ناقشت رسالة ماجستير بكلية التربية للطفولة المبكرة – جامعة الإسكندرية بعنوان (فاعلية برنامج يتأسس على الحكى الشعبى المستند على فن الأراجوز لتنمية بعض القيم الأخلاقية لدى أطفال ما قبل المدرسة) قدمتها الباحثة سلمى حمزاوى أحمد سليمان تحت إشراف أ/د هدى إبراهيم بشير أستاذ مناهج الطفل وعميد كلية التربية للطفولة المبكرة، ود/ مروة أحمد عبد النعيم أستاذ مناهج الطفل المساعد كلية التربية للطفولة المبكرة وشارك فى لجنة الحكم والمناقشة أ.د/ جنات البكاتوشى أستاذ مناهج الطفل بكلية التربية للطفولة المبكرة وأ.د/ نبيل بهجت أستاذ النقد والدراما كلية الآداب جامعة حلوان.
وتعتبر هذا الرسالة مهمة جدًا فى مجال التراث والطفولة، حيث أنها تعمل على إحياء التراث وإعادة صياغته وتقديمة لطفل اليوم عن طريق تقديم حكايات السيرة الهلالية باستخدام الأراجوز بهدف تنمية القيمة الأخلاقية لدى الأطفال، خصوصًا أن مرحلة ما قبل المدرسة هى الأهم في تكوين الشخصية الإنسانية، ومن أن فيها تتبلور السمات الأساسية لما ستكون عليه شخصية الطفل في قادم الأيام، يزداد الاهتمام بتربية الطفل تربية متكاملة تشمل النواحي الوجدانية والعقلية والاجتماعية كافة. وهنا يبرز الحكى الشعبى كواحد من أهم الأدوات كوسيلة لتعليم الطفل، وتربية وتطوير مداركه في مختلف المراحل، ولاسيما مرحلة ما قبل المدرسة، ويستخدمها بعضهم بهدف تصحيح سلوك الطفل، وتفعيل نشاطه.
وللحكى الشعبى أهمية كبري في تنشئة الطفل، حيث أن الاهتمام بالتُراث للطفل يحقق نوعاً من التوزان بين ماضيه، وحاضره ويحقق التواصل بينهم، كما يزود الطفل بالنماذج الصالحة التي تُسهم في تقويه مشاعر انتمائه، ويدعم عاطفة الولاء لبيئته، وقد ينطوي علي ذخيرة من القيم الإيجابية التي تفيد في تنشئة الطفل.
ويعتبر الحكى الشعبى من أهم الوسائل التعليمية التى لجأت إليها المجتمعات لغرس القيم الأخلاقية وذلك لان الحكى الشعبى من أحب أنواع الفنون للأطفال فهم يخبونها ويتلقونها بحماس ويتجاوبون مع الأبطال ويفرحون لانتصارها.
فاعلية الحكايات الشعبية تأتي في تحقيق احتياجات البشر منها معرفة جذورهم وأصولهم وتاريخهم، وتقديم التجارب الإنسانية، والإجابة على عشرات من الأسئلة التي تطوف بذهنهم، لذا يجدر بنا أن نجعل الحكايات الشعبية من محاور التربية.
كما تظهر أهمية الحكاية الشعبية للطفل بقوله أن الحكاية تثري معرفة الطفل من خلال الأدوار التي يمارسها في طفولته سواء بالمشاركة، أو التقليد، أو بالتوحد مع نماذج، وأيضاً تُنمي حاجته للانتماء من الاعتراف العاطفي، والاجتماعي بهذه الذات، ويحقق الطفل هذه الحاجة من خلال النماذج التي يتوحد بها في طفولته، و يشكلون له النموذج، و المثل الأعلى (الوالدان – المدرسون - الأصدقاء – الأبطال).
