الجمعة 31 مايو 2024

باحث عن واقعة "أسجد لكلبي وصلِ له": الاحتقار يحطم النفسيات

إهانة الممرض

دين ودنيا12-9-2021 | 14:14

محمد زيدان

أثارت جملة "أسجد وصلِ لكلبي"، التي صدرت من أستاذ ورئيس قسم العظام بجامعة عين شمس، استهجان واستنكار رواد مواقع التواصل الإجتماعي،قائلين إن الدكتور المذكور نسي البالطو الأبيض ودنسه حينما نسي كل اعتبارات الرحمة والإنسانية وتجبر وتعالى على البشر وظن أن مركزه وسلطاته  الوظيفية  سيستعبد بها الناس وقد خلقوا أحرارا. 

وفي هذا الشأن قال الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور خلف مسعود، إن الدين تحدث فى وضوح عن تكريم الله للإنسان فقال تعالى(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا))

فهذه الآية تدل على مدى تكريم الله للجنس البشرى ومدى اهتمامه سبحانه وتعالى بهذا الجنس ومدى تفضيل الله له على كثير من مخلوقاته سبحانه وتعالى.

ثم إنه سبحانه - والكلام لخلف -  فى كتابه نهانا نهياً قاطعاً عن أى تقليل أو تحقير أو ازدراءٍ للإنسان حتى وإن كان هذآ مجرد سخرية فقال سبحانه(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

ففى هذه الآية ينهانا ربنا عن السخرية والتهكم والاستحقار والتصغير للإنسان فما بالك باهانته واستباحة كرامته واذلاله واراقة ماء وجهه وجعله واسرته واهله مادة للتسلية والسخرية.

وتابع المفكر الإسلامي أما لو ذهبنا إلى سنة الحبيب المصطفى صلوات ربى وتسليماته عليه نجده قد وضع سياجاً شديداً حول كرامة الإنسان فقال(كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه) فهذا الحديث واضح الدلالة عن حرمة الدم والمال والعرض والكرامة مظهر من مظاهر العرض وفى الحديث يوضح النبى ان الإنسان حينما يحقر من أخيه الإنسان فإنما يكتسب شرا كفيلا وحده أن يورده المهالك فى الدنيا والاخرة، وانظر اليه صلوات ربى وتسليماته عليه وهو يهب واقفاً عند مرور جنازة يهودى فقال له الصحابة انها أى الجنازة ليهودى فاذا بالنبى يقول لهم مامعناه إن قيامه ليس من أجل دينه ولا عرقه ولا لونه إنما قيامه احتراما لانسانيته لكونه إنسانا، قال لهم (أليست نفساً).

اذا كان هذا الاحترام والتقدير لميت ليس مسلم فما بالك بالحى، والطاعن فى السن، والطاعن فى السن وهو أب لأولاد وزوج، والله إن هذه لهى الجاهلية فى أوضح صورها ، وهذه هى الجاهلية التى قصدها الحبيب المصطفى وهو يوبخ ابا ذر يوم أن حقر من رجل عادى وقلل منه واحتقره ((لَقِيتُ أبَا ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ، وعليه حُلَّةٌ، وعلَى غُلَامِهِ حله، فقلت له اتلبس حلة وخادمك حلة مثل حلتك .. فقال إنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بأُمِّهِ، فَقالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا ذَرٍّ أعَيَّرْتَهُ بأُمِّهِ؟ إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ.

وتابع الدكتور خلف: الاحتقارُ داءٌ يُحطِّمُ النفسياتِ، ويكسرُ القلوبَ، ويُعيقُ الطموحَ، ويمزِّقُ العلاقاتِ، ويُفرِّقُ المجتمعاتِ،  فكم من طفلٍ صار ضحيتَه، وكم من شابٍ تجرَّع ويلاتِه، وكم من كهلٍ تأذى به في مسيرةِ عُمُرِه، يتشفُّى به الفاشلُ، ويُنَفِّسُ به الحاقدُ عن نفسِه، ويصْرِفُ به الجاهلُ الأنظارَ عن جهلِه، ولا يمارسُه ويتعاملُ به؛ إلا شخصٌ صَفِيْقُ الوجهِ، غليظُ الكبدِ، مُشبَعٌ بداءِ العجبِ، منغمسٌ في وَحَلِ الغرورِ.

وكم في المُحتقرينَ من عظماءٍ وأجلّاءٍ عند اللهِ، وكم فيهم مِنْ أفذاذٍ وفضلاءٍ، وكم فيهم من أصحابِ مواهبَ وملكاتٍ وقُدُراتٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ أشعثَ أغبرَ ذي طِمرَينِ ، مُصفَحٌ عن أبوابِ النَّاسِ ، لو أقسمَ على اللهِ لأَبرَّهُ"