الجمعة 27 سبتمبر 2024

حوادث الانتحار.. لماذا انتشرت وكيف تحمي من حولك منها؟

مشكلات الانتحار

تحقيقات30-9-2021 | 23:00

مؤمن سيد

لم تعد تطلع شمس يوم جديد دون سماع خبر انتحار شاب فقد الأمل في حياته أو عامل أهلكته الديون، وأخذت الظاهرة تنتشر فلم تفرق بين غني وفقير أو متعلم وجاهل، آخر ضحايا الانتحار اليوم سيدة ألقت نفسها أمام قضبان المترو لتلقى مصرعها وسط ذعر الركاب، فما الذي يدور بأذهان المنتحر؟ أي قوة تدفع المرء ليس فقط لإيذاء نفسه بل التخلص من الحياة بالكامل؟ هل يكون الانتحار مسئولية المجتمع أم الأسرة أم الفرد وحده؟.


أسباب الانتحار
يقول الدكتور علي النبوي استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن من أهم أسباب زيادة الانتحار هذه الأيام هو تكثيف الإدراك على الفكرة حيث أنها أصبحت ترند بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تتداول تلك المواقع أخبار الانتحار باستمرار، وبالتالي تحدث ظاهرة التضخيم النفسي، وهذا ما يجعل الموضوع يشغل مساحة أكبر من حجمه، بينما مواضيع أخرى مهمة لا يتحدث عنها أحد، وهذا ما يسبب أخطاء وتشوهات معرفية، وهو أمر خطير خاصة لموضوع بأهمية الانتحار، وتابع دكتور علي إن التوعية تعني الوقاية أما ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام من التحدث فقط فهذا يزيد من نسب الانتحار.
ومن الناحية النفسية عادة ما يقصد الابن أو الابنة جذب انتباه المحيطين من الأسرة وجذب تعاطفهم، مثل أن تهدد الابنة ببلع أقراص من أي دواء، وتذهب بها الأسرة إلى أقرب مستشفى سموم، أو أن يقوم الابن بجرح معصمه دون أن يقطعه بشكل كامل، كل ذلك فقط من أجل لفت الانتباه والشعور بالذات، وللأسف قد ينفلت الموقف وتحدث الوفاة، وأوضح أن الشاب يمر باكتئاب أو قلق وهي ردود فعل غير ناضجة تجاه مشكلات الحياة، بينما الشخص الناضج يواجه كل مشكلة بالقدر المناسب لحلها، فيكون دائما الحل في يد الأسرة لتنشئة شاب ناضج يستطيع الاعتماد على نفسه.


وتابع استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن من أهم أسباب الانتحار هي اضطراب المزاج الذي قد يؤدي إلى الاكتئاب الشديد، قد يفقد الفرد فيه كل ما يربطه بالحياة من آمال وطموحات وأمنيات وهوايات، ويفضل الذهاب لعالم آخر، وقد يكون اضطراب مزاجي ثنائي القطب الذي يحدث في مواسم معينة خاصة بين الصيف والشتاء، وأكد أن أهم أسباب زيادة الانتحار هو نقص الوازع الديني، لأن الوازع الديني هو الذي يحمي الفرد من الانهيار النفسي ويعطيه الطمأنينة والهدوء، وهذا ما يحدث كثيرا عندما يعيش الفرد في رفاهية لدرجة أنه يفقد لمعنى الحياة وماهيتها، حيث قد يهتم الآباء بجمع المال وإنفاقه على الأبناء دون غرس قيم ومبادئ روحية فيهم.


كما أضافت دكتورة الطب النفسي وفاء محمد فتحي أن حالات الانتحار تكثر بين طلاب الثانوية العامة بسبب ضغط المجتمع عليهم، لأن ثقافة المجتمع ترى كليات القمة ولا حياة بعدها، فيعيش الطالب في ضغط إما كليات القمة أو لا شيء، فإذا فشل في الوصول إليها أقدم على الانتحار وكره الحياة، فيجب تغيير ثقافة المجتمع في هذا الصدد، وأوضحت أن الشباب بعد هذه المرحلة قد يمر بضغط آخر، وهو عدم الشعور بالانتماء والشعور بغياب الهوية، فيشعر بالإحباط والضغط النفسي كلما فشل في تحقيق أهدافه، وفي بعض الأحيان عجزه عن تحديد أهداف له في الحياة.


كما أوضحت أن الأسرة هي العامل الأهم في التأثير على نفسية الشاب، فالتنشئة السليمة هي القادرة على القضاء على هذه الأزمة، ولكن للأسف تترك الأسرة الأبناء للاستخدام المستمر لمواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الإلكترونية، وكذلك الرقابة مهمة على الألعاب الإلكترونية أو المحتوى الذي يشاهده الطفل منذ صغره، لأن المحتوى العنيف قد يزرع في تفكيره فكرة الانتحار.


سبل التصدي للانتحار
في صدد التصدي لأزمة الانتحار يقول الدكتور علي النبوي أن الحل يبدأ من التنشئة السليمة والصحية، فالأسرة عليها أن تنمي طفلا قادر على الاعتماد على نفسه، وليس طفل اعتمادي يتكئ على أبويه لحل مشكلاته، فمثلا الطفل الذي تذهب أمه معه للمدرسة لحل مشكلة له مع زميل يضايقه، أو حتى مع معلم يؤنبه لن يعرف كيف يحل مشكلاته في المستقبل مع مدير يضطهده، فعلى الأسرة أن تترك الطفل يحل مشكلاته بنفسه، وتدعمه الأسرة بالنصيحة فقط وتنمية المهارات.


وأوضح أن أهم مانع من الانتحار هو إضفاء المتعة على الحياة، فلا يتمسك المرء بالحياة إلا بسبب ما يجعله يستمتع من صداقة وأمل وهوايات وصلة رحم، أن الوازع الديني أهم شيئ، فكل الأديان تنهي عن إيذاء النفس، وقال إن سنة الله في الكون التدرج فمن في بالأسفل يشق طريقه لأعلى، أما من بالأعلى لا يرى إلى طريقه إلى أسفل، فعلى الآباء الأغنياء ألا يجعلوا أبناءهم يبدأون من قمة الهرم، فيجب أن يتركوا الأبناء يستمتعوا بالأشياء من أسفل لأعلى ويكافحوا من أجل الوصول، فهذا يعطيهم سبب للتمسك بالحياة.


وقد تابعت الدكتورة وفاء أن الفرد صاحب النفسية السوية لا يقدم على الانتحار، بل يلتفت إلى مشاكله لحلها، فالسر للقضاء على أزمة الانتحار هو تعليم الأطفال منذ الصغر كيفية إدارة الأزمات والتخطيط لحلها، سواء كانت المشكلة نفسية أو مجتمعية، من ناحية أخرى متابعة ما يفعله الأطفال على الانترنت، وتقليل وقت الهواتف الالكترونية، ومساعدتهم على الانخراط في المجتمع وممارسة الرياضة، حتى لا يصبح العنف جزء من الشخصية، فيجب القيام بنشاطات تخرج طاقته وتنمي قدراته العقلية.

عند شعورك بأي أعراض اكتئاب أو ملاحظتها على أحد أفراد أسرتك أو أصحابك فعليك بالإسراع بطلب المساعدة، سارع بالتوجه لطبيب نفسي أو زيارة مستشفى نفسية،  فمن الصعب على الإنسان أن يحافظ على نفسه من الانهيار أمام ضغوط الحياة.