الأحد 16 يونيو 2024

دعم السيسى وراء علاج مليون مريض من فيروس «سي»

24-5-2017 | 14:48

بقلم: د. وحيد دوس

تصدرت مشكلة فيروس «سي» في مصر أولويات القطاع الصحي من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي وكان لهذه الاهتمام دور أساسي في تحقيق الإنجاز الذي وصل إليه البرنامج القومي لمكافحة فيروس سي وما وصلنا إليه من إشادات دولية سواء بنجاح البرنامج أو بدعم القيادة السياسية له وكان لهذا الدعم دور أساسي في تحرك كل الجهات المعنية وتنسيق الجهود فيما بينها تحت لواء مبادرة الرئيس لعلاج مليون مصري من مرضي فيروس «سي» بالاعتماد علي الأدوية الحديثة خاصة مع اعتبار مشكلة فيروس «سي» مشكلة قومية والمشكلة الصحية الأولي وكانت هذه انطلاقة وبداية لحشد كل الجهود .

تم اكتشاف الفيروس الكبدى (C) في عام ١٩٨٩م طبقا لأرقام وإحصائيات منظمة الصحة العالمية ، ويصيب على الأقل ١٧٠ مليون إنسان على مستوى العالم .

ويعتبر الفيروس الأعلى انتشارا فى مصر مقارنة بالدول الأخرى التى لها نفس السمات البيئية ، والاقتصادية ،والاجتماعية و يمثل تهديدا صحيا حقيقيا إذ يصيب نحو ٧٪ من السكان طبقا للمسح الطبى فى عام ٢٠١٥ . ويعتبر مسئولا عن ٨٥-٩٠٪ من حالات الفشل الكبدى وأكثر من ٩٠٪ من حالات أورام الكبد الأولية .

وبعد الإصابة بالفيروس يستغرق تطور مرض الكبد حوالي ١٥ سنة ، وربما تمر ٣٠ سنة قبل أن يضعف الكبد بالكامل أو يظهر التليف أو الخلايا السرطانية ، لذا يطلق عليه “القاتل الصامت” . فيروس ”C“ لا يعطي إشارات سهلة التمييز أو أعراضا ، فالمرضى يمكن أن يظهروا بشكل صحي سليم ، لكنهم مصابون ويصيبون الآخرين . وطبقا لمنظمة الصحة العالمية، نسبة الحالات التي تتحول من التهاب حاد إلى مزمن تقدر بـ ٧٠٪ - ٨٥٪ , وأن نسبة ٣٠٪ منها تتحول إلى التهاب كبدى مزمن من الدرجتين المتوسطة والشديدة ومنهم حوالي ٢٠ بالمائة يصابون بتليف كبدي ومضاعفاته خلال ١٠ سنوات أو أكثر، وأهمها سرطان الكبد وتعتبر أمراض الكبد وفى مقدمتها الالتهاب المزمن نتيجة الإصابة بالفيروس (C) أحد أهم أسباب الوفيات فى مصر إذ تمثل حوالى ١٠ – ١٥ ٪ من إجمالى الوفيات سنوياً .

علاج الالتهاب الكبدي (C)

شهدت العلاجات الدوائية لفيروس ”C“ قفزات عملاقة في العقود الماضية إذ تطورت العقاقير بداية من العلاج بالانترفيرون قصير المفعول فى بداية التسعينات من القرن الماضي والذي لم تتعد نسب الاستجابة له (١٠٪ - ٣٠٪) ثم اكتشف الانترفيرون ممتد المفعول والذي أدى استخدامه لتحسن نسب الاستجابة لتصل إلى (٤٠٪-٦٠٪) اعتمد العلاج بالانترفيرون ممتد المفعول عقارا أساسيا لعلاج مرضى فيروس (C) بمصر في بداية القرن الحادى والعشرين, ولكن نظرا لارتفاع ثمنه وآثاره الجانبية فإن تواجده كعقار لفيروس ”C“ لم يكن مؤثرا في الخريطة العلاجية للمرض بمصر .

