعدى 30 %، كما لم يخل قرار جمهورى بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، ونسبة
المقبولين من المتقدمات تزيد عن 25 %، ولم نسمع صوتًا لهذه الأصوات عن المظلومين
من المتقدمات المتفوقين في إجازة الحقوق بعدم قبولهن، لأنهن لسنّ من أبناء النبلاء والنخب، لم نسمع عن
العدالة والمساواة في حقهن كأبناء مصر، لم نشاهد دفاعًا عليهن لكونهن متفوقات ولكن
من أبناء البسطاء، وليس الأم أو الأب حاصل علي مؤهل يؤهل ابنته ليجعل مثل هذه
الأصوات تدافع عنها. وإذا كانت هذه
الأصوات توجه سهامها مؤخرًا لمجلس الدولة والنيابة
العامة على عدم قبولهن بحجة أنهم يرفضون تعيينهن، فهذا غير صحيح ، لأن الأصل فى
رفض التعيين بالنيابة العامة هو عدم قدرتهن
بالموافقة على نظام وطبيعة عمل النيابة العامة التي تستوجب حضور العضو في
مسرح الجريمة فى أي وقت ليل نهار وفي أي مكان، مع الالتزام بالقانون والنظام العام
بشأن تسكين العضو في محافظة بالوجه البحري أو مدينة بالوجه القبلي، وهذا لم يرض في
الحقيقة من ينادون بقضية تعيين المرأة قاضية.
وهي قاضية منذ عام 2008، حيث تم نقل
33 عضوًا من النيابة الإدارية رفضن 3 منهن، وفي عام 2017 وصل العدد ما يقرب
من 67 ووصل الآن ما يقرب من 80 سيدة منهن مساعدى وزير العدل وأخريات علي منصة القضاء، ومعظمهن أعضاء
بالمكاتب الفنية المختلفة لإدارات وقطاعات وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء ،
بالإضافة إلى توليها رئاسة هيئات قضائية لأكثر من مرة في عام قضائي واحد، ووصل أعداد
من تولى رئاسة هيئتي النيابة الإدارية
وقضايا الدولة أكثر من 10 سيدات، بخلاف عضويتهن حسب الأقدمية في مختلف المجالس
الخاصة علي مر السنين، وكان يصل لنصف أعضاء المجالس، المرأة تمكنت من اعتلاء منصة القضاء
العادى ورئاسة وعضوية الإدارية وقضايا الدولة، وتولت نائبة لرئيس المحكمة
الدستورية العليا مرتين، ولم يتبق سوى مجلس الدولة فقط الذي يرفض تعيينهن حتي
وقتنا هذا
.
فالمرأة قاضية
في الإسلام من زمن بعيد، وكانت أم الشفاء قاضية صاحب قرار وحكمة في عهد الفاروق
عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتولت ثمل
قهرمانة عام 306 هجرية في بغداد، منصبًا يعادل منصب قاضي القضاة، وكانت تنظر ثمل
في الشكاوى التي يكتبها الناس كل يوم جمعة وهو موعد جلوسها في دار المظالم. وساعدها
القاضي أبو الحسن بن الأشناني في تخطي رفض الناس، وفي مهنتها فحسن أمرها وأصلح
عليها، وكان يحضر في مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان.
بعض المؤرخين
وعلماء الدين كالطبري والذي عاصر ثمل قهرمانة
في بغداد، وكتب بأن ثمل قامت بمهمتها خير قيام، وبأن رفض الناس لتوليها القضاء
تحول لاحقا إلى محبة بسبب الإصلاحات التي قامت بها.
وأخيرًا وليس
آخرًا، أتمنى من هذه الأصوات التي تتبني هذه القضايا، أن يهتموا بالمساواة والعدل
في الاختيار ما بين الجميع علي حد سواء وأن تكون المعايير عادلة، وأنه لا فرق بين
ابنة مسئول أو ابنة خفير، ولا نجل قاضي أو نجل فلاح، حقوق المرأة وحقوق الإنسان
تحقيقها في كل زمان ومكان وعلي الجميع وللجميع في إطار الدستور والقانون، تحت مظلة
الدولة المصرية.