السبت 1 فبراير 2025

تحقيقات

خبير شئون أفريقية يوضح ما كانت عليه العلاقات المصرية الأفريقية قبل 7 سنوات.. وما آلت إليه في عهد السيسي (حوار)

  • 8-6-2021 | 00:46

الدكتور عطيه عيسوي خبير الشئون الأفريقية

طباعة
  • محمد عاشور

سنين عجاف شهدتها العلاقات المصرية الأفريقية بداية من عام 1995 عندما تعرض الرئيس الراحل مبارك لمحاولة اغتيال في أديس أبابا، واستمر تدهور العلاقات بعد تنحي مبارك وتولي الرئيس المعزول مرسي إلى أن جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي ليضع الملف الأفريقي في مقدمة أجندته محاولا بذلك إعادة العلاقات المصرية الأفريقية من جديد، وبالفعل نجح في ذلك الأمر الذي قابله مساندة من بعض البلدان الأفريقية للقضية المصرية بشأن سد النهضة.

 

كما وصلت هذه العلاقات ذروتها عندما تولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام،  ناهيك عن زيارة الرئيس السيسي للبلدان التي رأى في زياراتها دفعة للعلاقات بينها وبين مصر، ومن هنا حاورت " دار الهلال " الدكتور عطيه عيسوي، خبير الشئون الأفريقية بمركز الدراسات بالأهرام ليوضح كيف كانت العلاقات المصرية الأفريقية قبل تولي الرئيس السيسي، ومن ناحية أخرى يوضح ما وصلت إليه بعد توليه، وإلى نص الحوار: 

 

** في البداية.. تفسيرك للتطور الذي يشهده الملف الأفريقي في عهد السيسي بعد تدهوره في عصر من قبله؟

الملف الأفريقي يحظى باهتمام كبير ضمن أجندة ملفات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك سواء في دول حوض النيل أو باقي الدول الأفريقية، كما أن هذا الملف بالتحديد حصل على دفعة كبيرة خلال فترة تولي الدولة المصرية رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام، وتمثل ذلك في زيارات السيسي لكثير من الدول الأفريقية وآخرها جيبوتي، وهي أول زيارة من نوعها لرئيس مصري لدولة جيبوتي الواقعة في شرق أفريقيا.

 

**الاهتمام المصري بالدول الأفريقية متعدد.. وضح لنا نواحي التعاون المشترك بين الجانبين؟

الاهتمام المصري متواصل للدول الأفريقية من خلال التعاون الاقتصادي أو التجاري وخاصة مع دول الكوميسا " دول شرق وجنوب أفريقيا "، ولا سيما التعاون الأمني وخاصة مع دول الجنوب الأفريقي ودول الساحل لمواجهة الإرهاب المتصاعد في تلك المناطق، ناهيك عن التعاون العسكري مع بعض الدول الأفريقية حسب احتياجاتها المشروعة لتقوية أجهزة دفاعاها وأمنها، والمشاركة في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية خاصة في مجالات الطرق والمستشفيات والمدارس حتى السد الجديد الذي تقوم بتنفيذه شركات مصرية في دولة تنزانيا، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية التي تقوم بها مصر من وقت لآخر حسب الاحتياجات للدول الأفريقية وخاصة في المجال الطبي ومجال مكافحة الجفاف، وكل هذه المظاهر هي نواحي الاهتمام والتعاون المصري في أفريقيا.

 

** في رأيك كيف كانت العلاقات المصرية الأفريقية في عهد الرئيس الراحل مبارك خاصة في أواخر عهده؟

التعاون المصري الأفريقي خفت قليلا في عهد الرئيس الأسبق مبارك خاصة بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا عام 1995، ولكنه عاد بقوة في عهد الرئيس السيسي باعتبار أن أفريقيا هي المجال الحيوي سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية  أو التجارية لمصر، وبالتالي اهتمت القيادة المصرية بهذا الملف وأعادته إلى مركز الاهتمام بشكل بارز في السنوات الأخيرة.

 

** كيف استطاع السيسي إذابة الجليد الذي غلف العلاقات المصرية الأفريقية في عهد حكم جماعة الإخوان؟

الرئيس السيسي اطلع ودرس الملف الأفريقي من خلال الخبراء بشكل جيد، ووقف على نقاط ضعفه، وحاول إصلاح هذه العقبات وبالفعل نجح في ذلك، ثم قام بزيارة البلدان التي رأى في زياراتها دفعة للعلاقات بينها وبين مصر، كما ستتغلب على العقبات القائمة، ناهيك عن استضافته لكثير من الزعماء الأفارقة في القاهرة، كما استضاف الكثير من المؤتمرات لتنشيط التجارة مع مصر ولتحقيق الأمن خاصة في دول الساحل، بالإضافة لإتاحته فرص عمل للشباب مثل مؤتمر أسوان والذي عقد مرتين بها، ومنتدى الشباب، وأيضا من خلال الإسراع بتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في حالات الجفاف والأوبئة وغيرها من الحالات التي تستلزم التدخل لمكافحة الأمراض المتوطنة وغيرها، كما زاد السيسي المنح الدراسية للأفارقة في الجامعات المصرية تقريبا بنسبة 100%، وكل هذا ساعد في ذوبان ما يراه البعض من جليد غلف العلاقات المصرية الأفريقية في أواخر عهد الراحل مبارك والرئيس المعزول من بعده مرسي.

