تحل اليوم، الذكرى الخامسة عشر لرحيل الأديب العالمي والأستاذ كما يلقبه الكثير من الأدباء والمؤلفين والكتاب في الحركة الثقافية المصرية والعربية نجيب محفوظ، حيث رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2006، والذي رحل جسدًا فقط وبقي معنا بكل ما خطه بقلمه في الأدب المصري والعربي فأصبح أدبيًا عالميًا، فظل وسيظل باقيا في حياتنا الفكرية والثقافية، وكذلك الفنية، علامة وأيقونة تشهد دائمًا على التفرد والتميز.
والتقت بوابة "دار الهلال" مع الشاعر والمؤلف المسرحي الدكتور سيد عبد الرازق، ليقدم لنا شهادته عن ملامح أدب نجيب محفوظ، ودوره في الأدب المصري والعربي والعالمي.
وقال الدكتور سيد عبد الرازق، في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال": "نجيب محفوظ ليس ذلك الذي يقدمونه مختزلًا في جائزة نوبل، إنه حركة الرصد التي أرّخت للمجتمع المصري بحاراته الشعبية، ببيئته المتوغلة في التفاصيل الدقيقة، بروحه الشجيّة الضاحكة الساخرة، بجراحاته وآلامه، بتاريخه منذ سكن ضفاف النيل إلى لحظتنا الآنية، نجيب ابن القاهرة القديمة وابن الطبقة الوسطى، تلك التركيبة المشحونة بعبق التاريخ وتفصيلاته وتعقيداته ورموزه وأفكاره، نجيب ابن الفلسفة؛ فلسفة المؤهل الأكاديمي والحارة المصرية، الحارة التي شهد فيها وهو ابن السبع سنوات زخم ثورة 1919 ليكون أول ما يدرك هو قيمة تراب هذا البلد التي تزداد قدر ما ترويه دماء أبنائه الذين يناهضون الذل ويرفضون التبعية والاستعباد، الصحفي والقاص والروائي وكاتب السيناريو، الأديب الذي حاولوا قتله بعد نوبل فلم يمنح إلا الخلود وبقائه وزوال راصديه، إن نجيب يمكن أن يُدعى مؤرخًا وفيلسوفًا وعالم اجتماع ويمكن أن يُدعى سياسيًا أيضًا، لكن أبدًا لا يمكن اختزاله في نوبل، وإن كان من الممكن أن يُدمج ذلك كله في كلمة "مصري".
وأوضح: "كان أول ما التقيت به من كتابات محفوظ في سن مبكرة رواية تاريخية منهجية وهي كفاح طيبة، أدهشتني قدرته على محاكاة التاريخ المصري وسرده بهذا الشكل، فبحثت عن مثيلاتها، ووقعت عيني على رادوبيس، ثم في مرحلة الجامعة كان الاحتكاك الأكبر بعالم محفوظ الروائي والسينيمائي على السواء واسترعتني الضجة حول: أولاد حارتنا، ثم الثلاثية، ثم أحاديث الصباح والمساء، ميرامار، القاهرة 30، وغيرها، كان أهم ما يشغلني التقاطه للشخصية وتصويرها، السيد أحمد عبد الجواد، عاشور الناجي، محفوظ عبد الدايم، وغيرها، وربما كان لهذا أثره فيما بعد، ورأيت محفوظ ينعى نفسه في أجزاء من أحلام فترة النقاهة، خاصة ذلك الحلم الذي تحدث فيه عن جمال مكان ما بورده الأبيض، والذي جمع أصدقاء العمر الراحلين بمن لا يزالون على قيد الحياة وكأنها رحلة برزخية كل منهم يرى طريقه فأحدهم يراها النهاية والآخر يراها قبسا من الفرج، والثالث يقول لا مفر من الحساب، وكأن نجيب يصور ما يدور في رأسه دون مواربة ويعمد إلى الحلم حتى وإن وقف على حافة الرحيل، ذلك النوع من الرحيل الذي تفنى فيه الأجساد وتخلد الأحلام.
جدير بالذكر أن الدكتور سيد محمد عبد الرازق هو شاعر وكاتب مسرحي مصري، حصل على جائزة البردة في فئة الشعر الفصيح مرتين، وجائزة الأمير عبد الله الفيصل العالمية في مجال الشعر المسرحي سنة 2020، وجائزة الشارقة للإبداع العربي في مجال المسرح 2021.