لذلك من الهام جدًا تربية الطفل في إطار تراثنا، وقيمنا هو أنسب السبل لتنمية العديد من القيم في هذه المرحلة؛ لذا فالوعي بالتراث و الدور التاريخي له ؛ يدفعنا للغوص في تراثنا بحثاً عن اللآلئ فإذا عثرنا عليها أزلنا من عليها القشور، وتقنياها لكي تلمع و تتألق، والحكى الشعبى جزء هام من تراثنا الأدبي ويحفل بالعديد من القيم الأخلاقية التي لها شأن في تربية طفل ما قبل المدرسة. ويعد الأراجوز من أهم الموروثات الشعبية المصرية كما يعتبره البعض من الفنون القديمة الشيقة والمحببة إلى قلب ووجدان الطفل، وكانت منتشرة انتشارًا كبيرًا في ربوع مصر من أقصاها إلى أقصاها، حيث كان يطوف لاعبو الأراجوز شوارع وحواري القرى والمدن، لعرض فقراتهم على الناس مقابل قروش قليلة، يحصلون عليها من الجمهور مقابل استمتاعهم بتلك العروض .
ويعتبر فن الأراجوز الذي أبدعته الفنان الشعبي، قاد فيما بعد لمسرح العرائس، وسبق فن الكارتون والصور المتحركة الذي نشاهدها اليوم على التلفزيونات، ورغم ذلك لا زالت فقرة الأراجوز هي الفقرة المحببة للأطفال في أي حفل يحضرونه خاصة بهم.. ولكن للأسف هذا الفن العريق بدأ يندثر نوعًا ما وهذا ما دعا اليه اجتماع اليونسكو لتسجيل الاراجوز فى قائمة الحفاظ العاجل للتراث الثقافى غير المادى. وأيضا تسجيل السيرة الهلالية فى عام 2008 فى قائمة الصون العاجل للثراث الثقافى غير المادى.
وهذا ما دفع الباحثة لاختيار الأراجوز والسيرة الهلالية كمبادرة لإحيائه والحفاظ عليه، واختيار السيرة الهلالية لأنها تعتبر ملحمة شعبية أقرب إلى ذاكرة الناس تتميز بطابع شمولى وبطولى، تتباين فيها الأحداث والوقائع والمواقف التى تمثل الحياة الاجتماعية للطفل.
ولكن تم تقديمها بعد عمل إعادة كتابة وصياغة للسيرة الهلالية بأكملها وإزالة القيم السلبية والخرافات منها والتركيز فقط على القيم الإيجابية وإعادة كتابتها بطريقة بسيطة سهلة ومرحة تتناسب مع أسلوب عرض الأراجوز، ولكى أيضا تتلائم وتتناسب أن تقدم لطفل اليوم.
وتم تطبيق برنامج الرسالة بعمل 18 عرض للأراجوز المصرى يتضمن العرض 18 حكاية شعبية من حكايات السيرة الهلالية تقدم من خلالها ال 12 قيمة أخلاقية، التى حددها خبراء التربية ومناهج الطفل، وقد أقيمت هذه العروض بالمركز التربوى للطفولة المبكرة احدى المدارس المنتسبة لليونسكو بالإسكندرية، وأعجب الأطفال بشدة بالعروض وتفاعلوا معها وتركت اثر كبير فى تعليمهم القيم الأخلاقية فالعروض قدمت مواقف أخلاقية وحكايات اجتماعية كلها قريبة لحياة الطفل اليومية بأسلوب الأراجوز السلس البسيط المرح وصوته المميز الذى جذبهم للاستماع إليه والتفاعل معه إلى جانب حكايات السيرة الهلالية المقدمة بشكل جديد جميل وجذاب وسهل للطفل أن يتعلم من خلاله.
ومن خلال هذا العرض البسيط لعلاقة التراث عامة، والحكى الشعبى خاصة بتعليم ودراسة القيم الأخلاقية ظهرت هذه الدراسة لقياس اثر استخدام الحكى الشعبى المستند على فن الأراجواز لتنمية بعض القيم الأخلاقية لدى أطفال ما قبل المدرسة .