 

** السيسي لبى احتياجات إنسانية كثيرة للشعوب الأفريقية.. وضح لنا كيف استطاع في الوقت ذاته تحقيق مصالح مصرية في القرن الأفريقي؟

فضلا عن كون السيسي لبى احتياجات إنسانية ومشروعة للشعوب الأفريقية، فهو حقق أيضا لمصر مصالح كبيرة سواء بزيادة الصادرات المصرية للدول الأفريقية أو بفتح المجال بشكل أوسع أمام الشركات المصرية للقيام بمشروعات بنية أساسية في أفريقيا تعود بفائدة كبيرة على العاملين فيها وبطبيعة الحال على مصر من خلال توفير العملة الصعبة في الخزانة المصرية.

 

** ما الدليل على الاهتمام الرئاسي الكبير لتقوية العلاقات المصرية الأفريقية؟

من خلال ما قام ويقوم به الرئيس السيسي تجاه القارة السمراء استطاع كسب أصوات وتعاطف الدول الأفريقية في المنتديات الدولية مع القضايا المصرية والقضايا العربية مثل القضية الفلسطينية، وكل هذا ثمرة لجهود السيسي لا تعتبر مجرد دعايا وتصريحات إعلامية وإنما هو ينفذ ما يقول، كما أن استضافة أكثر من مؤتمر في مصر من أجل تحقيق المصالح الأفريقية الأمنية والتجارية والتنمية الاقتصادية وغيرها كان دليلا على الاهتمام الرئاسي الكبير بتقوية العلاقات المصرية الأفريقية إلى المستوى الذي يليق بها.

 

 ** كيف تستفيد مصر من إعادة العلاقات الأفريقية من جديد؟

العائد من إعادة العلاقات المصرية الأفريقية لن يكون مرة واحدة وإنما سيكون من خلال فتح السوق الأفريقية أكثر أمام شركات المقاولات المصرية لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية الأفريقية، كما أن السوق الأفريقية ما زالت متعطشة لمثل هذه الأمور خاصة وأن حالة البنية الأساسية فيها سواء من مشروعات مياه " صرف صحي وشرب" أو إقامة مستشفيات أو شق ورصف طرق، بمعنى تطوير البنية الأساسية بحاجة إلى جهود كبيرة ولذلك دخلت الشركات الصينية بقوتها لتطوير القارة السوداء، ومن جانبها تحاول مصر أن تحصل على " الكعكة " التي تتناسب مع حجمها وحجم شركاتها، وبالفعل حصلت على كثير منها، حيث يوجد بما يقارب ثلاثين دولة أفريقية شركات مصرية تقوم بتنفيذ مشروعات، وهو ما يعد مكسبا كبيرا للحكومة والشركات المصرية على حدٍ سواء، كما أن العائد الآخر يتمثل في زيادة الصادرات المصرية في السوق الأفريقية بدلا من مناطحة كبرى الشركات في أوروبا وأمريكا واليابان وغيرها، وهذا بطبيعة الحال يشير إلى أن السوق الأفريقية قريبة من المنتجات المصرية، كما أنها تستطيع أن تستوعب كل السلع بمستوياتها المختلفة والتي تناسب أسعارها دخل المواطن الأفريقي.

 

** لماذا يمثل الملف الأمني الأفريقي أحد أولويات مصر؟ وكيف ترى تحسين العلاقات الأفريقية وأزمة سد النهضة؟ 

توثيق التعاون على مستوى حفظ الأمن ملف مهم لمكافحة الإرهاب خاصة في دول شرق أفريقيا ودول الساحل، والذي بدوره يؤثر على الأمن القومي المصري، كما أن مسألة تحسين العلاقات مع الدول الأفريقية وخاصة مع دول حوض النيل يجعل هذه الدول تتعاطف وتساند الموقف المصري المطالب باتفاق قانوي وعادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة خاصة وهذه القضية تشهد تعنتا إثيوبيا واضحا.

 

** أخيرا.. كيف تثمن التأييد الأفريقي لمصر في المنتديات الدولية؟

هناك تأييد من الدول الأفريقية للمواقف المصرية في المنتديات الدولية وخاصة الأمم المتحدة عندما يتطلب الأمر ذلك، وكان من الصعب تحقيق كل هذه الأهداف إن لم تكن هناك علاقات جيدة ورؤية للدول الأفريقية بأنها ستستفيد من علاقاتها مع مصر معنويا وماديا، وبالتالي فأن ما تم من مؤتمرات ومشروعات ومساعدات وغيرها يمهد الطريق لكل هذه الأهداف، ليس فقط للصالح المصري وإنما للصالح المشترك المصري والأفريقي.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة