يفكر الكثيرون حاليا في السفر لأداء مناسك الحج هذا العام، حيث يتبقى نحو شهر تقريبا على موعدها، ولتحقيق هذا الحلم يلجأ البعض أحيانا إلى الاقتراض لتوفير المال اللازم لأداء تلك الفريضة الغالية، فهل هذا التصرف جائز؟
أجابت دار الإفتاء عن سؤال يقول: هل يجوز الاقتراض من أجل الحج؟ موضحة أنه لا يجب على المكلف الاقتراض للحج، باتفاق الفقهاء، إذ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى، في "المجموع شرح المهذب" (7/ 76): "لا يجب عليه استقراض مالٍ يحج به، بلا خلاف" اهـ.
وأوضحت دار الإفتاء أنه لا مانع مِن أن يقترض الشخص ويحج، إذا اطمأن إلى أنه سيرد القرضَ دون تأثير ضار على نفسه، ومن تجب عليه نفقتُه.
وورد عن بعض السلف، النهي عن الاقتراض للحج، فروى الإمام الشافعي، وابن أبي شيبة في "المصنَّف"، والبيهقي في "السنن الكبرى" - واللفظ له - عن عبد الله بن أبي أوفى، رضي الله عنه، موقوفًا عليه: أنه سُئِلَ عن الرجل يَستقرض ويحج؟ فقال: "يَسْتَرْزِقُ اللهَ وَلَا يَسْتَقْرِضُ"، قال: وكنا نقول: "لا يَستَقرِضُ إلا أَن يَكُونَ له وَفاءٌ".
وأضافت الإفتاء أنه أسند ابن عبد البر في "التمهيد" عن سفيان الثوري أنه قال: "لا بأس أن يحج الرجل بدَينٍ إذا كان له عُرُوضٌ إن مات ترك وفاءً، وإن لم يكن للرجل شيءٌ ولم يحج فلا يعجبني أن يستقرض ويسأل الناس فيحج به، فإن فعل أو آجر نفسه أجزأه مِن حجة الإسلام".
وأشارت إلى أنه عند مذهب الشافعية أنه إن كان للمقترض وفاءٌ به ورضي المُقرِض فلا بأس بالاقتراض، أما والحنفية جعلوا الاستقراض واجبًا إذا كان المكلَّف قد وجب عليه الحج وفرَّط حتى فاته وَصْفُ الاستطاعة ولو لم يكن قادرًا على الوفاء؛ لتفريطه، أما المالكية فعندهم احتمالان بالتحريم والكراهة إذا لم يكن له وفاء.
وأكدت الإفتاء أنه إذا كان المكلَّف باقتراضه للحج سيُحَمِّل نفسَه أو مَن يعول فوق الطاقة ويعرض نفسه أو مَن يعول للفتن وما لا يقدرون على تحمّله فيترجح في حقه القولُ بالحرمة، أما إن كان تحصيل ما يَسُدّ به الدَّين سيُعَطِّله عن نوافل العبادات ومكارم الأخلاق ومعالي الأمور فيترجح في حقه القول بالكراهة، فإن لم يكن هذا ولا ذاك وكان يغلب على ظنه السداد بلا ضررٍ عليه وعلى مَن يعول جاز له القرض بلا حرمة ولا كراهة.
واختتمت بأنه مع اختلاف الحكم الشرعي باختلاف حال المقترض: فإن الذي يحج من مالٍ اقترضه يكون له ثواب الحج بإذن الله تعالى، وتسقط عنه الفريضة إن كانت حجته هي حجة الإسلام.