أوصيك بقراءة رؤية "توماس فري" أحد خبراء استشراف المستقبل البارزين، فالوظائف المشمولة برؤيته فعالة لجيل ألفا المولود بعد عام 2010، سليمان الكعبي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة استشراف المستقبل بـ"أبو ظبي"، يقدم تقرير توماس بشأن استشراف المستقبل عام 2040 قائلًا: "حقيقة الأمر أن التكنولوجيا ستوجد وظائف أكثر من تلك التي ستقضي عليها، فكما سيتلاشى كثير من الوظائف الحالية، ستسهم التكنولوجيا مباشرة في إيجاد وظائف جديدة، وفقًا لتقرير شركة ماكنزي، فإن ثلث الوظائف الجديدة التي نشأت في الولايات المتحدة خلال الخمس والعشرين سنة الماضية، لم تكن موجودة من قبل في مجالات تتضمن تطوير تكنولوجيا المعلومات، وتصنيع الأجهزة، وإنشاء التطبيقات، وإدارة نظم تكنولوجيا المعلومات".

ما الوظائف المتوقع سطوتها على سوق الأعمال عام 2040؟.. منها الوظائف المتعلقة بعالم الروبوتات، فمن المتوقع بحلول عام 2040 ألا تكون الروبوتات حكرًا على الأغنياء والمهووسين بالتكنولوجيا فقط، وإنما ستندمج وقتها في حياة عموم الناس اليومية، وإلى حد أن يمتلك كل منهم روبوتًا خاصًا به، لا تندهش، منذ أكثر من عشرين عامًا، لم يكن أحد يتخيل، أن يمتلك كل منا، تليفونًا محمولًا خاصًا به، يؤكد التقرير بأنه يُتوقع في هذا الوقت بعد عشرين عامًا من الآن، أن تشاهد الروبوتات من حولك في كل مكان، وهي تؤدي أدوارًا متنوعة في قطاعات عديدة، وهو ما سوف يفتح آفاقًا جديدة للمهن المرتبطة بها.
بعد الروبوتات، يأتي التقرير بعالم البيانات الضخمة، كأحد المجالات المتوقع أن تستحدث تخصصات ومهن جديدة مرتبطة بها، ومن هذه البيانات ما يُتوقع أن يغير كيفية علاج الأطباء للأمراض، وتوقع موظفي الإغاثة للكوارث الطبيعية واستجابتهم لها، وكذلك قياس الشركات لرغبات المستهلكين، وبخلاف أن أجهزة المدن والحكومات يُتوقع أن تكون أقدر وقتها على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من البيانات الضخمة المتاحة لها، الأمر الذي يعزز من أسلوبها في تصميم السياسات وتنفيذها، مما ينعكس بصورة إيجابية على سعادة أفراد المجتمع، في هذا الوقت يُتوقع أن يزيد الطلب على المتخصصين في علوم البيانات، ومحققيها ومستخرجيها ومراقبيها والمتخصصين في أمن المعلومات، وكذلك وكلاء ووسطاء البيانات.
من هذه المجالات أيضًا مجال تصميم أجهزة ومستلزمات وبرامج الاستشعار عن بعد، ومعه قطاع الفضاء خاصة وأن هناك تطور ملحوظ في مجال صناعة الفضاء، ويرتبط به مجال التعدين الفضائي، ومجال توليد الطاقة عن طريق الاندماج النووي، وطب الجينوم، حيث يُتوقع مع حلول عام 2040، أن يستطيع جميع الأشخاص الحصول على تسلسل جينومي خاص بهم، للتمتع بفهم أفضل لطفراتهم الجينية وميولهم للإصابة بأمراض محددة، أيضًا أنظمة التنقل الذكي عبر الأنابيب (الهايبرلوب) من المجالات المتوقع أن تستحدث وظائف خاصة بها، وهي مستوحاة من أفلام الخيال العلمي، ومن أخطر المجالات مجال الحوسبة الكمومية، القائمة على أجهزة حاسب متناهية الصغر عالية الكفاءة ومحدودة الاستخدام. 
أضف إلى هذه المجالات، الواقع الهجين المختلط مع الخيال، وزراعة مختلف أنواع اللحوم مخبريًا، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء والمنازل المتناغمة، وأنظمة التعلم الذكي المرتبطة بالروبوتات التعليمية المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وفي كلٍ من هذه المجالات المتعددة المذكورة تباعًا، يسرد تقرير وظائف 2040، قائمة بالمهن وفرص العمل الوظيفية المتصلة بها، والمتوقع أن يزيد الطلب عليها في هذا الوقت بعد عشرين عامًا من الآن، التقرير في مجموعه شيق وغني بالمعلومات، ويلفت الانتباه بقوة إلى ضرورة التخطيط لمستقبل أطفالنا المهني من الآن، وهو ما يرفع من قيمة علم استشراف المستقبل، منذ سنوات نردد أن المستقبل يبدأ الآن، وقد آن أوان أن نبدأ من المستقبل.