السبت 28 سبتمبر 2024

لا‭ ‬تنسْ‭..... ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬حائط‭ ‬صدّ‭ ‬ضد‭ ‬الأمراض

لا تنسْ ..... الحالة النفسية حائط صدّ ضد الأمراض

22-6-2024 | 16:23

أحمد عبدالعزيز
لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬استقرار‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قدراتنا‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬والمشكلات‭ ‬اليومية‭ ‬وكذلك‭ ‬الأزمات‭ ‬الكبيرة‭ ‬يلعب‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬العضوية،‭ ‬بل‭ ‬ويساعد‭ ‬فى‭ ‬استمرارنا‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬بنجاح‭ ‬وتمييز‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬يأتى‭ ‬تحقيقنا‭ ‬التالى‭ ..‬ يوضح‭ ‬لنا‭ ‬الدكتور‭ ‬أيمن‭ ‬العزونى‭ ‬أستاذ‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬و‭ ‬المخ‭ ‬و‭ ‬الأعصاب‭ ‬أن‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬تتحكم‭ ‬فى‭ ‬مسار‭ ‬حياتنا‭ ‬منذ‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬و‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬مراحلنا،‭ ‬فنحن‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬معظم‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬التى‭ ‬يعانى‭ ‬منها‭ ‬البشر‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬أسبابها‭ ‬اضطراب‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬و‭ ‬العاطفية‭ ‬للشخص‭ ‬المصاب‭ ‬بها‭ ‬سواء‭ ‬نتيجة‭ ‬ضغوط‭ ‬أو‭ ‬فشل‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬الأمور‭.‬ وقدر‭ ‬جرت‭ ‬أبحاث‭ ‬مؤخرا‭ ‬فى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لمناقشة‭ ‬ظاهرة‭ ‬مخيفة‭ ‬تتمثل‭ ‬فى‭ ‬انتشار‭ ‬إصابة‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬بأمراض‭ ‬القلب‭ ‬فوجد‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الأسباب‭ ‬كانت‭ ‬نفسية‭ ‬وعاطفية‭ ‬بحتة‭ ‬سواء‭ ‬نتيجة‭ ‬تشتت‭ ‬أسرى‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬استقلالية‭ ‬الأبناء‭ ‬والضغوط‭ ‬نتيجة‭ ‬فشل‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬علاقة‭ ‬عاطفية،‭ ‬لذلك‭ ‬فالعلاج‭ ‬النفسي‭ ‬شيء‭ ‬ضرورى‭ ‬جدا‭ ‬فى‭ ‬حياتنا‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬ماذا‭ ‬يريدون‭ ‬من‭ ‬حياتهم‭.. ‬وما‭ ‬وجهتم‭ ‬المقبلة‭.. ‬وهذا‭ ‬يسبب‭ ‬الحواجز‭ ‬الشخصية‭ ‬التى‭ ‬تعطينا‭ ‬فكرة‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬وتسبب‭ ‬مشكلات‭ ‬كثيرة‭ ‬لنا،‭ ‬وتكون‭ ‬حاجزا‭ ‬كبيرا‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬أنفسنا‭ ‬وتجعلنا‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬تشتت‭ ‬مستمر،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬لهدفنا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬نرجع‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬فيشعر‭ ‬الشخص‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬بأنه‭ ‬يكره‭ ‬عمله‭ ‬و‭ ‬الأشخاص‭ ‬و‭ ‬البيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭.‬ طبقا‭ ‬للدكتور‭ ‬أيمن‭ ‬العزوني،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحواجز‭ ‬الشخصية‭ ‬والطاقة‭ ‬السلبية‭ ‬تكون‭ ‬نتيجة‭ ‬التراكمات‭ ‬النفسية‭ ‬بداخلنا،‭ ‬ونعطى‭ ‬مثالا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭: ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لديك‭ ‬غرفة‭ ‬صغيرة‭ ‬فى‭ ‬منزلك‭ ‬و‭ ‬أصبحت‭ ‬تضع‭ ‬فيها‭ ‬الأشياء‭ ‬القديمة‭ ‬التى‭ ‬تسبب‭ ‬ازدحاما‭ ‬فى‭ ‬المنزل‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬ومع‭ ‬إلقاء‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائى‭ ‬داخل‭ ‬الغرفة‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬مليئة‭ ‬تماما‭ ‬وغير‭ ‬منظمة‭ ‬بالمرة‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬حتى‭ ‬تزيل‭ ‬الأشياء‭ ‬الموجودة‭ ‬بها،‭ ‬فهذه‭ ‬هى‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬تماما‭ ‬فمع‭ ‬كثرة‭ ‬التراكمات‭ ‬والمواقف‭ ‬التى‭ ‬تترك‭ ‬اضطرابا‭ ‬نفسيا‭ ‬داخلك،‭ ‬تختفي‭ ‬الطاقة‭ ‬الإيجابية‭ ‬لديك‭.‬ وللتغلب‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬التراكمات‭ ‬يقول«العزوني‮»‬‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يعد‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا‭ ‬لكننى‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬أنك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬طبيب‭ ‬نفسي‭ ‬بشكل‭ ‬يومى‭ ‬أو‭ ‬أسبوعى‭ ‬لأنك‭ ‬إذا‭ ‬قمت‭ ‬ببعض‭ ‬الأشياء‭ ‬البسيطة‭ ‬عند‭ ‬شعورك‭ ‬بهذا‭ ‬الضغط‭ ‬النفسى‭ ‬الكبير‭ ‬مثل‭: ‬الوضوء‭ ‬و‭ ‬الانتظام‭ ‬فى‭ ‬الصلاة‭ ‬والاستماع‭ ‬إلى‭ ‬الأغاني‭ ‬المفضلة‭ ‬لديك‭ ‬والتحدث‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬ترتاح‭ ‬له‭ ‬كثيرا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬تمثل‭ ‬بنك‭ ‬الأفكار؛‭ ‬لتخطى‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬نفسية‭ ‬بشكل‭ ‬فورى‭ ‬وعدم‭ ‬الاستسلام‭ ‬لهذه‭ ‬المشاكل‭ ‬لأنه‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬حدوث‭ ‬العكس‭ ‬واستسلام‭ ‬الشخص‭ ‬للضغوط‭ ‬والمشاكل‭ ‬النفسية‭ ‬تظهر‭ ‬الأمراض‭ ‬العضوية‭ ‬مثل‭: ‬ارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬واضطراب‭ ‬الجهاز‭ ‬العصبى‭ ‬والقولون‭ ‬العصبى‭ ‬ومتلازمة‭ ‬مع‭ ‬آلام‭ ‬فى‭ ‬العظام‭ ‬والإرهاق‭ ‬المزمن‭. ‬ وتقول‭ ‬الدكتورة‭ ‬لبنى‭ ‬الشباسى‭ ‬أخصائية‭ ‬الطب‭ ‬النفسى‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬إحصائية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يترددون‭ ‬إلى‭ ‬العيادات‭ ‬المختلفة‭ ‬لا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬أمراض‭ ‬عضوية‭ ‬بل‭ ‬نفسية،‭ ‬نحن‭ ‬دائما‭ ‬أيضا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬و‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬تتمثل‭ ‬فى‭ ‬الفراغ‭ ‬والشخصية‭ ‬السلبية‭ ‬والإحساس‭ ‬بالندم‭ ‬المفرط،‭ ‬هذا‭ ‬المثلث‭ ‬المرعب‭ ‬من‭ ‬السمات‭ ‬الأساسية‭ ‬للشخص‭ ‬الانطوائى‭ ‬فهو‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يشعر‭ ‬بالوحدة‭ ‬و‭ ‬عدم‭ ‬مشاركة‭ ‬الآخرين،‭ ‬فالشخص‭ ‬الانطوائى‭ ‬لديه‭ ‬برمجة‭ ‬سلبية‭ ‬دائما‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حاجزا‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الناس‭ ‬فهو‭ ‬مثلا‭ ‬يخشى‭ ‬سخرية‭ ‬الآخرين‭ ‬منه‭ ‬وهذه‭ ‬البرمجة‭ ‬السلبية‭ ‬مسئولية‭ ‬الأسرة‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬المدرسة‭ ‬والإعلام‭ ‬أيضا‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬فى‭ ‬ذلك؛‭ ‬ولمعالجة‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يجب‭ ‬تغيير‭ ‬الأفكار‭ ‬والقيم‭ ‬الراسخة‭ ‬لدى‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬الانطوائى‭ ‬ويجعل‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬شخصية‭ ‬مرنة‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬ذاته‭ ‬ويؤمن‭ ‬بنفسه‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬مشاكله‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬مثال‭ ‬بسيط‭ ‬على‭ ‬ذلك‭: ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬شخص‭ ‬لديه‭ ‬مشكلة‭ ‬فى‭ ‬التحدث‭ ‬فيجب‭ ‬عليه‭ ‬الذهاب‭ ‬لتعلم‭ ‬مهارات‭ ‬التواصل‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المشاكل،‭ ‬فالمرونة‭ ‬والمشاركة‭ ‬فى‭ ‬الأنشطة‭ ‬الجماعية‭ ‬و‭ ‬العمل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬ينقص‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬فراغه‭ ‬و‭ ‬يدفعه‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬مشاكله‭ ‬النفسية‭.‬ وتقول‭ ‬الشباسى‭ ‬إنها‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬تطالب‭ ‬المرضى‭ ‬بألا‭ ‬يستسلموا‭ ‬للضغوط‭ ‬بالإفراط‭ ‬في‭ ‬الطعام‭ ‬أو‭ ‬تقليله‭ ‬عند‭ ‬الشعور‭ ‬بالحزن‭ ‬أو‭ ‬الضيق،‭ ‬وتوضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المأكولات‭ ‬تسبب‭ ‬السعادة‭ ‬مثل‭: ‬الشوكولاتة‭ ‬والفاصوليا‭ ‬والبنجر‭ ‬الأحمر‭ ‬والكريز‭ ‬وبعض‭ ‬المشروبات‭ ‬المهدئة‭ ‬مثل‭: ‬تناول‭ ‬الينسون‭ ‬قبل‭ ‬النوم‭ ‬بساعة‭ ‬وأيضا‭ ‬الروز‭ ‬مارى‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المأكولات‭ ‬والمشروبات‭ ‬التى‭ ‬تعمل‭ ‬بدورها‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬المخ‭ ‬فى‭ ‬إفراز‭ ‬هرمونات‭ ‬ومواد‭ ‬تحسن‭ ‬الحالة‭ ‬المزاجية‭ ‬والنفسية‭ ‬للشخص‭ ‬وتخلصه‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬و‭ ‬الاكتئاب‭.‬ وأخير‭ ‬تلعب‭ ‬العلاقة‭ ‬العاطفية‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬فى‭ ‬استقرار‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬للفرد‭ ‬وتزيد‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التمتع‭ ‬بحالة‭ ‬صحية‭ ‬مستقرة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نلاحظه‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬السعيدة‭ ‬والمشاركة‭ ‬الناجحة‭ ‬والدعم‭ ‬النفسي‭ ‬المستمر‭ ‬بينهم،‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬نفسي‭ ‬وعاطفي‭ ‬والذى‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬الحالة‭ ‬الصحية‭. ‬‭ ‬