وفي بداية عام ٢٠١٤ أدارت اللجنة القومية ملف التفاوض مع الشركة الأمريكية المنتجة لعقار السوفوسبوفير (السوفالدي ) ونجحت في الحصول عليه بما يعادل ١٪ من ثمنه العالمي , وكان دخول عقار السوفالدي الى وحدات علاج اللجنة القومية طفرة نوعية في علاج فيروس ”سي“ بمصر ، إذ أدى الى إدراج آلاف المرضى الذين لم يصلح لهم الأنترفيرون إلى منطقة العلاج الآمن ، وأدى الى ارتفاع ملحوظ بنسب الشفاء تجاوز الـ ٩٠٪ , تلى ذلك نجاح اللجنة القومية في إدخال العديد من العقاقير الأخرى التي أدت إلى تطوير نسب النجاح للعلاج والوصول بها لأعلى المعدلات مثل ( الأوليسيو ، الداكلانزا ، الكيوريفو، الهارفوني ) وتم توفيرها جميعا بسعر ١٪ من ثمنها العالمي , أيضا حرصت اللجنة القومية على تشجيع إدخال مثائل الأدوية للسوق المصري والتي خلقت جوا تنافسيا أدى لمزيد من تخفيض الأسعار الأمر الذي انعكس بدوره على تخفيف أعباء الموازنة العامة بشكل كبير وعلاج قاعدة أكبر من المرضى في وقت أقصر وبتكلفة أقل .

وفى منتصف عام ٢٠١٤ ومع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم كان أحد بنود برنامج سيادته الانتخابي هو علاج مليون مريض مصرى باستخدام أدوية فيروس (C) الحديثة التى تحقق نسبة شفاء تتجاوز ٩٥٪ وقد تحقق ذلك بالفعل من خلال المحاور التالية :

أولا : توفير جميع أدوية فيروس (C) العالمية فى مصر بسعر يقل عن ١ ٪ من السعر العالمى ثانيا : تشجيع شركات الأدوية المصرية على إنتاج مثائل الأدوية العالمية بسعر مخفض للغاية حيث تبلغ تكلفة العلاج للمريض الواحد فى مصر حالياً حوالى ١٥٠٠ جنيه مصري مقارنة بـ ٩٠ ألف دولار فى دول أوربا والولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك بالتزامن مع اتخاذ كافة الإجراءات التى تضمن كفاءة الأدوية المحلية فى علاج فيروس (C) .

ثالثا : افتتاح وحدات علاج جديدة بجميع أنحاء الجمهورية تتبع اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية وكذلك تدعيم مراكز هيئة التأمين الصحى لضمان وصول العلاج للمرضى المحتاجين إليه.

رابعا : علاج جميع المرضى المصابين على نفقة الدولة أو التأمين الصحى مع تخفيض فترة انتظار المرضى للحصول على العلاج , ويقدر عدد من تم علاجهم من مرضى فيروس (C) بالأدوية الحديثة منذ بداية العلاج فى أكتوبر ٢٠١٤ حتى تاريخه ما يزيد على مليون مريض بنسبة شفاء تزيد على ٩٥٪ .

خامسا : تدعيم البرنامج القومى لمنع العدوى بالفيروسات الكبدية وذلك من خلال المراقبة الفعالة لإجراءات مكافحة العدوى داخل المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة .

سادسا : البدء فى إجراء مسح قومى لفيروس (C) فى مصر مع توجيه الأولوية لبعض الفئات (العاملين فى الحقل الطبى ، الطلاب المتقدمين للالتحاق بالجامعات ، مرضى الأقسام الداخلية بالمستشفيات ، المترددين على المعامل المركزية بالوزارة ، أهالي المرضي الذين تم علاجهم .......... ).

وقد أشادت هيئات دولية عديدة على رأسها منظمة الصحة العالمية وكذلك جميع أطباء الكبد فى العالم فى المؤتمرات الدولية بالبرنامج المصرى فى التصدى لفيروس (C) وطالبوا بتعميم هذا البرنامج الناجح فى دول العالم التى تعانى من فيروس (C) .

الآمال والتطلعات

استكمالا للنجاح الذي يسير به البرنامج المصري لمكافحة فيروس سي والذي دعمه بشدة الرئيس عبد الفتاح السيسي , نتمني ونعمل جميعا على تحقيق عدة عناصر من شأنها مزيد من التقدم في البرنامج المصري لعلاج فيرو سي وهي : الوصول بمعدلات الإصابة بفيروس ”C“ إلى أقل من ١٪ مثل كثير من دول العالم المتقدمة , أيضا تقليل معدلات الإصابة بالمضاعفات الناتجة عن الإصابة المزمنة بالفيروس , ومن المهم أيضا خلق بيئة آمنة لا تساعد على انتشار الفيروس بين الأفراد , كذلك سن القوانين التي تجرم التساهل فى نقل فيروس ”C“ , وتبقي مسألة مهمة وهي سن القوانين التي تمنع التمييز ضد مرضى فيروس ”C“

لم يكن من الممكن تحقيق هذا الإنجاز الكبير فى القضاء على فيروس (C) فى مصر لولا الدعم الكبير والمتابعة الدائمة من فخامة رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسى .