قال الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، إن جميعُ الأديانِ السماوية دعت إلى احترامِ الإنسانِ وتكريمِه، والعيشِ المشتركِ القائم على التآنسِ والمحبةِ والودِ والتعاطفِ والانسجام.
وأضاف عامر، خلال كلمته بمؤتمر دور الدين في دعم العيش المشترك الذي تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية على مدار يومين، أنَ القيمَ الأخلاقيةَ، مثلُ الكرامةِ الإنسانية، والمساواةِ، والإخاءِ، والعدلِ، والرحمةِ، والعفوِ، والتسامحِ، والتعاونِ على الخير، وقبولِ الآخر، والتنوعِ، من مرتكزاتِ كُلِّ الأديانِ السماوية. ونحن في حاجة إلى ترسيخ هذه القيمِ والمبادئِ والتعاليمِ السماوية، خاصةً بعد انسحابِ أمريكا من أفغانستان وهروبِ أصحابِ الفكرِ المتطرفِ والدواعشِ إليها.
وتابع قائلا:"نحن في حاجةٍ إلى بناءِ الإنسانِ بناءً صحيحًا في مختلف المجالات، بناءً يقومُ على التنوعِ والتعدديةِ والاختلافِ والتسامحِ والعيشِ المشترك. ومعروف أنَّ التنوعَ والتعددَ من صفات المجتمعاتِ الإنسانية، وهذا يكونُ نتيجةَ احترامِ هُوِيَّةِ كُلِّ طرفٍ من أطراف المجتمع، ونتيجةً كذلك للإيمان بالإخاء الإنساني واحترامِ كرامة الإنسان. وهذا يتطلب تطويرَ الخطابين "الديني والثقافي و تضافرَ المؤسساتِ الدينية مع بعضها البعض، ثم تضافرَ جهودِها مع جهود كُلِّ المؤسساتِ المعنية، والتي من بينها: الإعلام، والثقافة، والمجلس القومي للمرأة، ونقابات: الصحفيين، والإعلاميين، والمهن التمثيلية، واتحاد الكتاب؛ وذلك لضمانِ ترسيخِ تعاليمِ التسامحِ والعيشِ المشتركِ والتنوعِ والاختلافِ بشكلٍ صحيحٍ وناجزٍ؛ ولبناءِ الإنسانِ بناءً صحيحًا يرتكزُ على الوعي الرشيد.
وأكد عامر أن وثيقةُ المدينةِ المنورة التي أنشأها الرسول، حين هاجر إلى المدينة لتكونَ دستورًا ينظمُ الحياة في المدينة وبدايةً للدولة المدنية مثالاً متفردًا طُبّق في الواقع العملي كأنموذج للعيش المشترك الذي يقوم على احترام كُلِّ الحقوقِ لكلِّ من يعيشَ في الدولة، كانت هذه الوثيقةُ دستورًا عظيمًا يقومُ على تعظيم المشتركِ الإنساني لكافةِ أهل المدينةِ المنورة على اختلاف معتقداتهم ومذاهبهم. كما كانت أساسًا واضحًا في أنَّ الدفاعَ عن الوطن واجبٌ على الجميع.
ولفت رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، إلى أنَّ الدينَ الحنيفَ يدعو في أهدافه العليا إلى ضرورة البناءِ والإعمارِ، فجعل ذلك الهدفَ من أسباب إيجادِ الحقِّ تعالى للبشر فقال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}، أي خَلَقَكُم من الأرض وكَلّفَكم بعمارتِها، وكيف يُتَصوَّرُ وجودُ العمرانِ الذي هو أساسُ الحضارةِ بدون ترسيخِ معاني التعايشِ وقبولِ الآخرِ مع وجود الاختلافِ لِنَصَلَ جميعًا إلى التعاون والتكامل؟، لذا فإننا نَعتقدُ أنَّ الدينَ يمتلكُ الدورَ الأكبرَ والأثرَ الأعمقَ لتعزيز التعايشِ الإنساني المشترك، ولكنَّ المطلوبَ هو تضافرُ جهودِ الجميع في بيان المعتقدِ الصحيحِ في موضوع التعايشِ ومحاربةِ كُلِّ مَنْ لم يتحمّلْ التعاليمَ الصحيحةَ وأرادَ تصويرَ عقيدتَهُ على أنها نابذةٌ للتعايش مع الآخرين، وهذا يتطلبُ جهدًا كبيرًا من العلماء من كل الأديان وكذلك كلِّ المؤسساتِ المعنيةِ سعيًا إلى زيادة الترسيخِ لمبدأِ العيشِ المشترك.