صدر حديثًا عن الهيئة العامة للكتاب، برئاسة الدكتور هيثم الحاج علي، ضمن سلسلة تاريخ المصريين التى يشرف عليها الدكتور أحمد زكريا الشلق كتاب "الأحكام العرفية والمجتمع المصري" للكاتبة بسنت أسامة أبو الوفا.

وتكمن أهمية الكتاب في تناوله موضوعا مهما في الفترة الأهم في تاريخ مصر المعاصرة، وهو موضوع الأحكام العرفية والمجتمع المصري في فترة الحرب العالمية الأولى وثورة 1919، تلك الفترة التي وظفت فيها بريطانيا الأحكام العرفية وغيرها من الإجراءات الاستثنائية توظيفا جادا لتسخير إمكانات مصر الخدمة مجهودها الحربي، في حرب كانت تسعى فيها الدولة العثمانية في سنواتها الأخيرة لاستخدام مصر لإرباك حسابات إنجلترا المنطقة إبان تلك الحرب التي قررت خوضها منذ البداية إلى جانب ألمانيا وحلفائها.

وهي الفترة التي سعت فيها بريطانيا أيضا لاستخدام تلك الأحكام للسيطرة على ثورة الشعب المصري في عام 1919، تلك الثورة الأهم في المنطقة، والمستعمرات البريطانية على الإطلاق، نظرا لأنها لم تكن ثورة تهدد مصالح بريطانيا ومشاريعها المستقبلية في مصر فحسب، بل كانت تهدد المشروع الاستعماري البريطاني في المياه الشرقية برمته.

ومع امتداد واتساع جغرافية ساحات القتال في الحرب العالمية الأولى، بشكل هدد في المقام الأول مصالح بريطانيا في إمبراطوريتها المترامية الأطراف، وجدت بريطانيا نفسها في مأزق شديد، في حرب جاءت بعد أن تبلورت التكتلات الدولية أو بالأحرى الأوروبية.

وبلغ سباق التسلح مبلغه من الخطورة بين تلك الدول، فأمام حرب مكلفة بهذا الشكل لم تجد بريطانيا إلا الاتجاه إلى مستعمراتها، وتحميلها جزءا من تبعاتها، وخاصة المستعمرات الأهم والأغني، والتي كان من بينها الهند ومصر التي كان وضعها مختلفا بحكم منازعة الدولة العثمانية للوجود البريطاني فيها – ولو اسما – منذ احتلالها في عام 1882 م؛ لهذا اهتمت إنجلترا بتحديد مستقبل مصر قبيل اندلاع الحرب العالمية، التي كانت المؤشرات تشي بقرب وقوعها.